ستظلّ هوية تونس "عربية ــ إسلامية" مهما تكثّفت فيها جمعيات "الفِتَنُ" و"الطائفيّةُ" (مقدّمة قصيرة) د. مصباح الشيباني

ستظلّ هوية تونس "عربية ــ إسلامية" مهما تكثّفت فيها جمعيات "الفِتَنُ" و"الطائفيّةُ" (مقدّمة قصيرة) د. مصباح الشيباني - مرحبا أصدقاء ليس سرا مرة أخرى, في هذه المادة تقرأ هذه المرة مع العنوان ستظلّ هوية تونس "عربية ــ إسلامية" مهما تكثّفت فيها جمعيات "الفِتَنُ" و"الطائفيّةُ" (مقدّمة قصيرة) د. مصباح الشيباني, لقد أعددنا هذا المقال لك القراءة واسترجاع المعلومات فيه. نأمل أن محتويات الإعلانات المادة آخر الأخبار، نصائح صحية، والصحة، والرياضة, ونحن نكتب لكم يمكن أن نفهم. حسنا، قراءة سعيدة.

عنوان: ستظلّ هوية تونس "عربية ــ إسلامية" مهما تكثّفت فيها جمعيات "الفِتَنُ" و"الطائفيّةُ" (مقدّمة قصيرة) د. مصباح الشيباني
حلقة الوصل : ستظلّ هوية تونس "عربية ــ إسلامية" مهما تكثّفت فيها جمعيات "الفِتَنُ" و"الطائفيّةُ" (مقدّمة قصيرة) د. مصباح الشيباني

اقرأ أيضا


ستظلّ هوية تونس "عربية ــ إسلامية" مهما تكثّفت فيها جمعيات "الفِتَنُ" و"الطائفيّةُ" (مقدّمة قصيرة) د. مصباح الشيباني


   من أهمّ المصطلحات التي أصبح متداولة في التّعبيرات السّياسية لفظ "الفتنة". وأصل هذه الكلمة في اللغة العربية له معاني عديدة ولكنها سلبية. فأصلها مأخوذ من قولك: فَتَنْتُ الفِضّة والذّهب أي أذَبْتُهما بالنّار ليتميّز الرّديء من الجيّد. وفي معناها البسيط تدلّ على كل خطاب أو ممارسة من فرد أو مجموعة تعمل على  بثّ الفرقة بين الناس وجعلهم يتقاتلون ويتطاحنون. كما تعني التشكيك وإضلال الناس والوقوع في المعاصي والنفاق، واشتباه الحق بالباطل: مثلما ورد في القرآن الكريم بقوله تعالى:" والذين كَفروا بعْضُهم أوْلياءَ بعضِ إلاّ تفعلوه تَكُنْ فتنةٌ في الأرْض وفسادٌ كبيرٌ"(الأنفال، الآية 74).

