عنوان: - نشرة الإقتصاد السياسي عدد 464 - 19 كانون الثاني/يناير 2019 إعداد: الطاهر المعز
حلقة الوصل : - نشرة الإقتصاد السياسي عدد 464 - 19 كانون الثاني/يناير 2019 إعداد: الطاهر المعز
- نشرة الإقتصاد السياسي عدد 464 - 19 كانون الثاني/يناير 2019 إعداد: الطاهر المعز
"كنعان"
تقديم:
يتزامن صدور هذا العدد من نشرة الإقتصاد السياسي مع انتفاضة السودان المتواصلة ضد غلاء الأسعار، وضد حكم تحالف الجيش والإسلام السياسي بقيادة عمر البشير، منذ 1989، ويتزامن أيضًا مع تنفيذ إضراب قطاع الوظيفة العمومية ومؤسسات القطاع العام في تونس (17/01/2019) ومع ذكرى انتفاضات عربية عديدة، ومن بينها الإضراب العام للأُجَراء في تونس بقيادة "الإتحاد العام التونسي للشغل" 26/01/1978، و"انتفاضة الخُبْز" في مصر 18 و 19 كانون الثاني/يناير 1977، وانتفاضات 2011 (تونس ومصر والبحرين واليمن...)، ولكن أهم هذه الإنتفاضات كانت انتفاضة 18 و 19/01/1977 في مصر، ضد حكم الرئيس أنور السادات، وضد تنفيذ سياسة "الإنفتاح" الليبرالي، بداية من سنة 1974، وتصفية القطاع العام، وأنتجت هذه السياسة (التي يُشْرِفُ عليها البنك العالمي) مُضاعفة أسعار المواد الغذائية الرئيسية، وعلى رأسها أسعار الخُبز، وكذلك المنسوجات واللحوم والأرز والسّكّر والزّيت وغيرها، وكانت انتفاضة عارمة عَمّت أنحاء البلاد الواسعة، وقَمع الجيش هذه الإنتفاضة، وفرضت الحكومة منع التّجوال، واعتقلت الآلاف من المواطنين، بذريعة مشاركتهم في "مؤامرة شيوعية"، وسماها السادات "انتفاضة الحرامية" (ما أكثَرَهُم في مصر !!!) لكن الحكومة اضطرت إلى التراجع عن قرار رفع الأسعار كما فعلت حكومة تونس والمغرب والأردن، فيما بعد...
لِيَكُنْ هذا العدد، بمثابة تحية إكبار وإجْلال إلى شهداء وضحايا الإنتفاضات العربية التي أجْبرَت عدَدًا من الحكومات الرجعية على إلغاء أو تأجيل تنفيذ قرارات مؤسسات "بريتن وودز"... الطاهر المعز
في جبهة الأعداء - على هامش التّطبيع العلني والجماعي العربي: كتبت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية مقالاً (يوم السبت 28 تموز/يوليو 2018) عن "إنجازات" جهاز الإستخبارات الصهيوني "موسّاد"، وذكرت إن عدد ضحاياه من القَتْلَى فَاق أي جهاز آخر في أي دولة، بما في ذلك المخابرات المركزية الأمريكية، منذ الحرب العالمية الثانية، ووَرَد هذا المقال ضمن عرض لكتاب يستعرض مؤلفه (الصهيوني) عدداً من عمليات الاغتيال، وقَدّرت الصحيفة عدد عمليات الإغتيال بثمانمائة عملية قتل، خلال عقد واحد، عبر التّسْمِيم أو الإغتيالات الفردية أو التّفجيرات بهدف القَتْل الجماعي، بالإضافة إلى المحاولات العديدة التي فشلت، ولا يزال قنّاصة جيش الإحتلال الصهيوني، يقتلون المشاركين والمشاركات في مسيرات العودة، ويهدم جيش الإحتلال منازل ومباني الفلسطينيين يومِيًّا، سواء في الأراضي المحتلة سنة 1948 (خصوصًا في النّقب) أو في الضفة الغربية المحتلة، أو في غزة (عبر قصف الطّيران الحربي)، ويعتقل أصحاب الأرض (والوطن) الأصْلِيِّين، ومع ذلك تسارعت خطوات التطبيع الرسمية والمُعْلَنَة، للأنظمة العربية مع كيان الإحتلال، بدءًا من التطبيع الإقتصادي (مصر والأردن، بشكل خاص) وفي كافة المجالات الأخرى، وبلغت حد استقبال "قابوس بن سعيد" لرئيس حكومة العدو، بينما يتزايد تساقط الشهداء الفلسطينيين في غزة، وأعلنت صحيفة "هآرتس" الصهيونية (يوم الأحد 11/11/2018) إن الكيان الصهيوني يُشارك (مالِيًّا بملايين الدولارات) في مشروع "مُسرع الجسيمات" الأردني (سيسامي)، الذي تأسس في بداية سنة 2017، ويُصنّف ك"منظمة حكومية دولِيّة مُسْتَقِلّة"، برعاية الأمم المتحدة، واليونسكو، ويضم في عضويته دولاً كالبحرين وإيران وتركيا، وقبرص، ومصر، والأردن، وباكستان، وفلسطين، والكيان الصهيوني، وهو مشروع تطبيع أكاديمي، يستَهْدِفُ التوصّلَ "لفهم مكونات المواد في الكون على المستوى النووي، وتساعد (هذه المُكونات) في الأبحاث الجارية بمجالات علمية كالفيزياء والكيمياء والأحياء والآثار..."، وتَدْعَمُ "لجنة التعليم العالي" الصهيونية، هذا المشروع الذي يستهدف تطوير مواد حديثة تستخدم في الشرائح الإلكترونية، ومواد تستخدم في أجهزة الاستشعار والرؤية الليلية...
تحررت الحكومات "الصديقة" في إفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية، من واجب مقاطعة الكيان الصهيوني، تضامنًا مع مصر أو مع الفلسطينيين، بعد تطبيع العلاقات بين حكومات مصر والأردن وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية، من جهة، والعدو الصهيوني، من جهة أخرى، وفي هذا الإطار، تعززت العلاقات بين دولة الإحتلال والصين، وأصبحت الصين ثالث أكبر شريك تجاري للكيان الصهيوني، وانعقدت مؤخرًا الدّورة الثامنة للجنة الإبتكارات المشتركة، ويعمل بفلسطين المحتلة أكثر من ستة ىلاف عامل في قطاع البناء (بدايوة سنة 2017) ويتوقع أن يرتفع عددهم سريعًا إلى أكثر من عشرين ألف، لتعويض العُمال الفلسطينيين، وتطورت هذه العلاقات رغم العلاقات الممتازة والإستراتيجية بين الكيان الصهيوني والولايات المتحدة، ورغم الدعم الأمريكي غير المحدود للإحتلال (3,8 مليار دولارا سنويا لدعم برنامج التسلح الصهيوني + حوالي 3,5 مليار دولارا من التبرعات الخاصة الأمريكية سنويا)، وكذلك رغم الحرب التجارية، لكن زادت قيمة الإستثمارات الصينية في اقتصاد العدو عن 18 مليار دولارا، وفازت الشركات الصينية بامتياز تطوير مينائيْ "حيفا" و"أسدود" المُحْتَلّيْن، وتعززت زيارات السفن الحربية الصينية، لتتعاقب مع زيارات بوارج الأَساطِيل الحربية الأمريكية، وأعربت الولايات المتحدة عن مُعارضتها لبرنامج التعاون التكنولوجي المتقدم (بين تل أبيب وبكين) "لأنه يضر بالأمن الأميركي"، ويتعارض مع الحرب التجارية التي أعلنتها أمريكا ضد الصين (ودول العالم باستثناء الكيان الصهيوني)، ويملك الكيان الصهيوني جُزْءًا هامًّا من أسرار التكنولوجيا الأمريكية المتقدمة، ومنها "تكنولوجيا الأمن"، التي تحاول الصين الحصول عليها، عبر الإتفاقيات العسكرية مع الكيان الصهيوني، وكانت الولايات المتحدة قد اعترضت وعرقلت صفقات صهيونية - صينية أمنية كثيرة، من بينها صفقة أنظمة التجسس والإنذار المبكر "أواكس"، وصفقة تطوير صواريخ "هاربي" (التي اشترتها الصين من تل أبيب)، وأسست حكومات الصين والصهاينة "أكاديمية التعاون الصيني – الإسرائيلي" (سيغال)، التي طَوّرَتْ مقاتلات (أمريكية الأصل) لمصلحة الصين، وتتخوف الولايات المتحدة من انضمام الكيان الصهيوني إلى المبادرة الصينية طريق الحرير الجديدة (حزام واحد طريق واحد)، عبر تطوير موانئ إيلات وأسدود وحيفا لنقل البضائع الصينية، وتعتبر الولايات المتحدة تطوُّرَ العلاقات بين الطرفين، "إعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط"... عن وكالة "سبوتنيك" + "الحياة" (سعودية تصدر بلندن) 11/11/18
عرب- بنية تحتية سيئة في دويلات هَشّة: شهدت معظم دُوَيْلات الخليج فيضانات سنوات 2015 و 2017 و 2018 وخلفت الأمطار خسائر في الأرواح وفي المباني والطرقات والجسور ومجاري المياه والصرف الصحي وغيرها، خصوصًا في السعودية (جدة والرياض...) مما يُؤكد غياب برامج الوقاية، وهشاشة البنية التحتية، بسبب الغش والفساد، وعدم تطبيق المواصفات العالمية، رغم ارتفاع التّكاليف، وشهدت العديد من الدول العربية فيضانات تسببت في كوارث في تونس والجزائر والسودان وغيرها، رغم عدم وجود المنطقة العربية في منطقة الزوابع والعواصف والأمطار الموسمية، مثل بعض مناطق آسيا وبحر الكاريبي...
