عنوان: مونتغومري وات».. المستشرق البريطاني غير المنحاز توفيق المديني
حلقة الوصل : مونتغومري وات».. المستشرق البريطاني غير المنحاز توفيق المديني
مونتغومري وات».. المستشرق البريطاني غير المنحاز توفيق المديني
الكتاب:مونتغومري وات والدراسات الإسلامية
الكاتب:د.هيثم مزاحم
الناشر: جداول للنشر و الترجمة و التوزيع، بيروت لبنان ،الطبعة الأولى، تشرين الثاني/نوفمبر 2018
رغم أنّ معظم الدارسين الأكاديميين الغربيين اتسمت دراساتهم عن الإسلام ، وعن شخصية النبي محمد ،بخدمة التبشير والاستعمار،حيث تشكلت صورة النبي محمد في الوعي الغربي المسيحي ، ومن ثم في المخيال الاستشراقي من مصدرين : الأول هو الروايات البيزنطية عن الإسلام و النبي وما كتبه رجال الدين المسيحيون المؤدلجون،من مادة مزورة ومشوهة، بدافع الكراهية والانتقام، أما المصدر الثاني فكان التواصل الشخصي مع المسلمين في أثناء الحروب الصليبية،فإنّ مونتغومري وات رجل الدين الإنغليكاني من اسكتلندا(1909-2006) تخصص في الإسلام،وألّف كتابًا عن سيرة النبي في جزئين ،«محمد في مكة»Mohammad At Mecca سنة1953،و«محمد في المدينة» Medina Mohammad At سنة 1960،حيث اتسمت دراستة بالموضوعية والشمولية والعمق، ويعتبر أهم كتاب عن السيرة النبوية في الغرب والشرق على حدِّ سواء.
ويعتبر عمل مونتغومري الاستشراقي بعيدَا عن الأحكام النمطية المسبقة التي عرفها الاستشراق الغربي ،والمناهج التاريخية العادية، فدشن منهجًا جديدًا في دراسة سيرة النبي محمد والإسلام، هوالمنهج الاقتصادي- الاجتماعي،حتى إنّ كثيرين ظنّوه في البداية من ذوي الاتجاه اليساري،الذي يزعم أتباعه أن«التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية» هي التي تنتج الأشخاص و الأديان.
وكانت صورة النبي محمد في الوعي الغربي في القرون الوسطى تتلخص بأنه قائد بدوي عربي، يتمتع بصفات البداوة من غزو واستيلاء على أراضي غيره، وما ادعاؤه النبوة إلا لتبرير سطوته وإشباع نزواته النفسية و الجنسية، أوأنه مهرطق ارتد عن المسيحية ليؤسس دينا اسمه الإسلام(حسب ما جاء في مقالة آرثر جفري،«بحثًا عن محمد التاريخي »، ترجمة مالك مسلماني، و المنشورة في موقع muhammadanism).
لقد بدأت التبدلات الجوهرية على تصور الغرب للنبي محمد مع سيطرة المناهج النقدية والتاريخية و الفيلولوجية في أوروبا.و بدا ذلك جليًا في كتاب وليم موير عن«حياةمحمد» بين سنتي 1857و1861،ومن ثم دراسة تيودور نولكده لتاريخ القرآن 1860.وبعد ذلك كُتب كثير من الدراسات عن سيرة النبي محمد وعن القرآن بينها كتاب كانون سل،«حياةمحمد»،وأعمال آرثر جفري عن القرآن والنبي محمد صلّى الله عليه وسلّم بين سنتي 1937 و 1952. وامتدت هذه المرحلة إلى أنظهر المستشرق البريطاني ولياممونتغومري وات على السيرة النبوية في جزأين:«محمدفي مكة»، و«محمد في المدينة».
يعد كتاب الدكتور هيثم مزاحم:«مونتغومري وات والدراسات الإسلامية»، عملاً بحثيًا كبيرًا عن آخر المستشرقين الكلاسيكيين ،الذي يعتبر منصفًا للإسلام، ومتعاطفًا مع نبيّه محمد إلى حدِّ كبيرِ.ويقع هذا الكتاب الذي هوعبارة عن رسالة لنيل شهادة الدكتوراه التي أشرف عليها الدكتور رضوان السيد، في 333صفحة من القطع الكبير، ويتكون من مقدمة واثني عشر فصلا وخاتمة.
وقد هدف الباحث هيثم مزاحم من خلال القيام بهذه الدراسة التاريخية المعمقة عن المستشرق الأسكتلندي، والمفكر واللاهوتي العميق،مونتغومري وات ،من دون أن يشكل اعتقاده باللاهوت المسيحي عائقًا معرفيًا في فهم الإسلام وفي تقبله واعتقاده بصدق النبي محمد وصحة الوحي القرآني، إلى تحقيق عددِ من الأهداف:
1-دراسة ظاهرة المستشرق مونتغومري وات وتأثيرها في الدراسات الاستشراقية و الغربية عن الإسلام، وفي الحوار الإسلامي- المسيحي، خصوصًا أن وات من اللاهوتيين البروتستانت الذين يقبلون نبوة محمد، ولا يرفضون إمكانية نزول وحي عليه على غرار أنبياء العهد القديم.