  فبدلا من أن يقاتل العرب المستعمرون، يثيرونهم ليقاتل بعضهم بعضا. هذا الأسلوب الذي يجري في جبهات القتال يجري أيضا في جبهات الفكر وميادين بعض الحركات السياسية "الطائفية" التي أصبحت تنشط بشكل علني تحت مسميات وعناوين مختلفة: جمعيات ثقافية ومراكز بحوث أكاديمية بالجامعة وغيرها من الفضاءات الأخرى. ولكن في أغلب الأحيان لا يظهر قادة هذه الحركات بشكل علني ولا يكشفون عن أهدافهم الحقيقية؛ فهم يعملون على تعميم رهاناتهم الطائفية وعلى إعطائها معنى "حقوقي" مثلا باسم الدفاع عن الأقليات يتجاوز الإطار الحقيقي الذي نشأت فيه والجهات الرسمية التي تديرها من وراء البحار. ولهذا ينبغي علينا الانتباه إلى قدرة هذه الحركات ـــ في ظل تفكك مؤسسات الدولةــ على إستقطاب الشّباب العربي عبر مختلف المغريات المادية والاجتماعية وغيرها لتصبح ذات قاعدة بشرية حتى من أولئك الذين لا ينتمون إليها سواء في مستوياها العرقية أو المذهبية. أما بالنسبة إلى رعاة هذه المنظمات "الطائفية"، وأمام ما يمتلكون من شهوات القوة والسطوة والمصالح الاقتصادية والسياسية بالمنطقة العربية منذ بداية القرن العشرين، فإنّ التعبئة عبر صخب "الأقليات" ليس إلا مجرد مدخل ومرحلة تحضيرية لتعميم العنف وتفكيك المجتمع العربي على أسس طائفية ومذهبية.
 لقد تعودت الأجيال الجديدة في كثير من البلدان العربية على أن يفكر لها آخرون في كل ما يتعلق بحياتها ومستقبلها وشؤونها، وما عليها سوى السمع والطاعة في ظل ما يطلق عليها البعض بـ"فوضى الجمهور العربي".
  فمن واجبنا الوطني والعلمي والأخلاقي أن ننبّه الشباب العربي إلى خطورة هذا التيار المعادي الذي أصبح ينسج شبكته "السّرطانية" بصورة مستكينة وكامنة عبر مداخل "نفسيّة" و"ضمارئية" و"حقوقية" من أجل التطبيع مع واقع "الفتنة" العربية الجديدة.   
 وفي هذا الإطار أورد لكم هذا المقال الذي كنت قد حاولت نشره ردّا على أحد رموز هذا التيار "الطائفي" الذي عبّر عنه في أحد الحوارات بإحدى الصّحف التونسية.
                             عنوان المقال: القوميون لم يعادوا يوما الأقليات في الوطن العربي
                رد على ما ورد عن " أنيس المكني" عضو "الجمعية التونسية للثقافة الأمازيغية" تحت عنوان : "القوميون أعداؤنا وقتل كسيلة لعقبة أمر مبرَر" المنشور بجريدة حقائق العدد 156 الجمعة 12أوت 2011، ص10.)
كم نشعر بالألم عندما نقرأ في بعض صحفنا التونسية اليوم (بعد 14جانفي) بعض المقالات أو الحوارات أو نشاهد عبر الفضائيات بعض البرامج واللقاءات التي تدعو إلى سلوكيات الكراهية و"اللاَجمعية" وتضرب عرض الحائط كل المعايير والقيم الاجتماعية والدينية التي أجمع عليها التونسيون منذ آلاف السنين. فأيَة جريمة ترتكب في حق الشعب العربي ، وفي حق ثورته أكثر من التآمر على هويته من قبل "الطابور الخامس" الذي يخدم أغراض الغزاة بلبوس عربي. فهؤلاء المتآمرون "العرب ـ الفرنسيون" لا يدركون خطورة ما يقومون به . نعتقد أنهم عادوا إلى الوطن من أجل تخريب ما بناه أجدادنا وآباؤنا على مدى القرون الماضية. عادوا من أجل أن يثيروا مسائل هامشية التي لم تعد تعني أي شيئ بالنسبة إلى المواطن التونسي والذي لم يعد يفكَر أو يشكَ في أنَه قد تجاوز "الطور القبلي" باعتباره مرحلة تاريخية وبناء اجتماعي وسياسي وثقافي. لقد ولدنا ثمَ نشأنا وتربّينا على أنّنا ننتمي إلى أمّة عربية ( منذ الحروب الصليبية على الأقل) مكتملة التكوين ذات حضارة متميزة بلغتها العربية ودينها الإسلام، ونعتزَ بما أثمرته هذه الحضارة من عقائد وتقاليد وقيم وآداب وروابط تاريخية وجغرافية دعَمت وحدة مصيرنا.
فهل ثمة في واقعنا العربي أو التونسي ، اليوم، أسبابا موضوعية تدفعنا إلى البحث في مشكلة الهوية؟ هل هي من الاستحقاقات الوطنية التي يتوقَف عليها التغيير السياسي والاقتصادي والاجتماعي والقضائي والتعليمي؟ أليست هذه إحدى القضايا المفتعلة مثْل غيرها التي تطرحها بعض الأطراف الداخلية والخارجية المتحالفة ضمنا وعلانية مع المشروع الصهيوني في المنطقة العربية؟ أليس الحديث عن ما تسمى بـ "الأمازيغية" في تونس أو غيرها يندرج ضمن الدَعوة إلى "الانقسام " وتفتيت كيان الأمة بشكل يخدم المشروع الامبريالي وعلى قاعدة الإطاحة بمكتسباتنا الحضارية والتاريخية المشتركة؟