تتكرّرُ الكوارث وتتكرر نتائجها، وأدّت الأمطار الغزيرة والسيول (يوم الجمعة 09 تشرين الثاني/نوفمبر 2018) إلى 12 حالة وفاة (بالإضافة إلى عدد من المفقودين) و13 حالة إصابة في الجنوب والجنوب الغربي للأردن(محافظات "معان" و"مأدبا" و"البلقاء") في حصيلة مؤقتة أعلنتها الحكومة يوم السبت 10/11/2018، خلال 24 ساعة، وبعد حوالي أسبوعين على وفاة 21 مواطناً نتيجة سيول عارمة في منطقة البحر الميت، وتحولت مؤسسات التعليم إلى مراكز إيواء المُتَضَرِّرِين الذين غادروا محل سكناهم بعد ارتفاع منسوب مياه الأودية، ومداهمة مياه الأمطار لمساكنهم، ولكن الحكومة اهتمت بإخلاء السائحين من مدينة "البتراء" الأثَرِيّة، قبل الإهتمام بالمواطنين (الرّعايا)، وكانت المياه قد فاجأت السائقين، وجرَفتْ (المياه) عددًا من السيارات، وألْحَقَتْ أضرارًا بعدد غير مُحدّد من المساكن والمباني، والطرقات والجسور والأنفاق...
يُعْتَبَرُ ما حدث في الأردن نُسْخَةً مما حَدَثَ في الكويت حيث سُجِّلَت حالة وفاة واحدة (في حصيلة مؤقتة) بسبب الأمطار الغزيرة التي بدأت بالهطول يوم الجمعة 09/11/2018، وقررت الحكومة إعلان حالة الطوارئ، وتعطيل الدراسة، وأدّت السيول إلى غرق الطرقات الرئيسية وإغلاقها، وإلى جرف المركبات ومداهمة المنازل، وأقَرّ مجلس الوزراء تعطيل العمل في جميع المؤسسات الحكومية، كما أعلنت مؤسسة النفط الكويتية تعطيل العمل بجميع شركاتها يوم الأربعاء 14/11/2018، بسبب موجة الطقس السيء، وتسَبّبَت السُّيُول في إلحاق دمار واسع بالممتلكات العامة، كما أعلنت هيئة الدفاع المدني في السعودية إنقاذ عشرات الأشخاص والمركبات، دون إعلان حالات وفاة أو إصابة، رغم الأضرار الجسيمة التي أصابت البُنْيَة التّحْتِية والمنازل، وأدّت السيول الجارفة في العاصمة "الرياض" إلى غرق بعض الشوارع الرئيسية وإغلاقها، حسبما بيانات مديرية الدفاع المدني، وأظهرت الأمطار درجة الغش والفساد في قطاعات الإنشاء (الأشغال العمومية للطرقات والجسور والبنية التحتية)، خاصة في السعودية، حيث تكرّرت الفيضانات، ومعها الأضرار الجسيمة في مدن كبرى (جدّة والرياض...) منذ سنوات عديدة، وعدم استيعاب المَجارِي لكميات كبيرة من الأمطار التي تهطل في وقت قصير، وتتحول المياه إلى سُيُول...
يُفَسِّرُ خُبراء المناخ والرّصد الجَوِّي ارتفاع منسوب المياه، بنزول كميات كبيرة من الأمطار الغزيرة خلال فترة زمنية قصيرة، ما يُؤَدِّي إلى تشكّل السيول، التي تُؤَدِّي إلى تَشَكُّل روافد مائية عديدة، مع عدم قدرة طبقات الأرض، في المناطق المُسَطّحَة أو المُنْحَدِرَة، على امتصاص المياه (رغم الجفاف)، وخصوصًا في المناطق الصّخْرِيّة أو الطِّينِيّة اللزجة، ويُعْتبر القرن الإفريقي والبحر الأحمر منطقة منخفضات جوية، تتعرّض للتشكّل المفاجئ والسَّرِيع للغيوم، والسحب المُنخفضة أو متوسّطة الإرتفاع، في ظل مناخ مُحَمَّلٍ بكميات كبيرة من بخار الماء، ويأتي تزامناً مع منخفض جوي في طبقات الجو العليا مع وجود تيار هوائي نفّاث، ما يؤدي إلى تكاثر للسحب المنخفضة والمتوسطة...
تتعرّض جزيرة "كوبا" الفَقِيرة والمُحاصرة منذ 55 سنة، إلى العواصف والإعصارات الموسمية، مرتين سنويًّا على الأقل، لكنها ورغم قِلّة المَوارد، طَوّرَتْ وسائل الوقاية من العواصف والأعاصير، وطورت برامج الإنقاذ، بمشاركة المُواطنين أنفُسِهِم، مما حَدّ من الأضرار البشرية، ومن إنقاذ المواشي، رغم الأضرار المادية الكبيرة، لكن الأضرار التي تحلق طرقاتها وجسورها، المَبْنِيّة بمواد وبطاقات محلّيّة، تَقِلُّ بكثير عن الأضرار التي تُصِيب البُنية التحتية في السعودية، التي تفوق تكاليف بنائها أضعاف تكاليف جسور وطرقات كوبا... عن مواقع صحف "القبس" + "الخليج" + "الحياة" من 11 إلى 13/11/18
عرب، فلوس النّفط: ارتفعت نفقات السائحين من دُوَيْلات "مجلس التعاون الخليجي" في الخارج (خصوصًا في أوروبا) بنسبة 50% من 40 مليار دولارا سنة 2010 إلى 60 مليار دولارا سنة 2017، ولم تذكر التقارير أعدَاد هؤلاء الخليجيين، ويتصَدَّرُ إنفاق السائح السعودي، خلال رحلاته السياحية خارج البلاد، قائمة السائحين الأكثر إنفاقاً، ويليه السائح الصيني، ثم الأمريكي، وأعلنت "لجنة السّفر الأوروبية"، عن مخططات لزيادة عدد السائحين الخليجيين، وإنفاقهم، عبر "تشجيع قطاعات سياحية جديدة"، أو ما أطلق عليه "السياحة الحلال" (راجع ما وَرَدَ في فقرة لاحقة)، المُخَصَّصَة للأُسر الخليجية، بالإضافة إلى الشباب الميسورين، الذين يتجاوز معدل إنفاقهم إنفاق السائح الأوروبي بكثير، واستفاد قطاع النقل الجوي بين منطقة الخليج وأوروبا من نمو السياحة الخليجية، كما استفادت المُنْتَجَعات والفنادق والمطاعم والمَحَلاّت التّجارية الفاخرة من هذه السياحة الخليجية، وتُخَطِّطُ شركات السياحة الأوروبية لإنشاء أماكن إقامة تَسْتَهْوي الشباب الخليجي، ذي الدّخل المرتفع، وتشمل الفنادق ومحلات التجارة، وكذلك المناظر الطبيعية، والبنية التحتية المتطورة، وأنظمة التأشيرات، وصرف العملة، ممَّا يُيَسِّرُ عمليات السفر والإقامة، ويزيد من أرباح الشركات الأوروبية... في إطار اجتذاب هذه الفئة من "العرب" (أو "المُسْلِمِين")، ابتكرت الدول الأوروبية التي تُضايق "المُسْلِمين" الفُقراء والعاملين في أوروبا، وكذلك الدول غير الأوروبية، منتوجًا سياحيًّا أطلقت عليه إسم "السياحة الحلال" للإستحواذ على الإنفاق المرتفع لسائحي مَشْيَخات الخليج العربي، وانطَلَق مُصْطَلَح "حلال" من توصيف الطّعام، ليتوسّع (على أيدِي التّجار والرأسماليين) وليشمل كل ما يمكن أن يستهلكه أو يتعامل به المسلمون، مثل المعاملات التجارية والمالية وقضاء العطلات، ومستحضرات التجميل، وربما يشمل مستقبلاً "زواج المسْيَار"، وقُدِّرَت قيمة الإقتصاد المُسَمّى "إسلامي" بنحو 1,9 تريليون دولارا سنة 2017، وقدّرت المنظمة الدولية للسياحة إنفاق السائحين الذين تطلق عليهم صفة "المُسْلِمِين" بنحو 200 مليار دولارا، لقضاء إجازات خارج بلدانهم، سنة 2017، وتُعرّف هذه المنظمة السياحة المُسمّاة "حلال"، "بالأنشطة السياحية التي تقدمها منتجعات وفنادق تخلو من أي مخالفات للشريعة"، تتم ترجمة ذلك بعدم تقديم أي طعام أو شراب محرم وفق المعتقدات الإسلامية، كما يفْهَمُها المُحافِظون، وبخُلُوّ هذه الأماكن السياحية من قاعات لعب القمار، مع تَخْصِيص أماكن ترفيه وشواطئ منفصلة، وغير مختلطة بين النساء والرجال، للسباحة والرقص، وتخصيص أماكن أخرى للعائلات...