2-عرض أهم تمايزات وات التي قدمها في سيرة النبي، أوالاتهامات التي فندها عن النبي محمد و التي أثارها من قبله الكثير من المستشرقين، وكذلك الشبهات التي أثارها وات في بعض المسائل من سيرة النبي.
3-دراسة واقع الاستشراق الحالي الحديث و اتجاهاته ومآلاته في ظل تراجع الاستشراق الكلاسيكي، وهجمة الاستشراق التصحيحي Revisionismعلى الإسلام و القرآن و النبي محمد و على الاستشراق التقليدي.
4-التعريف بأهمية الاستشراق التقليدي عموما، والمستشرق وات خصوصل، في الدراسات الإسلامية من نشر وتحقيق بعض الكتب و ترجمتها الى اللغات الغربية،وتغيير الصورة النمطيةالغربية عنالإسلام و النبي محمد التي سادت منذ القرون الوسطى، وحتى بدايات القرن العشرين، والتي عادت لتسود ساحةالدراسات الغربية عن الإسلام و النبي محمد و القرآن في الاستشراق الجديد منذنهاية السبعينيات من القرن العشرين .
5-تقييم ونقد التطرف والغلو الإسلاميين و العربيين في نقد الاستشراق والمستشرقين وربطهم دومًا بغايات تبشيرية و استعماراتية ومؤامراتية منخلال إظهار صورة لمستشرق بريطاني و لا هوتي مسيحي، أنصف القرآن والنبي والإسلام،مما يدعوه لإنصافه وإنصاف أمثاله من شخصيات الاستشراق الموضوعيين والعلميين.
حول مفهوم الاستشراق
يوضح الباحث هيثم مزاحم بشكل مكثف مصطلح الاستشراق، من خلال التحديد التالي،فكلمة: «مستشرق» مشتقة من مفردة «شرق»، وتعني: «أولئك الذين يدرسون الشرق / المشرق ويصبون إليه»، أو «أولئك الذين يصبحون (مثل) الشرقيين / المشرقيين»، فكلمتا «مشرق» و«مشرقيون» (Orient / Orientals) تنحيان لأن تكون لهما دلالة معنوية أكثر من كلمتي: «الشرق» و «الشرقيين» (East / Easterns). وبالنتيجة، تحمل كلمة: «مستشرقون» معنّى أوسع مما يحمله المصطلح الغربي الحالي (Orientalists)، أي: «العلماء المتضلعون بالدراسات الشرقية». استُخدم مصطلح: «المستشرق» أول مرة بالإنكليزية سنة 1779م، وبالفرنسية سنة 1799م، وأصبح مصطلح «الاستشراق» (Orentalism) المعنى الأوسع «للتوجّه نحو الثقافة الشرقية»(صفحة 23من التمهيد ).
مع بدء استخدامه في القرنين التاسع عشر والعشرين، كان لمصطلح المستشرق معنى ثقافي وعلمي على حدٍّ سواء. فالمستشرقون الثقافيون، ومن ضمنهم الرسامون والكتَّاب، هم أولئك الذين يستمدون إلهامهم من الشرق. أما المستشرقون العلميون فهم المتخصصون باللغات والثقافات الشرقية، لتمييزهم عن المختصين باللغات والثقافات الكلاسيكية (اللاتينية واليونانية). وحتى نهاية القرن التاسع عشر، كان مصطلح «المشرق» (Orient ) يمثّل الشرق الأدنى تحديداً، ولكنه كان يتضمن ما تبقى من الإمبراطورية العثمانية، وعند الفرنسيين، شمالي أفريقيا أيضاً. وخلال القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، توسع نطاق مفهوم المشرق ليشمل آسيا كلها. وحتى بداية الحرب العالمية الثانية، كان الاستشراق يدل في معناه الأوسع على اتجاه ثقافي محدد في أوروبا وأميركا الشمالية، وكان يعني في معناه الضيق دراسات شرقية تجريبية.
الدراسات العربية في أوروبا
يستشهد الباحث هيثم مزاح في تحليله لتاريخ حركة الاستشراق بالكاتب فوك يوهان ، الذي يرى أن الاهتمام الأوروبي بالدراسات الإسلامية والعربية بدأ في القرن الحادي عشر ميلادي، إثر الحملات الصليبية على العالم الإسلامي (1096 – 1143م) حيث صدرت أول ترجمة لاتينية للقرآن في العام 1143م (ترجمة روبرتوس) حيث كانت بداية الترجمات من اللغة العربية إلى اللاتينية واللغات الأوروبية، تهدف لخدمة الطموحات التبشيرية المسحية من جهة، ونقل التراث الإسلامي واليوناني في الفلسفة والعلوم الطبيعية والرياضيات والفلك والطب إلى أوروبا من جهة أخرى. وبدأت الدراسات الجادة للغة العربية في أوروبا، وبلغت ذروة ازدهاراها في إسبانيا أيام تيار الإنسانية الإسباني المبكِّر، وقدمت الحرف المطبعي العربي في مطبعة العالم التي أسسها فيرويناند فون ميديشي، في ثمانينات القرن السادس عشر ميلادي، حيث طبع كتاب: «القانون» لابن سينا كأول كتاب بالأحرف العربية، وتتالت بعده طباعة الكتب العربية.