لقد كتب الباحث الفرنسي "فرانسيس بال" عميد المعهد الفرنسي للصحافة في دراسة وجهَها إلى "الجمعية الفرنسية للقانون الدولي" نشرت عام 1978 " أنَه منذ زمن طويل ودول "العالم الثالث" تشعر بالخطر المسلَط على شعوبها من خلال وسائل الدَعاية والإعلام التي تملكها وتُوجَهها القوى الاستعمارية بقصد الحفاظ على هيمنتها الدائمة فيها. وكان على رأس قائمة المخاطر تشويه حقيقة مجتمعات "العالم الثالث" وتفكيك مكوَناتها الحضارية والتاريخية وإعادة بناء ثقافتها وأفكارها وتقاليدها وقيمها لتكون على ما يتفق مع مصالح دول الغرب.
لهذا لن يتفاجأ المواطن العربي كثيرا من بعض الكتابات والمواقف والأحاديث حول موضوع "الأقليات". خاصة تلك الكتابات المرتبطة بأجندات خارجية ولا تستند إلى معطيات موضوعيَة وليست لها أيّة وجاهة للطرح  أوإستحقاقية أو راهنية للبحث فيها، والحال أنَ الأمر كله أشبه بمن يعاني من مرض القلب وتُجرى له عمليَة جراحية في المعِدة.
لكن مع ذلك نؤكَد:
أولاً: إنّ مشكلة المشكلات في دراسة أية ظاهرة اجتماعية أو سياسية هي كيف نعرف أنَها موجودة موضوعيا بالنسبة إلى الباحث أو المتحدث. بمعنى إلى أي مدى لم يتدخَل في إنشائها أو اختلاقها ولم يخطئ في معرفتها عامدا أو غير عامد. فكل من له إلمام ولو بسيط بألغاز النّفوس ومكوّنات الشخصية البشريّة يعرف أنّ اصطناع قضايا أو معارك فكرية بدون مبرّر واقعي هي اصطناع مبرّر للهروب من معارك الواقع الحقيقية والملحة. فتكون بالنتيجة عملا لا يرتقي إلى درجة من المسؤولية سوى كونه انتصارا للردّة على ما تحقّق من مكتسبات حضارية وثقافية واجتماعية في البلاد.
إنّ السّيد "أنيس المُكني" ومن يقف وراءه يصطنع مسألة الأقليات لتبرير مواقف انفصالية متخلفة ومتناقضة مع قانون التطور البشري. وهي إحدى تجليات الانتهازية الفكرية التي عادة ما تكون عبارة عن موقف معد (مصطنع) بأساليب مختلفة لخدمة أغراض أبعد ما تكون عن المجال الفكري أو الحقوقي مثلما  يدّعي صاحبنا. ونحن نعرف أن سلاح الأفكار تكون أحيانا من أقوى أسلحة التخريب التي تعتمدها بعض الأطراف لتبرير أدوارها الخائنة والتي تكشفها تحالفاتها مع القوى المعادية للوطن بدعوى الحصول على "حقوق أقلية" تدعيها لنفسها وتحاول أن تقنع بها عامة الناس. فلا يكاد يمرَ أسبوع حتى "يعاد" الحديث عن مسألة الهوية والإنتماء وكأنَها أضحت بعد 14 جانفي أمَ القضايا في تونس. لكننَا لم نجد سببًا واحدًا مقنعا لطرح هذه القضية المفتعلة سوى كونها محاولة للقفز فوق القرون الماضية( الزمن) والبحث في مؤخَرة التاريخ، بينما التاريخ لا يمكن أن يسير بمؤخّرته والعودة إلى الوراء أمر مستحيل ولو كره المعتدون!
ثانياً: إنَ هذه الكتابات الصحفية أو المواقف عبر البرامج التلفزية تندرج كلَها ضمن ما يتعرَض له الفكر القومي العربي من حملة تشويه ناتجة عن أحكام مسبقة تفتقد إلى الأساس العلمي والمعرفي، وتعبَر عن جهل تام لدى هؤلاء بأهم الكتابات القومية حول مسألة "الأقليات" في الوطن العربي. وفي هذا الإطار نفهم أهداف الحملة الإعلامية التي تتم "بأقلام المرتزقة العرب" اليوم ضد هوية الشّعب في تونس وفي الوطن العربي كله. والقصد منها محاولة من أجل إحلال هويات إقليمية ومحلية بل وقبلية بديلة عن الهوية العربية الإسلامية الجامعة لأبناء الأمة منذ آلاف السنين. وتتزامن هذه الرغبة "الاستعمارية" القديمة المتجددة مع محاولات فرض التغريب الثقافي بأشكاله المختلفة في المنطقة وزرع التناقضات بين الهويات "المصْطنعة" مع هويتنا الأصيلة التي يشترك فيها الجميع وينص عليها القانون.
إن انتماء الفرد إلى قبيلة أو جهة أو دين ــ في جميع الدّول ــ لا يلغي انتماءه الوطني أو القومي. لكن إلى أي مدى يمتد هذا الانتماء وعند أي حد تفترق المجتمعات وتتميز الحضارات فتتعدد الانتماءات؟