ارتفعت إيرادات السياحة "الحلال" بشكل أسْرَع من نمو السياحة العالمية، وقَدّرَ تقرير المؤشر العالمي للسياحة الإسلامية للعام 2017، الذي تُصْدِرُه شركة نظام الدّفْع الإلكتروني "ماستر كارد" وشركة "كريسنت ريتنغ"، المختصة ب"السياحة الحلال"، إن قطاع "السياحة الحلال" اجتذب نحو 117 مليون سائحا، أو ما يُعادل 10% من إجمالي قطاع السفر العالمي، سنة 2017، ويتوقع التقرير أن يرتفع العدد إلى نحو 168 مليون مسافر سنة 2020، أو ما يعادل 11% من قطاع السياحة والأَسْفَار، وتابع نفس التقرير تطورات "السياحة الحلال"، فبلغت قيمة إنفاق هؤلاء السائحين "المُسْلِمِين" 90 مليار دولارا سنة 2010، و126,1 مليار دولارا سنة 2011 و 140 مليار دولارا سنة 2013، و150 مليار دولارا سنة 2015 و196 مليار دولارا سنة 2016 و 200 مليار دولارا سنة 2017، ويتوقع أن يُشكّل سنة 2018 أكثر من 13% من إجمالي دخل السياحة العالمية، واهتمت بلدان عديدة "إسلامية" وغير إسلامية بهذا النوع من السياحة، بهدف تحقيق مزيد من الأرباح، في قطاع أصبح ملاذًا للمُستثمرين، لأنه يَدُرُّ أرباحًا مرتفعة وآمنة، ويشكّل نحو 10% من السياحة العالمية، والنِّسبَةُ مُرَشّحَةٌ للزيادة السريعة، ولذلك تَعَدّدت الدراسات والتّقارير بشأن هذه السياحة، وقدر تقرير أصدرته (أواخر 2017) مؤسسة "تومسون رويترز" بالتعاون مع مؤسسة "دينار ستاندرد" للبحوث والاستشارات، أن تصل إيرادات السياحة "الحلال" إلى 238 مليار دولار سنة 2019 وإلى 243 مليار دولار سنة 2021، وإلى 283 مليار دولارا سنة 2022... عن منظمة السياحة العالمية + رويترز + قناة "سي إن بي سي" التلفزيونية الاقتصادية الأمريكية 09/11/18
سوق السلع "الحلال": أصبح ما يُطْلَقُ عليه "سوق المنتجات الحلال" يشمل عشرات العديد من السّلع، إضافة إلى الأطعمة، التي كانت مُنْطَلَقًا لانتشار السّلع "الحلال"، وارتفعت قيمته ليُشكل نحو 3,7% من إجمالي حجم الاقتصاد العالمي، ولا ينحصر رواجها بالدول "الإسلامية"، بل يتعدّاها إلى كافة الدّول، ويستهلك المنتجات "الإسلامية" مواطنون من مختلف الديانات والمُعْتَقَدات، رغم تعريفها بأنها "المنتجات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية"، وأصبحت الدول العشر الأكثر تصديرًا لمنتجات "الحلال"، بحوالي 85% من إجمالي سوق المُنْتجات "الدلال، هي دول غير "إسلامية" أو "غير مُسْلِمَة"، وهي بالترتيب: الهند والبرازيل والنمسا والولايات المتحدة والأرجنتين ونيوزيلندا وفرنسا وتايلاند والفيليبين وسنغافورة، بحسب بيانات "المركز الدولي للمنتجات الحلال"، أي إن المسلمين، كما العرب، يستهلكون ما لا يُنْتِجُون، ويُغَذّون اقتصاد دول تَضْطَهِدُ المسلمين (الفُقراء والعُمال على وجه الخصوص) مثل فرنسا والهند، وقُدِّر إجمالي الإنفاق العالمي على القطاعات "الحلال" سنة 2017، بنحو 4,6 تريليونات دولارا، من بينها 1,3 تريليون دولارا لقطاع الغذاء الحلال، ومن المتوقع أن يرتفع حجم الإنفاق "الحلال" سنة 2023 بنسبة 50%، فيما بلغ حجم الإنفاق على اللباس "الحلال" 270 مليار دولار سنة 2017، ومن المتوقع أن يرتفع في العام 2023 إلى 361 مليار، وبلغت قيمة المعاملات المالية "الحلال" نحو 2,438 تريليون دولارا سنة 2017، ويتوقع أن يرتفع إلى 3,809 تريليون دولارا سنة 2023، وابتدع الرأسماليون قطاع "الدواء الحلال" وكذلك مستحضرات التجميل "الحلال"، وبلغ حجم الإنفاق عليها (سنة 2017) نحو 148 مليار دولار، ويتوقع أن يرتفع حجم الإنفاق في هذا البال إلى 221 مليار دولارا سنة 2023.