وكانت هذه الترجمة اللاتينية للقرآن ضعيفة وغير أمينة، واعتمدت لأسباب تبشيرية، ولم تنشر إلا بعد أربعة قرون، حيث بقي مضمون القرآن مجهولاً في أوروبا لقرون طويلة، إلى أن جاءت ترجمة كيتينيسيس. وقام بيبلياندر بطبع ترجمة روبرتوس بعد انقضاء أربعة قرون، ومنها خرجت أقدم أول ترجمة إيطالية للقرآن (أريفابيني في سنة 1547م) وتتالت الترجمات إلى اللغات الأوروبية الأخرى، ففي سنة 1616م ترجم القرآن إلى الألمانية عن الإيطالية، ونقل من الألمانية إلى الهولندية سنة 1614م. ولم تتوار ترجمة روبرتوس عن الأنظار إلى بعد ظهور النسخة الإيطالية التي ترجمها ماراتشي سنة 1698م والتي تميزت بالدقة والأمانة.
وكان للاهتمام الذي أولته حركته الإصلاح الديني في أوروبا لدراسة الكتاب المقدس لغاته الشرقية أثره الإيجابي على الدراسات العربية أيضاً، لكن الأهداف السياسية والاقتصادية الأوروبية في صراعاتها وعلاقاتها مع العالم الإسلامي، كانت العامل الأكبر في إذكاء الاهتمام باللغة العربية، حيث وضع المعجم العربي الذي لم يكتمل في القرن الثاني عشر ميلادي، والذي يعتقد أن احد الرهبان قد وضعه ليكون عوناً في عمليات التبشير.
ويستمر الباحث هيثم مزاحم ، باعتماده على مرجعية كتاب «تاريخ حركة الاستشراق» للكاتب فوك يوهان ، في عملية التحقيب التاريخي للاستشراق ، حيث انتزعت هولندا زمام المبادرة في الدراسات العربية مع بداية القرن السابع عشر لمدة تقارب القرنين. فقد عرف الهولنديون أهمية الاستشراق نتيجة توسع تجارة بلادهم مع الهند، ولمسوا فوائد معرفة اللغات الشرقية ومنها العربية، حيث قام توماس أربنيوس بدراسة العربية والتعمق فيها، حتى تمكن من وضع مختصر لقواعد اللغة العربية في إطار منهجي منظم سنة 1597م. وفي عام 1617م ترجم ونشر كتاب: «الجرومية والمائة عامل» للجرجاني. وقد حققت إنجازات أربينوس لهولندا قفزة جبارة في حقل الدراسات العربية، بحيث أثارت حسد الدول الأوروبية الأخرى، فبدأت تعمل للحاق في الركب مجدداً. وكُلِّف بعض العرب المقيمين في باريس بترجمة مؤلفات عربية وكلدانية، وترجم السفير الفرنسي في مصر أندريه دوريه القرآن إلى الفرنسية سنة 1647م. وفي روما أيضاً تواصلت العناية باللغة العربية تمشياً مع تطلعات الكنيسة، حيث نشر الراهب الفرنسيسكاني موريتيلوتوس كتابه الجامع المسمَّى: «قواعد اللغة العربية»، حيث ناقش للمرة الأولى قواعد العربية بشكل مفصل.
وفي إنكلترا كذلك، جرت مزاولة العربية لهدف لاهوتي بداية، حيث نشر جوهن سيلدان مقطعاً من تاريخ ابن البطريق حول منشأ الكنيسة الإسكندرانية في سنة 1642م. وتتالت بعده الترجمات للكثير من الكتب العربية على أيدي المستشرقين الإنكليز، خصوصاً المستشرق إدوارد بوكوكيوس (1604 – 1691م) والذي شغل كرسي اللغة العربية في جامعة أوكسفورد، وكاستيليوس (1606 – 1674م) الذي شغل المنصب ذاته في جامعة كامبريدج. ففي العام 1650م طبع أول كتاب بأحرف عربية في أوكسفورد وهو: «لمع من أخبار العرب» وتميز نشره بتشدد علمي فائق. وفي سنة 1655م أصدر بوكوكيوس عدة فصول من شروح «المشنا»ن (شروح التوراة) لابن ميمون بالعربية وترجمة باللاتينية. أما في ألمانيا فكان الاهتمام باللغة العربية خلال القرن السابع عشر أقل بكثيرمما عليه في هولندا وإيطاليا أو فرنسا أوإنكلترا،وكانالمهتمون من رجال اللاهوت في الغالب.