لهذا نقول إلى السّيد "أنيس المكني"  وغيره من رعاة "الانقسامية" الجديدة ما يلي :
1ـ إنَ الأقليات منتشرة في جميع أنحاء العالم وليست خاصية عربية. ففي أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية خصوصا نجد أقليات عرقية وعقائدية ومذهبية متعدّدة، ولكن لا يتم التعامل معها بمنطق "الانتهازية" ومحاولة إثارة "الفتنة" والعداء لوحدة المجتمع أو لتقسيم الوطن، وإنّما تعالج دائما في إطار الهوية المشتركة بينها وعبر آليات قانونية ودستورية تجرَم أي محاولة تدعو إلى التميّز عن هوية الأمة الجامعة.
2ـ هناك كثير من الوثائق المكتوبة والأحداث التاريخية والوقائع ( ليس مجال ذكرها) التي  تؤكَد لنا أنَ هذه الحملات المتواصلة تأتي في إطار الأهداف العدوانية ضد الأمة العربية من أجل تنفيذ مخطط التجزئة والمضي بها أشواطا أكثر في المستقبل، لفرض واقع إقليمي جديد وما يترتب عنه من تداعيات ونزاعات وحروب داخلية. فأوروبا الإستعمارية ، ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية، بدأت تمارس ضغوطا على المنطقة العربية والإسلامية وتشجع على خلق حركات انفصالية " قِسْرًا" من أجل إضعاف الوازع الوطني والقومي لدى الشباب العربي وحاولة فرض واقع انقسامي "جيو ـ سياسي" جديد في المنطقة.
3ـ ليس غريبا أن يكون من صلب الاهتمام الغربي الاستعماري في هذه المرحلة إنشاء مثل هذه الجمعيات من أجل استكمال المخططات العدوانية الاستراتيجية في الوطن العربي. فالطرح العلني لمسألة الأقليات اليوم لا يعبَر عن وجود قضية إنسانية متأكدة يتوقَف عليها مستقبل المنطقة، بل هي آلية ووسيلة تآمرية على منجزاتنا الثقافية والحضارية ومن أجل تهميش القضايا الحقيقية التي تنخر جسد الأمة العربية مثل التخلف والتجزئة والاستبداد.
4ـ إنَ أية محاولة لخلق فتنة على أساس العصبيات بمختلف أنواعها سوف يرفضها الشعب العربي مهما كانت القوى التي تسندها، لأنَ الأقليات في الوطن العربي مهما كانت مسمَياتها ( عرقية، إثنية، مذهبية، دينية..) معرَضة مع عامة أبناء الأمة إلى الأخطار الاستعمارية ذاتها. لهذا، فإنَ بعض الأقلام الشاذة ووسائل الأعلام المأجورة لتنفيذ هذا المخطط نعرفها وسوف يتم إخمادها كما سيتم إخماد أية فتنة وهي في مهدها. وسوف ندافع عن وطننا ونحميه من أية ممارسات عُنفية أو انفصالية مهما كان الرّداء الذي تظهر فيه أو الإنتماءات التي  تزعمها.
5ـ نقول أيضا لهؤلاء المتغربين عن أرضهم وشعبهم وثقافتهم :إنَ الإسلام لم يلغ ما صنعه التاريخ من قبله وإنَما طوَره إلى مستقبل أفضل وأكثر غنى وأكثر تقدما ومدنية وحرية وأصبح جزء من وجودها ذاته أما توظيفه السياسي فتلك قضية أخرى. إنَ هؤلاء العملاء المتآمرين يعملون اليوم جاهدين، سواء كانوا واعين أو غير واعين، باستشراء نشاطهم التخريبي تحت أسماء عديدة وغريبة مثل إسم " الجمعية التونسية للثقافة الأمازيغية".
  فكيف نفسَر الفيلسوف "أنيس المكني: "أنَ العرب غزاة وأنَهم استغلوا الدَين لنشر العربية منذ ما يسمّ الفتوحات الإسلامية". في الواقع لم نقرأ يوما حديثا  على درجة من الخطورة والمغالطة بل والجهل بالتاريخ ومحاولة تزييف حقائقه أكثر من هذا. وهو ما يؤكَد لنا فرضية التَحالف المعلن بين هذه الأقلام وأهداف "الامبريالية الحضارية" على حد تعبير عالم الاجتماع الأمريكي "فيكتور بالدريدج". هذا التحالف المعلن أحيانا والمخفي أحينا أخرى، يهدف إلى تحريض بعض شبابنا "المُغترِب"، خاصة في أوروبا، ضدَ مكتسبات هذه الأمة وتراثها الثقافي والتاريخي المشترك حتى يصل بهم الأمر إلى وصف العرب والمسلمين بـ"الغزاة" وأن التوحَد لم يكن فتحًا بل كان عدوانًا وبقي عدوانا أربعة عشر قرنا؟ وبالتَالي، فإنّ تكوين الأمة العربية في نظرهم وهو ما يلتقي مع خطاب "المشروع الاستعماري والصهيوني" ليس إلا قهرًا شاملا وصهرًا فاشلاً.