تُشَكِّلُ سوق الأغذية الحلال قرابة 20% من تجارة الأغذية العالمية، وتتصدّرُ المنتجات الغذائية الصناعات "الحلال" في العالم حيث تبلغ قيمة سوقها سنة 2017 نحو تريلْيُونَيْ دولارا، ويُتَوَقّعُ أن ترتفع قيمة سوق المنتجات الغذائية الحلال ليصل الانفاق عليها إلى ما يزيد عن 30% من إجمالي الانفاق العالمي على الغذاء سنة 2023، حيث يستهلكها حوالي مليارا شخص (أي أكثر من العدد الإجمالي لمسلمي العالم) لأن نسبة كبيرة من المستهلكين هم من غير المسلمين، وفق الإتحاد العالمي للأغذية الحلال... عن وكالة"بلومبيرغ" + "المركز الدولي لمنتجات الحلال" + "الاتحاد العالمي للأغذية الحلال" 07/11/18
تونس 1: يبدو إن رواتب العُمّال والمُوظّفِين مرتفعة جدًّا في تونس، مما سَبَّبَ إزعاجًا لموظفي صندوق النقد الدولي، إذ أَمَرَ "مسؤول كبير بصندوق النقد الدولي، بإبقاء فاتورة أجور القطاع العام تحت السيطرة لتجنب مشاكل خطيرة متعلقة بالديون"، وجاء هذا التصريح (تدخّل في شؤون البلاد الدّاخلية) بعد موافقة الحكومة على زيادة رواتب جزء (نحو 150 ألف) من إجمالي نحو 550 ألف من العاملين في القطاع العام، وكانت قيادة الإتحاد العام التونسي للشغل (نقابة الأُجَراء) قد ألغَتْ (أواخر تشرين الأول/اكتوبر 2018) إضرابا عامّا للعاملين في القطاع العام، واتخذت القيادة هذا القرار، ضد إرادة مُمَثِّلِي النقابات القاعدية، بعد أن وافقت الحكومة على زيادة الأجور (لا تُغَطِّي نسبة زيادة أسعار السّلع والخدمات)، ووافقت على تأجيل بيع بعض الشركات الحكومية، وكانت الحكومة قد اقترضت 2,8 مليار دولارا من صندوق النقد الدولي سنة 2016، لفترة ثلاث سنوات، بشروط، من بينها عدم زيادة الرواتب، بل خَفْضُها، وخفض عدد الموظفين، وخفض جرايات التقاعد، دون اعتبار غلاء الأسعار، وارتفاع نسبة التضخم، وانخفاض قيمة العُمْلَة المَحَلِّيّة (الدّينار)، وتفاوض الحكومة التونسية الصندوق للحصول على قرض آخر، لكن صندوق النقد يُطالب الحكومة (الإخوان المُسلمون + الدّساترة) ب"تنفيذ سياسة الإنضباط المالي المُتفق عليها بين الطّرَفَيْن"، وخفض الضرائب على أرباح الشركات، وخفض العجز... من جهة أخرى، ولتبرير تعيين وزير صهيوني، في منصب وزير السياحة، وهو رجل أعمال يعيش في فرنسا، حيث كان يقوم بالدعاية للرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، وهو "تونسي- فرنسي - إسرائيلي"، ويُشكّل تعْيِينُهُ مخالفة صريحة لكافة الأصول السياسية (عدوان الكيان الصهيوني ضد تونس وتنفيذ عدد من الإغتيالات في البلاد) والأخلاقية والإقتصادية (تضارب المصالح بين مهامه الحكومية وملكيته لإحدى أكبر وكالات الأسفار في فرنسا، التي تتعامل مع الكيان الصهيوني وتونس)، أعلن رئيس الحكومة إنه يتوقع ارتفاع عدد السائحين إلى ثمانية ملايين سنة 2018 وإلى تسعة ملايين سائح خلال سنة 2019، بعد ارتفاع عددهم إلى نحو 6,2 مليون سائح في الأشهر التسعة الأولى من العام 2018، بزيادة نسبتها 16,9%، مقارنة بنفس الفترة من العام 2017، ويُشكل السائحون العرب (الجزائر وليبيا) حوالي نصف عدد السائحين، وتُضَخّم الحكومة من عدد العاملين في قطاع السياحة، وهو قطاع هش، وعُمّاله مَوْسِمِيُّون، ويعملون ساعات طويلة، برواتب ضعيفة، وفي ظروف عمل سيئة، مع الإهانات اليومية، والتّذَلُّل للسائحين الأوروبيين، الذين يشتهرون بالوقاحةن وباحتقار الشعوب، ويعمل في قطاع السياحة حوالي 350 ألف عامل، برواتب منخفضة جدًّا، وتساهم بحوالي 7% من الناتج المحلي الإجمالي لتونس... للتذكير فإن ارتفاع أعداد السائحين لا يُرافقه ارتفاع الإيرادات بالعملات الأجنبية، بدليل انخفاض احتياطي النقد الأجنبي لدى المصرف المركزي إلى ما لا يكفي لثمانين يوم من التَّوْرِيد، ولم تذكر الحكومة شيئًا عن الإيرادات (أو تُورِد ذلك بصِيَغٍ وتعابير غامضة)، ولكنها منخفضة جدًّا، ويقل إنفاق السائح الواحد في تونس عن متوسط إنفاق الفرد في الليلة الواحدة في فنادق المغرب ومصر والأردن، ويزور تونس "سائحو الصّدْفة" الأوروبيون، وهم من أجراء أسفل السُّلَّم في أوروبا، لا يختارون الوِجهة السياحية، بل يبحثون عن أرخَصِ وجهة مُمْكنة، وهم يمثلون أغلبية السائحين الأوروبيين الذي لا يقضون أكثر من أسبوع واحد، ولا يرون شيئًا من تونس سوى الفندق ومحيطه، ولا يعيرون أي اهتمام لتاريخ وحضارة وثقافة البلاد، ولا لأهلها، ولا ينفقون شيئًا، سوى "المبلغ المَقْطوع" ( lump sum - أو -Somme forfaitaire ) الذي يُسَدِّدُونه لوكالة الأسفار في أوروبا، وليس في تونس، مما يُمَكِّنُ هذه الوكالات من الضّغط على المؤسسات السياحية في تونس بهدف خفض الاسعار، بشكل مثسْتَمر... وكالة تونس إفريقيا للأنباء (وات) + رويترز 13/11/18
تونس 2: تَدّعي الحكومة ارتفاع حجم رواتب موظّفي القطاع العام من 7,6 مليار دينارًا سنة 2010 إلى حوالي 16 مليار دينارا خلال سنة 2018، لكن هذا الرقم المُجَرّد لا يعني شيئًا (في حال صحته) لأن قيمة الرواتب تُقاس بالحاجات التي يفي بها، لتحقيق حياة كريمة لأسرة أو فرْد، وقد يعود ارتفاع الحجم الإجمالي للرواتب إلى ارتفاع رواتب الوزراء وكبار موظفي الدولة والنواب وارتفاع قيمة تقاعدهم، وإلى ارتفاع عدد الإخوان المسلمين وأقاربهم الذي وظّفَهُم حزبُهم الحاكم "تعويضًا لحرمانٍ دام سنوات عديدة"، دون احترام قواعد التوظيف في القطاع العام ولا مستوى التعليم أو المؤهلات والخبرات (وكأن الإخوانجية حُرِموا بينما ينعم بقية أفراد الشعب بالعيش الرغيد)، تطبيقًا لمفهوم السلطة كغنيمة وجب تقاسمها بين الإخوان. مقابل هذه التصريحات والمنشورات الحكومية، أظْهرت دراسة ل"معهد الدراسات الإستراتيجية" (حكومي): "انخفاض القيمة الحقيقية للرواتب (مقارنة بالأسعار) بنسبة 40% بين 2014 و 2018"، ويعتبر اتحاد نقابات الأُجَراء (الإتحاد العام التونسي للشغل) إن متوسط الراتب الشهري في تونس (حوالي 250 دولارا)، يعتبر واحدًا من أدنى متوسّط الرواتب في العالم، وترفض الحكومة زيادة الأجور، لأن شروط القرض الذي حصلت عليه من صندوق النقد الدولي سنة 2016 بقيمة 2,8 مليار دولارا (على ثلاث سنوات) تقتضي خفض الإنفاق الحكومي، وعدم زيادة الرواتب والمعاشات، وخفض عدد الموظفين (المُقَدَّر عددهم بنحو 650 ألف موظف في القطاعات الحكومية وفي شركات القطاع العام)، وخفض قيمة الدّينار (العُمْلَة المحلية)، مما جعل 75% من أُجَراء البلاد يُنْفِقُون رواتبهم خلال الأسبوعَيْن الأوَّلَيْن من كل شهر، ثم يعتمدون على الدُّيُون للإنفاق طيلة نصف الشهر المتبقي، وفق البنك العالمي، وهذا الوضع ليس بجديد، بل هو متواصل منذ 2010، إلى 2018، كرمز من رموز مواصلة سوء الوضع الإقتصادي، سواء قبل انتفاضة 1010/2011 أو بَعْدَها، وتعمل الحكومة، بناء على تعليمات صندوق النقد الدولي، على خفض نسبة الرواتب في القطاع العام من 14,5%من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2018 (تتضمن هذه النسبة رواتب أعضاء الحكومة المرتفعة ورواتب كبار الموظفين والنواب...) إلى 12,5% من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2020، وتردد الحكومة ادعاءات صندوق النقد الدولي "إن هذه النسبة واحدة من أعلى المعدلات في العالم كنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي"، ويردد الصندوق نفس الشيء في دول عديدة أخرى، لكن الحكومة وصندوق النقد الدّولي، يتجاهلان نتائج ضغوط الدّائنين، وفي مقدمتهم صندوق النقد الدولي، والأزمة الإقتصادية (التي زادت من حدتها الضّغُوطات والشّروط)، وتدنِّي مستويات المَعِيشَة، وارتفاع معدلات البطالة، وارتفاع قيمة الديون ونسبتها من الناتج المحلي الإجمالي، ولم تستخدم الحكومة هذه الديون لزيادة الإستثمارات، بل لسد العجز في الميزانية...