منهج وليام مونتغومري وات في دراسة السيرة النبوية
في الفصل الثاني من الكتاب، ركز الباحثى هيثم مزاحم على دراسة منهج وات في دراسته لسيرة النبوي محمد،حيث يقول المستشرق مونتغوي وات: إن الدارسين للإسلام، وبخاصة المهتمون منهم بالتاريخ، يشعرون بالحاجة إلى صياغة جديدة لحياة محمد، وإن ذلك لم يكن لاكتشافهم مادة جديدة، وإنما لتغيير اهتمامات المؤرخين واتجاهاتهم خلال نصف القرن التاسع عشر، فقد أصبحوا أكثر وعياً خاصة بالعوامل المادية التي يقوم عليها التاريخ. وهذا يعني أن المؤرخ من منتصف القرن العشرين يريد أن يسأل أسئلة كثيرة عن الخلفية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للحركة التي بدأها محمد، مع عدم إهمال الجوانب الدينية والفكرية للحركة أو التقليل من شأنها. ويرى وات أنه حتى أولئك الذين ينكرون – وهو منهم – أن هذه العوامل هي وحدها التي تحدد مجريات الأحداث، يعترفون بأهميتها. ويوضح أن السمة الخاصة لسيرة محمد التي كتبها هي أنها لا تنقب في المصادر المتاحة بدقة أكثر فحسب، بل إنها تعطي اهتماماً أكثر لهذه العوامل المادية، وتحاول الإجابة عن أسئلة لم تثر من قبل.
وهكذا نجد وات يبدأ دراسته لسيرة النبي محمد في كتابه: «محمد في مكة» بدراسة البيئية الجغرافية العربية والمجاورة، التي نشأت فيها دعوة محمد، وكذلك الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في مكة والجزيرة العربية، والظروف السياسية في المنطقة العربية ومحيطها، ومن ثم درس الحياة الدينية للعرب قبل الإسلام(ص 49 من الكتاب).
يقول وات إن المستشرق ليون كايتاني Leone Caetani عندما كتب عن محمد في كتابه «ِAnnali dell’Islam» الذي نشر عام 1905م، لم يكن قد اطَّلع على مجموعة ابن سعد لتراجم المسلمين الأوائل في كتابه: «الطبقات الكبرى».
مصادر السيرة لدى وات:
اعتمد المستشرق وات في دراسته الشاملة والمعمقة للسيرة النبوية على المصادر الإسلامية الأساسية (القرآن الكريم، والسنة النبوية، وكتب السيرة والتاريخ الإسلامي)، مستعيناً ببعض الدراسات الغربية للمستشرقين الذين سبقوه، وخصوصاً ترجمة معاني القرآن لأستاذه ريتشارد بل، ودراسات المستشرق الألماني الكبير نولدكه عن تاريخ القرآن.
يقول وات في تمهيده لكتابه: «محمد في مكة»: «لقد حاولت المحافظة على الحياد في المسائل اللاهوتية التي يدور حولها النقاش بين المسيحية والإسلام، فمثلاً، لتجنب الجزم بما إذا كان القرآن كلام الله أم لا، فقد تحاشيت استخدام التعبير «يقول الله» أو «يقول محمد» واستخدمت التعبير «يقول القرآن»، ومع ذلك فإنني لا أتبنى المنظور المادي بحجة التزامي بالنزاهة التاريخية، فأنا أكتب كمؤمن بالتوحيد».
يوضح وات أن المنهج الذي اتبعه يتضمن نظرة جديدة عن علاقة المادة التاريخية التقليدية بالقرآن، حيث كان سائداً لفترة التأكيد على أن القرآن هو المصدر الأساسي للفترة المكية، وهو لا شك معاصر لهذه الفترة. ولكن المستشرق يرى أن القرآن، إذا استبعدنا صعوبة تحديد الترتيب الزمني للأجزاء المختلفة فيه (ترتيبه حسب تاريخ النزول) وعدم وضوح كثير من النتائج المتعلقة بذلك، لأنه نزل منجماً ومفرقاً، فهو لا يعطي لنا الصورة الكاملة لحياة محمد والمسلمين في الفترة المكية.
و ويرى الباحث هيثم مزاحم أن المستشرق وات اعتمد المنهج التحليل التاريخي الذي يقوم على دراسة القرآن والإسلام وسيرة النبي محمد من خلال إعادة ترتيب سور القرآن بحسب نزولها، وفضل الآيات المكية عن تلك المدنية، وترتيبها وفق المعيار الذي قدمه المستشرق الألماني تيودور نولدكه في كتابه: «تاريخ القرآن»، حيث درس الآيات الطوال وقارنها بالروايات التقليدية عن أسباب النزول، فوجد أن السور المجمع على نزولها آخراً، تحوي آيات طوالاً في الغالب. وبناء على هذا المعيار، رتب نولدكه سور القرآن في أربع فترات زمنية، ثلاث مراحل مكية ومرحلة مدنيه. كما يستعين وات بدراسة أستاذه ريتشارد بل عن تسلسل نزول آيات القرآن، خصوصاً بما يتعلق بالحقبة المدنية.