  لقد وردت عديد التناقضات في هذا النص(الحوار) أبرزها  ما يسميهم بـ"الأمازيغ" وهم منتشرون في عدة مناطق من البلاد من جنوبها إلى شمالها؛ وهو قول "صائب" باعتبار أنَ هذه المجموعات انصهرت في النسيج التاريخي والاجتماعي للمجتمع ولم تعد تشعر أو تتمثَل في مخيالها الاجتماعي أنَها ذات كيان مميَز عن المجموعات الأخرى. وهذا ما ورد على لسان صاحبنا من " أنّ عدد المتكلَمين بـ"اللغة الأمازيغية" قد تناقص إلى حد أنه في جهة السَند من ولاية  قفصة مثلا توفي آخر متحدث بالأمازيغية في السبعينيات". فنسأله كيف يمكن الحديث عن ثقافة "أمازيغية" في ظلَ غياب اللغة التي تمثَل أساس الثقافة والهوية؟. ثم أليس من السَذاجة المعرفيَة والخيانة الوطنية والقومية أن تقول بأنَ تاريخنا العربي كتبه الاستعمار؟
ففي إحدى الوثائق الصهيونية التي نشرت في فيفيري 1982 في مجلة " كيفونيم" تحت عنوان " التفتيت والتجزئة والتقسيم" (ص ص ـ50 ــ 51) والتي تصدرها "المنظمة الصهيونية العالمية" تحت عنوان "إستراتيجية إسرائيلية للثمانينات" وقد نشرت باللغة العبرية وترجمت إلى العربية . من أهم النقاط التي وردت في هذه الوثيقة تؤكَد "أنَ الاعتراف الرَسمي بالأمازيغية كلغة ثانية بجوار اللغة العربية في المغرب العربي هي خطوة أساسية لابد من التخطيط لها".
وفي سنة 1994 أسَس المدعو "بلقاسم لوناس" ما سمي بـ"المؤتمر الأمازيغي العالمي" على وزن "المؤتمر اليهودي العالمي" ويدعو إلى تحرير ما يسمى بـ"البربر" من الاستعمار العربي فتتلقَفه مؤسَسات يهودية بأوروبا بالدّعم والمساندة المادية والبشرية. فإذا بها تفتح المجال لهؤلاء المتآمرين والمأجورين من القوى الغربية الاستعمارية تحت غطاء عمل جمعياتي ومن أجل الإيحاء بأنَهم حمَال قضايا في حين أنَ خطابهم الغوغائي المضللَ يكشف أنَهم  أخطر الأعداء على هذا الوطن.
كما تضمَنت الخطة الأمريكية الخماسية: 2008ـ2013 الدَعوة صراحة إلى تكثيف الضغط على تونس وتمويل جمعيات وأندية ومراكز بحث ووسائل إعلام وجامعات ومؤتمرات" وهو ما جاء على لسان السيد " أنيس المكني" أيضا  كخطوة أولى "لشراء" مواقفها أو على الأقل ضمان صمتها وتواطئها على ما هو قادم من القرارات التي توجب على تونس مبدأ إقرار "الأمازيغية" أو "الشلحة" كلغة ثانية مطلع 2013. كلَ ذلك تمَ بالتنسيق بين "المؤتمر الأمازيغي العالمي" و"اللوبي الصهيوني" مقابل أن يقدَم له المساعدات المالية والتسهيلات الإعلامية....الخ من أجل أن تصبح المسألة على درجة من الحقيقة في الوعي والمخيال الاجتماعيين.
 أوردنا بعض الحقائق والوثائق حتى يكون المواطن في تونس وفي الوطن العربي على بيَنة من تلك الأفكار الاستعمارية وحتى يُفشِل مخططاتها، لأنّه إذا لم ننتبه إليها قد تتحوَل هذه الأفكار إلى اتفاقيات أو معاهدات ووثائق ملزمة وحاكمة. وتاريخنا المعاصر مليئ بمثل تلك المخططات انطلاقا من اتفاقية  "سايكس بيكو" عام 1917 مرورا بـ"وعد بلفور" حول تقسيم فلسطين سنة 1947 وصولا إلى "معاهدة السَلام" بين مصر والكيان الصهيوني سنة 1979 . لهذا نؤكد أنَ كلَ هذه المعاهدات تبدأ أفكارًا وتنتهي استعمارًا. وما حدث لفلسطين يمكن أن يحدث ومازال احتمال حدوثه قائما لأي قطر عربي إذا ما استسلمنا إلى مخططات هذه القوى الاستعمارية وعملائها الرجعيين والمستأجرين.  
ستبقى أمتنا أمَة عربية واحدة ذات حضارة عربية إسلامية عظيمة، وذات مصير واحد وسيهلك الشّاردون. هذا أمر لاشك فيه. فـ"الإسلام كان نورًا والتكوين القومي كان تقدمًا"(د.عصمت سيف الدولة). ولن نستسلم للغزاة الذين يريدون أن يسلبوا أرضنا أو يشوَهوا تاريخنا وحضارتنا مثلما فعلوا ومازالوا يحاولون.
وهذه الجمعيات التي ظهرت باسم التَباكي على حق الأقليات في الوطن العربي في الاعتراف بخصوصياتها الثقافية والعرقية والمذهبية، ليست في واقع الأمر إلاَ أداة لتفكيك النسيج المجتمعي العربي والتبشير بالتطبيع العملي لحالة الانقسام مثلما حدث في العراق والسَودان وما نشاهده يحدث اليوم في ليبيا دليل على ما نحن قائلون. فهي من صنع "الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية" (USAID) التابعة إلى المخابرات الأمريكية التي تقوم بتأطيرها وتمويلها.