لهذه الأسباب وغيرها، ارتفعت وتيرة احتجاجات الأُجَراء، ومطالباتهم براتب يُمَكِّنُهُم من العيش بكرامة، ويغَطِّي (على الأقل) الزيادات في أسعار السّلع الأساسية والخدمات، ونَفَّذ الإتحاد العام التونسي للشغل إضرابا عاما للقطاع العام، يوم 17 كانون الثاني/يناير 2019، وتَجَمّع (بمناسبة الإضراب) الآلاف أمام مقر الاتحاد العام التونسي للشغل في وسط العاصمة "تونس"، هاتفين "الشعب يريد إسقاط الحكومة"، في إشارة إلى شعارات أواخر 2010 وبداية 2011، وهي الإنتفاضة التي أطاحت برأس النظام وببعض الرموز (الذين عادوا بقوة، بعد سنتَيْن) ولم تُطِحْ بالنظام، بل وسّعت رُقعة التحالف الطبقي، والسياسي، وضمّت البرجوازية الكُمْبرادورية إلى صفوفها، فئات الإخوان المسلمين، المرتقين حديثًا إلى فئات برجوازية غير منتجة، في مجالات المقاولات والتجارة والمضاربة والخدمات، وبعد التجمع أمام مقر الاتحاد النقابي، خرج المحتجون في مظاهرات حاشدة باتجاه الشارع الرئيسي بالعاصمة، وفي كافة مناطق البلاد، وتوقفت حركة النقل بمختلف أصنافه (الطيران والقطارات والحافلات) كما توقفت أغلب الخدمات، والمصارف، ومؤسسات التعليم، وغيرها، باستثناء الحالات المُسْتعجلة في المُسْتَشْفَيات، وبعض الخدمات الدّنْيا الضّرورية، وأُلْغِيت معظم الرحلات في مطار تونس، فيما بقيت مكاتب الحجز مُغْلَقَة، ورفع المحتجون شعارات "الشعب يريد عدالة اجتماعية .. الزيادة واجب مش مزية" و"لا خوف ولا رعب والسلطة ملك الشعب"، في إشارة إلى شعارات انتفاضة 2010/2011، وتمثل رد الحكومة في نَشْر قوات الشرطة ومكافحة الشغب في وسط العاصمة، واستفزاز قوات القمع للمواطنين، عبر إخضاعهم لعمليات تفتيش دقيق في بعض شوارع وأحياء العاصمة...
اعلن رئيس الحكومة (صهر الرئيس، وموظف سابق في الإدارة الأمريكية) "إن الحكومة لا تستطيع رَفْع الرواتب، لأن إمكانياتها محدودة، وإن الإضراب سيكون مكلفا للغاية"، ورد الأمين العام لاتحاد نقابات الأُجَراء، إن الأُجراء يعتزمون تصعيد الإحتجاجات، و"نَصَحَ" الحكومة بتحصيل الضرائب من رجال الأعمال والأثرياء، الذين يتهربون من تسديد سبعة مليارات دينارًا من الضرائب... (دولار أمريكي واحد= ثلاثة دينارات يوم الخميس 17/01/2019) عن رويترز 17/01/19
ليبيا: يُعْتَبَرُ "ماتيو سالفيني"، نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية الإيطالي، من أشد اليمينِيِّين تطرُّفًا في الحكومة، وهو يُمثّل رأس المال الصناعي والمالي في شمال إيطاليا الثّرِي، وبشأن ليبيا، سبق وأن صرح (أواخر شهر آب/أغسطس 2018): "يتَوَجّبُ على إيطاليا أن تستعيد ما ضاع منها في ليبيا بسبب تدخل قوى غربية"، ويقصد بها فرنسا التي تعاونت خلال فترة حكم "نيكولا ساركوزي" مع حكومة إيطاليا، لتخريب ليبيا، تحت لواء الولايات المتحدة والحلف الأطلسي، وتعتبر الحكومة الإيطالية إن إيطاليا (القوة المُسْتَعْمِرَة السابقة لِلِيبيا من 1911 إلى 1943) لم تنل حظّها من ثَرَوات ليبيا (النفط والغاز والموقع الإستراتيجي، في الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط)، وظهرت المنافسة الإيطالية الفرنسية منذ عقود، عندما احتلت فرنسا جنوب ليبيا، وإيطاليا شمال البلاد، وكانت إيطاليا ضمن دول "المحور" التي احتلت فرنسا (إيطاليا وألمانيا) خلال الحرب العالمية الثانية، وظهرت الخلافات حاليا، في انعقاد مؤتمرات (عقيمة)، ومنها مؤتمر باريس حول ليبيا وصُدُور "إعلان باريس"، بنهاية أيار/مايو 2018، قبل أن تستضيف مدينة "باليرمو" (جنوب إيطاليا)مؤتمرا دوليا (يومَيْ 12 و 13 تشرين الثّاني/نوفمبر 2018) بهدف الإتفاق على "مشروع لتسوية الأزمة الليبية"، وهو نفس الهدف الذي أعلنته حكومة فرنسا، خلال مُؤتمرين، أخرهما انعقد قبل شهرَيْن ونِصف الشهر، وبشكل عام، احتدت الخلافات بين الحكومتين بشأن ملفات أخرى، مثل الهجرة، والإرهاب والإقتصاد، خاصة بعد فوز اليمين المتطرف بالإنتخابات البرلمانية في شهر آذار/مارس 2018...
استعاد اليمين الإيطالي المتطرف، الحاكم حاليا، خطاب الزعيم الفاشي "بنيتو موسليني" (بداية من 1923 إلى نهاية الحرب العالمية الثانية) الدّاعِي إلى "إعادة الإعتبار لعَظَمَة إيطاليا، وتعزيز دورها في العالم، ورفْض التّهميش..."، ولذلك رفعت سَقَفَ لقاء "باليرمو"، ودعت ممثلي حكومات روسيا والولايات المتحدة ورؤساء مختلف "الحكومات" الليبية، وضابط المخابرات الأمريكية "خليفة حفتر"، الذي تدعمه الجزائر ومصر والأردن والإمارات، بشكل علني، وتدعمه فرنسا بالسلاح بشكل غير مُعْلَن، أما إيطاليا فتَدْعَمُ حكومة "الوفاق الوطني، ويتمحور الخلاف الإيطالي - الفرنسي حول سعي كل من الحكومتين الاستحواذ على حصة أكبر من موارد ليبيا من المحروقات، والتي كانت تاريخيا من نصيب شركة الطاقة الإيطالية العملاقة "إيني" ( ENI )، وأدّى الخلاف بين الحكومتَيْن الأوروبِّيَّتَيْن إلى تأجيل الحوار بين مختلف الأطراف الليبية (وجميعها خاضعة لقوى أجنبية)، ووضع حد لحرب أهلية مدعومة خارجيا، بينما يُعاني الشعب الليبي من ويلات الحرب ونقص الغذاء والدواء ومن البطالة والفَقْر، بعد فترة رخاء مادّي، حتى إسقاط النظام في آذار/مارس 2011...