إذاً، المصدر الأول الذي رجع إليه وات هو القرآن، من خلال ترجمة معاني القرآن لأستاذه ريتشارد بل، الذي نشر في جزأين (1937 – 1939م) في أدنبرة في بريطانيا. وقد أعاد ريتشارد بِل ترتيب السور والآيات بحسب النزول الأول فالأول «Critical rearrangement» وأعطى للآيات والسور ترقيماً بالحروف على الشكل التالي:
أول ما نزل، باكره، أي: من أول ما نزل في مكة، مكي بشكل عام، آخر الحقبة المكية، مدنية باكرة، مدينة بشكل عام، مرتبطة بغزوة بدر، مرتبطة بغزوة أحد، حتى الحديبية، بعد الحديبية، منسوخة.
أما الطبعة الأخرى للقرآن التي رجع إليها، وات فهي طبعة أخرى من ترجمة بِل، لكن المستشرق فلوغل Flugel هو الذي تحمل مسؤولية ترقيم الآيات. كما استند وات إلى كتاب ليوم كايتاني Leone Caetani المعنون «Annali del Islam» الذي حاول فيه ترتيب أحداث السيرة النبوية عاماً بعام، وربط ترتيبه هذا بالآيات القرآنية، إذ راح يبحث عن الآيات أو السور التي تناسب كل واقعة أو ظرف اجتماعي، ووضعها مرتبطة بها، سواء كان ذلك بناء على مصادر إسلامية أو استنتاجاً. ويفسر وات لماذا تبع المستشرقين في ترتيب القرآن وفقاً للأسبق فالسابق فالأقل سبقاً، بأن ذلك محاولة ربط المادة التاريخية التقليدية – أي: ما ورد في كتب السيرة وغيرها – بالقرآن الذي هو المصدر الأساس للحقبة المكية، لأنه معاصر لها، لكن القرآن – في نظره – لا يعطي لنا الصورة الكاملة لحياة محمد والمسلمين في الفترة المكية. لذلك يخلص إلى أنه سيعتمد على القرآن كمصدر لتاريخ الفترة المكية، بالإضافة إلى أحاديث الرسول وكتب السير والتاريخ(ص51 من الكتاب).
شخصية النبي محمد لدى مونتغومري وات
يطرح الباحث هيثم مزاحم في الفصل الثالث دراسة المستشرق وات لشخصية شخصية الرسول محمد بن عبد الله ، التي شكَّلت أحد أبرز الموضوعات التي تناولها المستشرقون، كونه محور الرسالة الإسلامية ومتلقِّي الوحي القرآني ومؤسس الجماعة الدينية الأولى، حيث اتخذ التأليف في صورة النبي العربي أشكالاً مختلفة في الخطاب الاستشراقي، سواء أكان ذلك في بدايات الوعي المسيحي الأوروبي بالإسلام ومحاولات تشويه صورة محمد رسول القرآن، والطعن في الوحي والإسلام، أو في مرحلة لاحقة حيث بدأ الاستشراق بالتعرُّف على الإسلام والرسول والقرآن من خلال النصوص الإسلامية، وابتعد الخطاب الاستشراقي عن الأحكام النمطية.
إن الصورة الأوروبية التقليدية عن الإسلام والنبي، والتي لا تزال أجزاء منها تقاوم الزوال، هي من صنع رجالات الكنيسة منذ القرن التاسع الميلادي، حيث رأى اللاهوتيون أن النبي محمد هو المسيح الدجال المذكور في العهد القديم ورؤيا يوحنا، وهو الأمارة الرئيسية لليوم الآخر. فيما رأى لاهوتيون كثيرون أن محمداً هو مطران أو بطريق في الأصل، انشق عن الكنيسة الكاثوليكية بعد شجار مع بطريق القسطنطينية فشكل «هرطقة» انفصلت عن المسيحية ربما بتأثير قصة الراهب بحيرا وعلاقته المزعومة بالنبي محمد( مأخوذ من كتاب ريتشارد سوذرن«صورة الإسلام في أوروبا في القرون الوسطى»ترجمة د.رضوان السيد، ص 63)
هذه الصورة المتخيَّلة والنمطية عن الإسلام وغيرها، بقيت من القرن التاسع إلى بدايات القرن الثالث عشر ميلادي، وهي حقبة وصفها ريتشارد سوذرن بـ «حقبة الجهل» بالإسلام، وامتدت إلى عصور الاستشراق، أي: إلى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. وظلت مصادر الأوروبيين عن الإسلام حتى مطلع القرن الثالث عشر عبارة عن «تحريفات بيزنطية قديمة، وأساطير خيالية، وتصورات تعود في جذورها لرؤى العهد القديم النشورية»، إلى أن بدأت تظهر في النصف الثاني من القرن الثاني عشر اتجاهات أكثر مقاربة للحقيقة التاريخية، على غرار برس دالفونسو ووليام مالمسبري وتييمو، الذين قالوا: «إن محمداً عند المسلمين هو نبي وليس إلهاً، وأن الإسلام دين وحدانية وليس مذهب تعدد الآلهة. لكن هذه الأقوال ظلت ضائعة في بحر الخيالات والأوهام».