فإذا كانت هذه الحركة "الجمعياتية" المشبوهة تريد الحرية لهذه الأقليات مثلما يدَعي أعضاؤها، فهل أن الحرية تكون من خلال طمس الهوية ومنجزاتها الحضارية والتاريخية؟ وهل الحرية تساوي الاستغراق في "قضايا" لا علاقة لها بالواقع والتنكَر لمشاغل الجماهير وهمومها الحقيقية؟


وهكذا المادة ستظلّ هوية تونس "عربية ــ إسلامية" مهما تكثّفت فيها جمعيات "الفِتَنُ" و"الطائفيّةُ" (مقدّمة قصيرة) د. مصباح الشيباني

هذا هو كل المقالات ستظلّ هوية تونس "عربية ــ إسلامية" مهما تكثّفت فيها جمعيات "الفِتَنُ" و"الطائفيّةُ" (مقدّمة قصيرة) د. مصباح الشيباني هذه المرة، ونأمل أن توفر فوائد لكم جميعا. حسنا، أراك في وظيفة أخرى المقال.

كنت تقرأ الآن المقال ستظلّ هوية تونس "عربية ــ إسلامية" مهما تكثّفت فيها جمعيات "الفِتَنُ" و"الطائفيّةُ" (مقدّمة قصيرة) د. مصباح الشيباني عنوان الرابط https://notscrets.blogspot.com/2018/04/blog-post_448.html

Subscribe to receive free email updates:

0 Response to "ستظلّ هوية تونس "عربية ــ إسلامية" مهما تكثّفت فيها جمعيات "الفِتَنُ" و"الطائفيّةُ" (مقدّمة قصيرة) د. مصباح الشيباني"

إرسال تعليق