على ذكر النفط، أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط (بنهاية شهر تشرين الأول/اكتوبر 2018) انخفاض إنتاج النفط من أكثر من 1,6 مليون برميل يوميًّا قبل العدوان الأطلسي إلى 1.3 مليون برميل يوميا من النّفط الخام، في تشرين الأول/اكتوبر 2018، وانخفاض إيرادات البلاد من النفط من 2,025 مليار دولارا في تموز/يوليو 2018 إلى 1,57 مليار دولارا في آب/أغسطس 2018 بسبب الإقتتال وعدم توفر الأمن في منطقة "الهلال النفطي"، وبسبب تعليق العمل وإغلاق ميناءي "السّدر" و"رأس لانوف" لتصدير النفط في حزيران/يونيو 2018، وكان مُسَلّحون "مجهولون" قد هاجموا حقل "الشرارة" لإنتاج النفط، خلال شهر تموز/يوليو 2018، مما أدّى إلى تعطيل الإنتاج... عن موقع "أفريكا إنتلجنس" + وكالة "رويترز" + أ.ف.ب + صحيفة "لوموند" 12/11 /18
الأردن: بلغت قيمة إجمالي الدين العام (الداخلي والخارجي) 38,449 مليار دولار، أو ما نسبته 95,1% من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية سنة 2017، وارتفع حجم الدين العام بنسبة 4,2% على أساس سنوي، خلال الشهور التسعة الأولى من 2018، مقارنة بنهاية 2017، وبلغت قيمته 40,06 مليار دولار (يوم 30/09/2018)، ويُمثل هذا المبلغ نسبة 96,2% من الناتج المحلي الإجمالي المقدر لذات الفترة (بين بداية كانون الثاني/يناير و30 أيلول/سبتمبر 2018)، ويتوقع مشروع موازنة السنة الحالية (2018) أن يبلغ نسبة الدين العام 93,6% من الناتج المحلي الإجمالي، وأن تنخفض النسبة بعد ذلك إلى 90,3% من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2019، وإلى نسبة 86,2% من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2020، وأظهرت بيانات وزارة المالية بلوغ عجز الميزانية 1,25 مليار دولارا خلال الأشهر التسعة الأولى من سنة 2017 و1,38 مليار دولارا خلال الأشهر التسعة الأولى من سنة 2018، وبلغت نسبة العجز 10,4% في ميزانية 2018، ختى الثلاثين من أيلول/سبتمبر 2018... عن وزارة المالية الأردنية - وكالة "بترا"12/11/1 8
إفريقيا - الصين: أعلنت إدارة الجمارك الصينية ارتفاع قيمة التجارة بين الصين والدول الإفريقية بنسبة 20% خلال الأشهر التسعة الأولى من سنة 2018، مقارنة بنفس الفترة من سنة 2017، وبلغت 151,02 مليار دولار، وفاقت نسبة الإرتفاع معدل نمو التجارة الخارجية الصينية، ومعدل نموها مع أمريكا الجنوبية، وبلغت قيمة صادرات الصين إلى إفريقيا 77,63 مليار دولار في التسعة الشهور الأولى من هذا العام، وقيمة واردات الصين من إفريقيا 73,38 مليار دولار (وهي مواد خام في مجملها)، وادّعى الإعلام الرسمي الصيني "إن الصين تُساهم في خفض حدة الفقر في إفريقيا والعالم... وساعدت 68,53 مليون شخص للتخلص من الفقر خلال خمس سنوات..."، وفي تعليق آخر لنفس الوكالة الرسمية التي أوردت هذا الخبر، وَرَد إن هذا الرقم يتعلق بعدد الأشخاص التي استفادوا من إجراءات "تخفيف حدة الفقر في المناطق الريفية في أنحاء الصين"، وليس في إفريقيا أو في بلدان أجنبية... عن وكالة "شينخوا" (بتصرف) 10 و 11/11/18
ماليزيا - غش وفساد: اتهمت عدد من الدول والشركات بعض المصارف وبعض المؤسستان المالية والصناديق بسرقة الأموال وادعاء خسارتها في عمليات مُضاربة، وتكاثرت التشكيات منذ الأزمة المالية (2008)، وأعلنت بعض المصارف خسارة مئات المليارات من أموال صندوق الإستثمارات الليبي (الصندوق السيادي)، بعد إطاحة قوات الحلف الأطلسي بنظام العقيد معمر القذافي، واتهم مُؤَخّرًا رئيس الوزراء الماليزي "مهاتير محمد" إن مصرف "غولدمان ساكس غروب" بالغش في تعاملاته مع الصندوق الحكومي "وان.إم.دي.بي" (الذي اتُّهِم رئيس الوزراء السابق نجيب عبد الرزاق بسرقة جزء من أمواله، بغطاء سعودي)، وأعلن مهاتير "إن السلطات الأمريكية تعهدت بتقديم المساعدة لاستعادة الرسوم التي تقاضاها المصرف من الصندوق"، ويواجه مصرف الإستثمار الأمريكي "غولدمان ساكس" تدقيقا حول دوره في المساعدة على جمع أموال من خلال إصدارات سندات للصندوق، الذي يواجه بدوره تحقيقات متعلقة بفساد وغسل أموال في ست دول على الأقل، وأدّى نشر هذه التصريحات إلى انخفاض سهم "غولدمان ساكس" قرب أدنى مستوياته في عامين، إثر إعلان وزير مالية ماليزيا (يوم الإثنين 12/11/2018) سعي حكومته لاسترداد نحو 600 مليون دولار حصلها البنك مقابل جمع 6,5 مليار دولار للصندوق، بينما قَدّرَت وزارة القضاء الأمريكية المبلغ الذي جرى اختلاسُهُ من الصندوق بنحو 4,5 مليارات دولارا، ببين سنَتَيْ 2009 و 2014 ووجه المُدَّعُون في الولايات المتحدة اتهامات جنائية لاثنين من المصرفيين السابقين في "غولدمان ساكس" بتهمة "غسل الأموال وانتهاك قانون ممارسات الفساد الأجنبية"... عن قناة "سي إن بي سي" (أمريكا) + رويترز 13/11/18
الصين:عرضت شركة "إيرباص" الأوروبية لصناعة الطائرات طائرتها الجديدة "A220"وأعلنت مديرة التسويق في الشركة: "إن الطائرة الجديدة تعتبر الأكثر تطورا بين طائرات نقل الركاب، بفضل اتساع المقاعد، وتوسيع نوافذ الطائرة لتخفيف شعور الخوف لدى الركاب الذين ينتابهم القلق أثناء السفر"، وأضافت "إن شركة "إيرباص" تلقت طلبات لصناعة 402 طائرة من طراز (أ- 220)، وأن الشركة سلمت 47 طائرة لأصحابها، وتعمل على تصنيع العدد المتبقي"، وتتوقع الشركة أن يحتاج العالم "خلال العِقْدَيْن القادميْن إلى 28 ألف طائرة"، خصوصًا في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وتتنافس شركة إيرباص الأوروبية مع شركة "بوينغ" الأمريكية لزيادة نَصِيبِها، عبر تصنيع القسم الأكبر من هذا العدد، ويُتوقَّع أن تنمو صناعة الطائرات الروسية والصينية، لكنها لا تُهَدِّدُ حاليا هيمنة الشركَتَيْنِ الأكبر في العالم ("بوينغ" و"إيرباص")، وتتوقّع "شركة الطائرات التجارية والمدنية الصينية المحدودة"، ارتفاع عدد الطائرات المدنية والتّجارية التي سيتم تسليمها خلال العقدَيْن القادمين إلى أكثر من 42 ألف طائرة جديدة، بقيمة تبلغ ستة تريليونات دولارًا، وأصبحت الصين أكبر سوق للطائرات التجارية في العالم، وتسلمت خلال شهر آذار/مارس 2013 الطائرة رقم 1000، من إنتاج شركة "بوينغ" الأمريكية، ما جعلها أول سوق للشركة، خارج الولايات المتحدة، وأعلن ناطق باسم شركة "بوينغ" الأمريكية (يوم الإربعاء 07/11/2018، أن الصين سوف تَتَسَلّم الطائرة رقم 2000، من صُنْعِ "بوينغ"، قبل نهاية سنة 2018، وقد يرتفع الطلب الصيني مُسْتَقْبَلاً، عندما تتقدم مراحل إنجاز مشروع "طريق الحرير الجديد" (أو "الحزام والطريق")، وهو برنامج اقتصادي - تجاري صيني عملاق، يهدف إلى تنشيط حركة التجارة من الشرق إلى الغرب (بين الصين وأوروبا)، مرورا بغرب آسيا والمَشْرِق العربي، وحوض المتوسط، ونجحت الصّين في توسيع نطاقه، إِذْ وَقَّعَتْ 65 دولة ومنطقة على طول الحزام والطريق، اتفاقيات نقل جوي مع الصين، ومنها 47 دولة ومنطقة تملك رحلات مباشرة للربط مع الصين، وتهدف المبادرة الصينية (الحزام والطريق) بناء شبكة للتجارة والبنية التحتية تربط آسيا وأوروبا وإفريقيا، لتكون الصين قادرة على الإلتفاف على أي عقوبات أمريكية مُحْتَمَلَة... عن أ.ف.ب + "شينخوا"08/11/18
تركيا - ألمانيا: بذلت حكومة الإخوان المسلمين في تركيا جُهودًا كبيرة لتحسين العلاقات مع حكومة ألمانيا، لتجعل منها بَوّابَةً نحو تحسين العلاقات مع بقية دول الإتحاد الأوروبي،إذ تعتبر حكومة تركيا إن ألمانيا شريك اقتصادي هام، وأيضاً بوابة العلاقات مع دول الاتحاد الأوروبي، وتَتَنَزّل زيارة "رجب طيب أردوغان" إلى ألمانيا (أواخر أيلول/سبتمبر 2018) في إطار هذه المَسَاعي، ولكي تعود حركة الإستثمارات الألمانية وحركة المبادلات التجارية إلى ما كانت عليه قبل 2013، ووضع حدّ لخروج رؤوس الأموال الألمانية من تركيا، على خلفية الأزمة الإقتصادية التركية وارتفاع الديون...