وعلى الرغم من ترجمة القرآن عام 1143م وبعض الكتب عن الإسلام إلى اللاتينية، ودراسة القساوسة للنص القرآني ومحاولتهم إجراء حوار مسيحي – إسلامي لدعوة المسلمين إلى الكاثوليكية، إلا أنه لا نلحظ تطوراً في تقدم فهم الأوروبيين للإسلام، وبقيت التصورات النشورية والتخيلية عن الإسلام والرسول محمد مهيمنة في الوعي المسيحي الأوروبي في القرن الخامس عشر، وذلك بسبب الاهتمام بمواجهة الإسلام أكثر من اهتمامهم بالتعرّف عليه، والتحضير للحرب الصليبية المقبلة.
اعتاد الأوروبيون منذ بدايات العصور الوسطى على النظر إلى النبي محمد «باعتباره رجلاً عاش حياة غير حميدة، وكان غارقاً – في نظرهم – في حمأة الدنيا وشهواتها». فهذه الصورة عن الإسلام ونبيه «لم تنشأ دفعة واحدة، بل تكوَّنت عبر مراحل تاريخية».
هذه الصورة النمطية خرجت من جوف صدمة الوعي المسيحي من الفتوحات العسكرية الإسلامية، وتوسع الإسلام على حساب المسيحية، واعتباره عائقاً أمام التطور الطبيعي للمسيحية، أي: «إن الوعي الغربي الوسيط لم يرَ في هذه رسالة النبي غر انحراف بالدين التوحيدي عن مساره الطبيعي، الذي يقود إلى انتصار نهائي للمسيحية». ويمكن تلخيص الصورة النمطية عن النبي محمد في ثلاثة مزاعم أساسية هي: شهوانية النبي، ونبوءته المزعومة، واستخدامه العنف لتحقيق مشروعه السياسي»(من كتاب مونتغومري وات،«محمدفي المدينة» الذي استشهد به الباحث هيثم مزاحم ص65 من كتابه).
ويعتقد الباحث هيثممزاحم أنّ كبار المفكِّرين والأدباء والعباقرة من جنسيات وديانات مختلفة كتبوا عن النبي محمد وشخصيته وسيرته، ربما اكثر مما كتب عنه المسلمون، ومن بين هؤلاء المستشرق البريطاني مونتغومري وات، الذي كتب كتباً عدة عن سيرة الرسول محمد وشخصيته القيادية كنبي مرسل، وقائد سياسي ورجل دولة.
صورة النبي محمد لدى وات:
يقول وات إن الروايات التي وصلتنا عن خَلق النبي محمد ، تتفق عموماً وهي قريبة من الحقيقة، وإن كان بعضها يعبِّر عن نزعة لرسم صورة لمحمد الرجل الكامل أو المثالي. فمحمد كان – بحسب هذه النصوص – متوسط القامة أو فوق المتوسط قليلاً، عريض المنكبين واسع الصدر قوي البنية، طويل الذراعين، ضخم اليدين والرجلين. وكان مرتفع الجبين، أقنى الأنف، له عينان واسعتان سوداوان، وكان شعره طويلاً كثاً سبطاً أو جعداً. وكان كثَّ اللحية أيضاً، ويحيط بعنقه وصدره خط من الشعر الخفيف. وكان ناحل الخدين، واسع الفم، حلو الابتسامة، شاحب اللون، ويمشي وكأنه يسرع من منحدر حتى ليصعب اللحاق به. وكان إذا غيَّر اتجاهه يدور بكل جسمه في الاتجاه الذي يسير فيه.
أما من جهة خُلُقه، يقول وات: «كان محمداً ميالاً للكآبة، يستطيع البقاء وقتاً طويلاً لا ينبس ببنت شفة إذا استغرق في تأملاته، وكان لا يستريح قط دائم المشاغل بطرق مختلفة، ولم يكن يتفوَّه بكلمة لا طائل تحتها. وكان ما يقوله دقيقاً واضحاً سهل الفهم خالياً من البلاغة. وكان كلامه دائماً سريعاً، يعرف كيف يسيطر على عواطفه، وكان إذا رأى معارضة ما أدار وجهه إلى الناحية الأخرى، فإذا رضي غضّ بصره. وكان يعرف كيف يقسِّمَ وقته بين مشاغله الكثيرة، وكان يظهر في علاقاته مع أقرانه الكثير من اللباقة. وكان يستطيع أن يكون قاسياً في بعض الأحيان، ولكنه كان على العموم لطيفاً».
