عنوان: الحرب العالمية الثالثة بين قوة الجبابرة وعزائم الرجال! محمد عبد الحكم دياب
حلقة الوصل : الحرب العالمية الثالثة بين قوة الجبابرة وعزائم الرجال! محمد عبد الحكم دياب
الحرب العالمية الثالثة بين قوة الجبابرة وعزائم الرجال! محمد عبد الحكم دياب
ا
لعالم يمر بحالة من العنف والفوضى غير مسبوقة، وفي نطاق «لعبة الأمم» الحالية بدت كوريا الشمالية لاعبا له وزنه رغم صغر المساحة وقلة عدد السكان، مقارنة باللاعبين الكبار، الولايات المتحدة والصين وروسيا واليابان والهند، فمساحة هذه الدولة الصغيرة لا تتجاوز 120 ألف كم²، ويقدر عدد سكانها بحوالي 24 مليون نسمة.
وتقع إلى الشرق من القارة الآسيوية، وهي جزء من شبه جزيرة كوريا، وتقع الصين في شمالها الغربي، وروسيا الاتحادية في شمالها الشرقي، ويفصِلها كل من بحر اليابان ومضيق كوريا اليابان عن باقي شبه الجزيرة الكورية، وبحر الصين يفصل شبه الجزيرة الكورية عن تايوان (أو جزيرة فورموزا).
والحكم فيها أكثر حديدية وأشد بأسا، وتبدو سياسات رئيسها غرائبية، وبدت تصرفاته غير مفهومة، مع أن هناك من ولاة أمورنا نحن العرب من هو أكثر غرائبية منه، والفرق بينهم وبينه أنه «يملأ الدنيا ويشغل الناس»، بسبب سعيه ودأبه على امتلاك أسباب القوة، بما فيها القنابل النووية والصواريخ الباليستية، وامتلكها بالفعل، أما نحن فنفعل العكس، نقلم أظافرنا بأيدينا، وننزع أسناننا بأنفسنا، ونبرر ضعفنا ونستجدي الحماية من غيرنا ونطلب رخصة البقاء والأمان من الصهاينة، وما زلنا مرتعا للنهب وعلى قوائم الإبادة، العرقية والحضارية والثقافية، ونُجرّد أنفسنا طواعية من القوة، ونشجع من يجردنا منها، ونمول الغزوات الزاحفة إلينا ونمكنهم من الاستيلاء على أراضينا وثرواتنا برضانا، ومن تشريد أبنائنا وتفتيتهم وحرمانهم من خيرات بلادهم!!.
وأقل وصف لهذه التصرفات أنها خليط بين «سادية عامة» ومازوخية خاصة»، من النادر أن توجد في مكان آخر خارج «القارة العربية». وهؤلاء في الوقت نفسه يتفانون في خدمة المنكلين بهم ويستأسدون على ضعفائهم، وعلى الرغم من النزوع الكوري الشمالي نحو القوة، منذ حكم الزعيم المؤسس «كيم إيل سونج»، جد الحاكم الحالي، كيم يونج أون. فإن مجمل السياسة العربية على النقيض من ذلك حتى أنها أسست لما يمكن تسميته «الدونية السياسية» كأساس لبناء علاقات إقليمية ودولية غير متكافئة.
في الشهور الأخيرة يدور الحديث بيننا، مجموعة صغيرة من زملاء وأصدقاء، تلتقي بانتظام قدر المستطاع من أجل تبادل الرأي حول الظروف الخاصة والهموم العامة، وطوال هذه الشهور كان الحديث الرئيسي عن «الحرب العالمية الثالثة»، مع شعور بأن كثيرين لا يعطونها اهتماما كافيا، مع أنها حديث الصحافة وأجهزة الإعلام الغربي والعالمي، وزاد اهتمامها بعد تصريح ثعلب السياسة الأمريكية هنري كيسنجر في تشرين الثاني/نوفمبر 2011 في حوار أجرته معه صحيفة «ديلي سكيب» الأمريكية قال فيه، من لم يسمع طبول الحرب فهو أصم. وتنبأ بنتيجتها مسبقا، ليكون الانتصار الحاسم من نصيب الدولة الصهيونية، ومهمة جيشها إبادة أكبر عدد من العرب، ومهمة الولايات المتحدة هي حشد إمكانياتها وقيادة حلفائها وتجنيدهم من أجل ذلك النصر، بعد ذلك القول اشتعلت «القارة العربية» ولم تخمد حرائقها بعد.
وندعي أن فكرة حرب من هذا النوع كانت كامنة بداية من سقوط حائط برلين، وتعززت بانهيار الاتحاد السوفييتي السابق، وسيطرت على السياسة الغربية بعد تلاشي كتلة أوروبا الشرقية وحلف وارسو، ولم يجد الغرب مَن يناوئه فنشط في تصفية «الدول المارقة» من وجهة نظره، ورأينا على الشاشات الأوروبية كيف دُمرت الأسلحة السوفييتية وإذلال روسيا، على مرأى ومسمع من العالم، وكيف تفتت وسط أوروبا واختفت يوغوسلافيا الاتحادية من خرائط الدنيا، وقامت على أنقاضها كيانات أخرى، دول وأوطان وأمم، وبذلك أنجزت الحرب الباردة ما عجزت عنه أسلحة الدمار الشامل، وتخلص الغرب من الاتحاد السوفييتي السابق، عدوه الأول والأكبر، واستدار إلى عدو آخر.