يعمل في ألمانيا حوالي 3,5 ملايين تركي (مُسَجّلِين رسميًّا)، واستغل هؤلاء فرصة انخفاض قيمة العملة المحلّيّة التركية (اللِّيرة) لزيادة قيمة تحويلاتهم إلى عائلاتهم في تركيا، بينما اعتبرت حكومة الإخوان المسلمين في تركيا زيادة التحويلات بمثابة العمل القومي وبمثابة الإستجابة لطلب أردوغان تعزيز العملة التّركية، ولكن التحويلات الألمانية الخارجة من تركيا ارتفعت أيضًا وبلغت حوالي 4,5 مليارات يورو (5,1 مليارات دولار) بين شهرَيْ نيسان/ابريل وأيلول/سبتمبر 2018 (في الرُّبْعَيْن الثاني والثالث فقط من العام 2018)، خلال فترة ارتفاع نسبة التضخم في تركيا وانخفاض قيمة الليرة، كما انخفضت قيمة الإستثمارات الألمانية باستمرار من 1,9 مليار دولارا سنة 2013 على 295 مليون دولارا سنة 2017، وتبلغ القيمة الإجمالية للإستثمارات الألمانية في تركيا نحو 9,3 مليارات دولارا، وبلغ عدد الشركات الألمانية العاملة في تركيا سنة 2017 حوالي سبعة آلاف ومائتي (7200) شركة ألمانية، تُشَغِّلُ نحو 120 ألف شخص، ويضَلُّ حجم التبادل التجاري الثُّنائِي مرتفعًا رغم انخفاضه، فقد بلغ نحو 36,4 مليار دولار (سنة 2017)، واستوردت ألمانيا سلعًا تركية بقيمة 15,1 مليار دولارا سنة 2017، وهي أكبر مستورد للسلع التركية، وهي كذلك ثاني أكبر مُصَدِّر لتركيا بقيمة 1,32 مليار دولار...
تعتبر الشركات الألمانية إن تركيا سوق مهمة بنحو ثمانين مليون نسمة، بالإضافة إلى العلاقات التاريخية وتحالف الدولة العثمانية مع ألمانيا خلال الحرب العالمية الأولى، ورغم الأزمة يَظَلُّ الإقتصاد التركي قَويّا وبلغت قيمة إجمالي الناتج المَحَلِّي التركي 800 مليار دولارا سنة 2017، وأعلنت المستشارة الألمانية إن أي اضطراب في تركيا سوف يُؤَثِّرُ في أوروبا، وكان زار وزير الشؤون الاقتصادية والطاقة الألماني، قد أدّى زيارة إلى تركيا (25 و 26 تشرين الأول/اكتوبر 2018)، ولفتت تركيبة الوفد (80 مرافق) الذي صاحَبَهُ انتباه الصحافيين، حيث ضَمَّ مُمَثِّلِين عن أكبر الشركات الألمانية، من بينها "سيمنس" و "ساب" و"بسْفْ" و"إيون"، وغيرها، لكن الحَذَرَ لا يزال يَشُوب العلاقات، بعد اغتنام الحزب الحاكم في تركيا محاولة الإنقلاب المَشْبُوه والفاشل (منتصف تموز/يوليو 2016) للإستيلاء على المئات من الشركات، ووضع شركات ألمانية ضمن القائمة السوداء لعلاقتها المزعومة بالإرهاب، بعد إصدار مراسيم تشريعية خلال فترة حالة الطوارئ، تُجِيز تجاهل القوانين واعتقال الأشخاص ومصادرة ممتلكات الأفراد والشركات، مما شجع الشركات على تجميد استثماراتها أو الخروج من تركيا، كما ارتفعت حدة الأزمة بعد إلزام الحكومة التركية الشركات المُصَدِّرَة بتحويل 80% من إيراداتها الخارجية إلى الليرة التركية، بهدف رفع قيمة العملة المَحَلِّيّة، واشترطت الشركات الألمانية بعض الإجراءات القانونية والمالية للإستثمار في تركيا التي تُخَطِّطُ لإنجاز مشاريع بنية تحتية ضخمة، ومشاريع طاقة، لا تريد الشركات الألمانية التفريط فيها، بينما تحتاج الحكومة التركية إلى ديون خارجية بقيمة 209 مليارات دولار خلال فترة عشرة أشهر، ولذلك فإن انخفاض مستوى المبادلات التجارية وانخفاض حجم الإستثمارت الألمانية في تركيا لن يُؤَدِّي إلى أزمة حادّة أو إلى إعلان القَطِيعة... عن د.ب.أ + "ديلي صباح" التركية 25/10/ و14/11/18
أوروبا، عملاق اقتصادي، وقِزْم سياسي، أمام الولايات المتحدة: عندما انطلقت الحرب العالمية الأولى رفض الفُقَراء الأوروبيون المُشاركة في الحرب، ولكن قيادات الجيوش أعدَمت عشرات الجنود، أمام رفاقِهِم، بهدف رَدْعِ أي محاولة للإحتجاج، أو "العِصْيان"، وخلال السنتين الأخيرتين كَثّف الحزب الشيوعي الرّوسي (البَلْشَفِي) من دعايته في أوساط الجنود الذين غادروا جبهة القتال، وحرّضُوا جنود ألمانيا (الأعداء المُفْتَرَضين) على وقف القتال ورفض اقتتال الفُقراء (العمال والفلاحين) من أجل تحقيق مصالح أعدائهم الطّبَقِيِّين (البرجوازيات الحاكمة)، فكانت ثورة أكتوبر 1917 في روسيا ووضع حد لحكم القَياصِرَة، واغتنمت الإمبرياليتان الفرنسية والبريطانية الفرصة لإنهاء سلطة الدولة العثمانية، وتقاسم المناطق التي كانت تحتلّها، مما جعل العرب أكبر ضحية للحرب العالمية الأولى، بسبب عشرات آلاف القتلى من الشُّبَّان العرب، الذين جَنّدَتْهم سلطات الإحتلال البريطانية والفرنسية، قَسْرًا، دفاعًا عن الإمبريالية التي تحتل أرضهم وأوطانهم، وبسبب اتفاقيات "سايكس - بيكو" سنة 1916 الذي قَسّم العرب، وأسَّسَ حدودًا مُصْطَنَعة داخل منطقة سوريا الكُبْرى، وما بين النّهرَيْن، والخليج، وبسبب وعد (أو إعلان) بلفور، الذي اقتطع جزءًا من أرض العرب، ومَنَحَها إلى مستعمرين استيطانيين أوروبيين (من يهود أوروبا الذي تقودهم العقيدة الصهيونية)، ولا تزال الأمة العربية تُعاني من نتائج الحرب العالمية الأولى، كحلقة من حلقات مراحل تطور الرأسمالية نحو الإمبريالية، حيث أعادت الإمبريالية تشكيل خارطة العالم، بدْءًا بالوطن العربي، ثم آسيا التي عانت من الحُرُوب العدوانية اليابانية (القُوة المُسْتَعْمِرَة) ثم الفرنسية والأمريكية في فيتنام وكوريا ولاوس وكمبوديا وغيرها...