لقد خصص الباحث هيثم مزاحم دراسته في بقية فصول الكتاب لرؤية مونتغومري وات للقرآن، وتأثيرات اليهودية و المسيحية على النبي محمد، ولدور النبي محمد كقائد ومؤسس للدولة الإسلامية في يثرب، لا سيما آراء وات في صحيفة أو دستور المدينة، وفي تطور الفكر السياسي الإسلامي .
خلاصة البحث واستنتاجات
حاول الدكتور هيثم مزاحم في هذه الدراسة البحثية القيمة و العميقة (وهي دراسة ستغني المكتبة العربيةكثيرا نظرًا لافتقادها الدراسات الأكاديمية الرصينة في فكر الاستشراق الغربي) عرض أهم رؤى المستشرق الاسكتلندي الكبير وليام مونتغومري وات في الإسلام والوحي والقرآن، والنبوة وإسهاماته في كتابة السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي، وفي شرحه العقائد الكلامية والفلسفة الإسلامية ومحاولته التقريب بين العقائد الإسلامية واللاهوت المسيحي..
ووجد الباحث أن المستشرق وات متعاطف بشكل كبير مع الإسلام، وهو قسيس يجمع بين الالتزام بالمسيحية وتوثيق الصلة بالمسلمين، والاتصاف بالموضوعية في دراساته والبُعد عن التعصّب ضد الإسلام. كما أن مؤلفاته الغزيرة وإسهاماته الغنية في الدراسات الإسلامية بوجه عام، والسيرة النبوية بوجه خاص، لا يستغني عنها أي باحث يريد أن يفهم السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي، والدور الذي تلعبه الأفكار الدينية في خلق البناء الاجتماعي.
وقد اعتمد وات في دراسته على المصادر الإسلامية الأساسية (القرآن الكريم، والسُّنَّة النبوية، وكتب السيرة والتاريخ الإسلامي)، مستعيناً ببعض الدراسات الغربية للمستشرقين الذين سبقوه، وخصوصاً ترجمة معاني القرآن لأستاذه ريتشارد بل، ودراسات المستشرق الألماني الكبير تيودور نولدكه عن «تاريخ القرآن». أما المنهج الذي اتبعه وات فهو منبج التحليل التاريخي، الذي يقوم على دراسة القرآن والإسلام وسيرة النبي محمد من خلال إعادة ترتيب سور القرآن بحسب نزولها، وفصل الآيات المكية عن تلك المدنية، وترتيبها وفق المعيار الذي قدمه نولدكه.
وبشأن السيرة النبوية، اعتمد وات سيرة ابن اسحق وقارنها بسيرة ابن هشام. كما اعتمد في كتاب المغازي وعلى طبقات ابن سعد، وتاريخ الطبري، وعلى صحيح البخاري.
وفي دراسته للوحي القرآني، أدخل المستشرق الاسكتلندي مناهج جديدة كمنهج علم النفس التحليلي في دراسة كيفيات الوحي، ومقارنة ظاهرة الوحي عند الرسول محمد، والظواهر المشابهة لدى القديسين المسيحيين.
أما بشأن موضوعية وات في دراسة الإسلام والوحي والنبوة، فقد أعلن وات منذ البدء حياديته وموضوعيته، وأنه لن يقول (قال الله أو قال محمد) في حديثه عن القرآن بل سيقول (قال القرآن). وفي دراسة لاحقة عن القرآن هي إعادة كتابة وتنقيح لكتاب أستاذه ريتشارد بِل «مدخل إلى القرآن»، رأى وات أنه لا يجب الحديث عن القرآن على أنه من إنتاج وعي محمد. ولذا قام بتغيير واستبعاد جميع العبارات الواردة في الكتاب المذكور، والتي تفيد بأن النبي محمداً هو مؤلف القرآن، بما فيها العبارات التي تتحدث عن مصادر محمد والتأثيرات عليه.
ويخلص وات، انطلاقاً من موضوعية وواقعيته وإيمانه اللاهوتي المسيحي الذي يفرض عليه تفهم واحترام إيمان الآخرين، إلى أن القرآن هو من الكتب القليلة التي مارست تأثيراً واسعاً أو عميقاً في روح الإنسان، فهو «كتاب مقدس» يعتبره مئات ملايين المسلمين وحياً إلهياً، وأساس في معتقداتهم الدينية وطقوسهم وشريعتهم، فهو أذاً كتاب جدير بالاهتمام، ويحتاج إلى دراسة جدية.
أما بشأن آراء المستشرق الاسكتلندي في القرآن، حيث يعتقد وات أن النبي محمداً كان يؤمن بأن الرسالة قد جاءته من طريق التلقين، وهو أقام تمييزاً واضحاً بين ما تلقاه من طريق الوحي أو التلقين وبين أفكاره وأقواله الخاصة. من هنا جاء أسلوب القرآن بشكل رئيسي على شكل خطاب موجَّه إلى محمد، وليس كخطاب موجَّه من محمد إلى أتباعه مباشرة، وإنما يؤمر بشكل مكرر بنقل هذه الرسالة إليهم. فبحسب العقيدة الإسلامية، فإن المتحدث في القرآن هو الله، والنبي هو المُخاطب الذي يتوجّه إليه الله بالوحي.