ولم تَقنع الحركة الصهيونية بما تحقق لها، وأرادت أن يكون لها النصر كله، وعملت على تصفية الحساب مع كل من حمل مبادئ التحرير والوحدة والعدالة الاجتماعية والاكتفاء الذاتي، وبدأ تطهير «القارة العربية»، من التيارات المعادية لها، ومِن كل من ينظر إلى الصراع العربي الصهيوني، كصراع وجود لا صراع حدود، ومعنى ذلك تصفية حركات المقاومة الفلسطينية ثم اللبنانية، وكل الجماعات والقوى المؤمنة بها والمؤيدة لها، التي لم تفقد بوصلتها.
وكانت الفرصة قد تهيأت لتنفيذ مشروع «برنارد لويس» التقسيمي. وإن كان الاستنزاف الغربي والدولي قد أرهق الكتلة السوفييتية وأسقطها، فإن التعامل مع «القارة العربية» اختلف، وحل الغزو المباشر بديلا لذلك الاستنزاف، وحين جاء الدور على سوريا واجهت غزوا من نوع مختلف، فتحولت ساحتها إلى ميادين لحروب مذهبية وطائفية وانعزالية، قامت بها ميليشيات من كل الألوان والأشكال ومن أرجاء المعمورة!!
وحين نعود مرة أخرى إلى حديث كيسنجر، نجده لم يشر لكوريا الشمالية، وركز على روسيا والصين، وحدد لحظة اندلاع تلك الحرب الكونية بلحظة إفاقة روسية وصينية من الغفلة، وركز على أن المنتصر فيها «قوة واحدة هي إسرائيل وأمريكا» حسب ما ورد في حواره بالنص.. وكشف بذلك عن طبيعة الوحدة العضوية بين الحركة الصهيونية والولايات المتحدة، وبناء على ذلك تطور مفهوم التوسع الصهيوني، فبجانب الحرص على نصيب الأسد يريد له أن يكتمل كمشروع امبراطوري، وقد أشرنا إلى ذلك مرارا وتكرارا، وقلنا أنه بعد أن ضاقت «أرض الميعاد» المفترضة على أن تكون من الفرات إلى النيل، زادت الأطماع الإمبراطورية الصهيونية، وتتمدد فيما بين الخليج والمحيط.، وهذا هو البعد الصهيوني في تلك الحرب الكونية.
إلا أن القوة الاقتصادية والعسكرية المتسارعة للصين غيرت الأولويات الصهيونية وظهيرها الأمريكي، وأضحى كبح «التنين الأصفر» قبل أن تستفحل قوته، ويخرج عن السيطرة له الاعتبار الأول، وتبعا لذلك تراجع استهداف «القارة العربية» نسبيا، وبدأت مساع دولية وإقليمية في اتجاه التهدئة المؤقتة، على أمل أن تكون «القارة العربية» رديفا وممولا رئيسيا إذا ما وقعت الواقعة، واندلعت المواجهة ضد روسيا والصين وإيران، والقوى الدائرة في فلكهم، وتستمر كوريا في لعب دور «الولد الشقي»، المكلف بمناوشة الكبار!
وكما اعتاد بعض «شيوخ العرب» على بذل الغالي والنفيس لنصرة الحركة الصهيونية وظهيرها الأمريكي، وهم يعودون دائما بخفي حنين، ومن المتوقع أن يكون العرب وقود هذه الحرب، وكان عليهم اتخاذ موقف الحياد ولا يكررون مآسي غزو العراق، وتدمير سوريا، وتمزيق ليبيا، وإغلاق الملف الفلسطيني، بعيدا عن ترتيبات التسويات التي تطبخ الآن على نار هادئة!
وبقي حوارنا معلقا على محورين بديا متناقضين في النظرة إلى تلك الحرب الكونية، محور الحساب الرياضي والاقتصادي، وحساب الإرادات وعزائم الرجال، ومن الممكن المزاوجة بينهما، فلا تُهمل حسابات الأولى، ولا نستبعد حسابات الثانية، وكثيرا ما أثبت التاريخ أن الإرادات القوية والعزائم الصادقة والتضحيات الجمة، تعوض النقص في العدة والعتاد، وكثيرا ما تُحيد القوة التدميرية للأسلحة الفتاكة، وتُسبب تحولات كبرى في كثير من بلدان العالم، وتُفسح الطريق أمام قوى جديدة فتزيح القوى القديمة وتحل محلها
وهكذا المادة الحرب العالمية الثالثة بين قوة الجبابرة وعزائم الرجال! محمد عبد الحكم دياب
هذا هو كل المقالات الحرب العالمية الثالثة بين قوة الجبابرة وعزائم الرجال! محمد عبد الحكم دياب هذه المرة، ونأمل أن توفر فوائد لكم جميعا. حسنا، أراك في وظيفة أخرى المقال.
كنت تقرأ الآن المقال الحرب العالمية الثالثة بين قوة الجبابرة وعزائم الرجال! محمد عبد الحكم دياب عنوان الرابط https://notscrets.blogspot.com/2017/08/blog-post_1644.html
0 Response to "الحرب العالمية الثالثة بين قوة الجبابرة وعزائم الرجال! محمد عبد الحكم دياب"
إرسال تعليق