أما بشأن جمع القرآن وإمكانية تعرُّضه لبعض التغيير، فيعتبر وات أن الشكل الأكثر بساطة لتنقيح القرآن هو «الجمع»، أي: جمع الأجزاء أو الوحدات الأصغر كما نزل بها القرآن، ويقول إن السبب الذي يجعله يفكِّر بذلك، هو أن عملية جمع القرآن قد بدأت مع النبي محمد نفسه، واستمرت مع تلقِّيه الوحي، وهو أمر ذكره القرآن في سورة القيامة، الآيات: لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ. ويذهب وات إلى أن المسلمين قد حددوا تاريخ نزول الآيات ومقاطع السور، وفقاً لما ورد في الأحاديث عن النبي محمد وآراء علماء القرآن المتأخرين عنه، لكنه يشير إلى أن كتاب: «أسباب النزول» للواحدي يعاني من عيوب عدة أبرزها، عدة اكتماله وتغطيته فقط لجزء صغير من القرآن.
يعتبر وات أن العمل الاستشراقي الأكثر أهمية في موضوع تاريخ القرآن، هو كتاب: «تاريخ القرآن» للمستشرق نولدكه الذي نشر عام 1860م، ومن ثم نقَّحه ووسعه تلميذه فردريك شفالي وآخرون في ثلاثة أجزاء نشرت على التوالي في أعوام (1909 و 1919 و 1938م). لكن وات يرى أن الضعف الرئيس في منهج نولدكه هو في اعتباره السور وحدات متماسكه «Unities»، برغم إقراره أحياناً بأن بعض المقاطع من تواريخ مختلفة قد دخلت إلى سورة ما. ويشير المستشرق نفسه إلى أن المحاولة الأكثر تطوراً لاكتشاف الترتيب الأصلي لنزول آيات القرآن وتاريخها، هو عمل ريتشارد بِل في ترجمته للقرآن التي نشرت في عام (1937 و1939م)، حيث قام بِل بترتيب مقبول عموماً من العلماء المسلمين، يقوم على أن الوحدة الأصلية للوحي كان المقطع القصر. كما أنه ذهب إلى أن الكثير من جمع مقاطع القرآن في سوَر، قد قام به النبي محمد نفسه وبوحي إلهي.
أما صورة النبي محمد لدى المستشرق وات، فقد عرض وات في سيرته للنبي في جزأيها، «محمد في مكة» و«محمد في المدينة»، أوصاف النبي محمد وتفاصيل وأمثلة عن خَلقه وخُلقه، كي يخلص إلى أن تلك الملامح في شخصية محمد تساعده على إتمام الصورة التي يتخيّلها له، من خلال سلوكه في الشؤون العامة. ويرى وات أن محمداً كان يكسب احترام الناس وثقتهم بسبب الدوافع الدينية التي كانت أساس عمله وبصفات امتاز بها كالشجاعة والعزم والصلابة والكرم، والسحر المنبعث من تصرفاته ما كان يضمن له محبة المقرّبين منه وإخلاصهم.
يحاول المستشرق نفي ثلاث تهم دارت حولها الانتقادات المسيحية والغربية لشخص الرسول محمد وهي: الخداع، والشهوانية، والغدر. يقول وات إن اتهام النبي محمد بالخداع والكذب، لا يجعلنا نفهم كيف نجح في تأسيس ديانة عالمية، إلا إذا افترضنا صدق محمد، أي: أنه كان مقتنعاً حقاً بأن القرآن هو وحي نزل عليه من الله وليس من إنتاج خياله. ويوضح وات أن القول بأن «محمداً كان صادقاً لا يني أن القرآن وحي حق، وأنه من صنع الله. إذ يمكن أن نعتقد – بدون تناقض – أن محمداً كان مقتنعاً بأن الوحي ينزل عليه من الله، وأن نؤمن في الوقت نفسه بأنه كان مخطئاً».
وهكذا المادة مونتغومري وات».. المستشرق البريطاني غير المنحاز توفيق المديني
هذا هو كل المقالات مونتغومري وات».. المستشرق البريطاني غير المنحاز توفيق المديني هذه المرة، ونأمل أن توفر فوائد لكم جميعا. حسنا، أراك في وظيفة أخرى المقال.
كنت تقرأ الآن المقال مونتغومري وات».. المستشرق البريطاني غير المنحاز توفيق المديني عنوان الرابط https://notscrets.blogspot.com/2019/01/blog-post_223.html
0 Response to "مونتغومري وات».. المستشرق البريطاني غير المنحاز توفيق المديني"
إرسال تعليق