انتهت الحرب العالمية الأولى، رسميًّا، يوم الحادي عشر من تشرين الثاني/نوفمبر 1918، بتوقيع "الحلفاء" (ومن بينهم الدولة العثمانية) وألمانيا اتفاق وقف إطلاق النار، بعد وفاة حوالي عشرة ملايين جُنْدِي وملايين المدنيين، وأصبحت هذه الذّكرى تُسَمّى "اليوم العالمي لوقف إطلاق النار"، وبمناسبة الذكرى المائوية لانتهاء هذه الحرب، نظّمت حكومة فرنسا فعاليات حضرها بباريس نحو سبعين رئيس دولة وحكومة، من بينهم الرؤساء "دونالد ترامب" (أمريكا)، و"فلاديمير بوتين" (روسيا)، و"رجب طيب أردوغان" (تركيا) و"أنغيلا ميركل" (مستشارة ألمانيا)، و"تيريزا ماي" (رئيسة الوزراء البريطانية) و"بنيامين نتن ياهو" رئيس حكومة العدو الصهيوني، وجنّدت فرنسا (بالقوة) خلال هذه الحرب ما لا يقل 250 ألف شاب من مستعمراتها في المغرب العربي، قُتل مُعْظَمُهُم، ودارت الإحتفالات في "قوس النّصر"، الذي شيده نابليون (الإمبراطور) سنة 1806، تخليدًا لانتصاراته في حُرُوبِه العدوانية ضد شعوب أوروبا والعالم، وضد الشعب المصري، والشعب الفلسطيني، وانهزَم سنة 1799 في "عَكّا" الفلسطينية التي احتلها الصهاينة سنة 1948...
استضافت فرنسا بهذه المناسبة "منتدى باريس الأول للسلام" (الأحد 11/11/2018)، في محاولة لتهدئة الخلافات التي تفاقمت مع الحليف الأمريكي، الذي يشن حربًا تجارية ضد كافة دول العالم (باستثناء الكيان الصهيوني)، تحت عنوان " من أجل عالم متعدد الأطراف"، لتجنُّب الأسباب التي أدت إلى اندلاع الحرب العالمية الأولى، فيما أشارت الصحف الأوروبية إلى انسحاب الولايات المتحدة من كافة الإتفاقيات التجارية، متعدّدة الأطراف، وانسحابها من الإتفاق الدّولي مع إيران، ومن معاهدة باريس للمناخ، ولكن مستشار الأمن القومي الأمريكي "جون بولتون" يرفض وصف السياسة الأمريكية ب"الإنعزالية"، لا ماضِيًا ولا حاضِرًا، وتُركِّزُ بشكل خاص على أوروبا، في اعتراف غير مباشر بتباين المواقف والتّوتّر السّائد (بين الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي)، وانضمام الإتحاد الأوروبي إلى الدعوة لإنشاء عالم متعدّد الأطراف، بعكس الولايات المتحدة التي تحاول الهيمنة على العالم بمفردها، عبر استخدام القوة، وأعلن "دونالد توسك"، رئيس المجلس الأوروبي: "إن الإدارة الأمريكية الحالية تُعارض وجود أوروبا قوية ومُوَحّدة، وذلك للمرة الأولى في تاريخ العلاقات بين الطّرَفَيْن"، ولكن الإدارة الأمريكية تمسّكت بكافة طلباتها (أوامِرِها؟) ومن بينها "زيادة الإنفاق الحربي الأوروبي"، وزيادة مساهمتها في نفقات الحلف الأطلسي (أي تمويل الصناعات الحربية الأمريكية)، وتهجم "دونالد ترامب" على مقترح إنشاء جيش أوروبي، "لمواجهة الصين وروسيا والولايات المتحدة"، وفق تصريح سابق للرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون"، في إشارة إلى تصريحات الرؤساء الأمريكيين (أوباما، ثم ترامب) بأن أمريكا تتحمل عبء الدفاع عن أوروبا، وهي نفس الجُمْلَة التي يُرَدّدُها "ترامب" لابتزاز شُيُوخ نفط الخليج...
تُحاول الولايات المتحدة تقزيم الإتحاد الأوروبي اقتصاديًّا أيضًا، عبر الحرب التجارية ورفع قيمة الرسوم الجمركية على ورداتها من أوروبا، وفي مجال تقنيات الإتصلات، كانت الشركات الأوروبية، من بينها "نوكيا" و"أريكسون" رائدة في هذا الميدان، لفترة قاربت العِقْدَيْن، قبل أن تتجاوزها الشركات الأمريكية (بفضل الحوافز والدّعم الحُكومِيّيْن، وخفض الضرائب)، وأصبحت شركات "آبل" و "أمازون" و"ألفابيت" و"فيسبوك"، وكذلك شركات الصين مثل "علي بابا"، من الشركات الرائدة التي تفوق قيمتها "السّوقية" (أي في سوق الأسهم) 400 مليار دولارا، لتصل قيمة بعضها إلى تريليون دولارا، بينما لا تتجاوز قيمة أكبر شركات التكنولوجيا الأوروبية 140 مليار دولارا ("ساب" الألمانية) ولا تتجاوز قيمة شركة "سبوتيفاي" 34 مليار دولارا...
تحاول الولايات المتحدة، عبر الترغيب والتّرهيب، ضَمّ الإتحاد الأوروبي إلى صفّها بشأن العقوبات ضد إيران وروسيا والصين، وكافة منافِسِي وخصُوم أمريكا، وهي عُقُوبات تَضُرُّ بالشركات الأوروبية، بشأن إيران (النفط، وتصدير السيارات والطائرات وقطع الغيار...) وروسيا (الغاز) والصين، حيث ارتفعت قيمة التجارة بين الطرفين (الصين والإتحاد الأوروبي) إلى أكثر من 22 مليار دولارا، خلال النصف الأول من سنة 2018، بزيادة 11% عن نفس الفترة من سنة 2017، وتُوَاِصُل الولايات المتحدة تصعيد الحرب التجارية، رغم شكاوى رئيس الجمعية الأميركية لسلطات المرافئ، الذي يخشى أن تكون الموانء البحرية الأمريكية الخاسر الأكبر في الحرب التجارية، وقدّر نفس المَصْدر أن يطاول مجموع الرسوم الجمركية الإضافية المفروضة بين مختلف الأطراف نسبة 10% من مجمل المبادلات التي تمر عبر المرافئ الأميركية، أو ما يُعادل عائدات بقيمة 160 مليار دولار... عن أ.ف.ب + أسوشيتد برس 11/11/18
إيطاليا: ارتفعت قيمة الدّيُون السيادية (ديون الحكومة والقطاع العام) إلى نحو 2,3 تريليون يورو، أو ما يُعادل 132% من إجمالي الناتج المحلّي (بينما تَفْرِض معايير الإتحاد الأوروبي ألاّ تتجاوز الديون نسبة 60% من الناتج المحلي الإجمالي لأي دولة)، ويُمَثِّلُ حوالي 23% من إجمالي ديون كافة دول منطقة اليورو، ولكن اقتصاد إيطاليا أقوى (من حيث الإنتاج) من اقتصاد اليونان، وتعتبر إيطاليا ثالث أكبر اقتصاد في الإتحاد الأوروبي، بعد ألمانيا وفرنسا، ولا يستطيع الإتحاد الأوروبي فَرْضَ إجراءات تقشف، مثلما كان الأمر بشأن اليونان، وعند احتداد الخلاف بين حكومة اليمين المتطرف في إيطاليا، منذ انتخابات آذار/مارس 2018، والمفوّضِيّة الأوروبية (ومعها حكومات ألمانيا وفرنسا) تعدّدَتْ تصريحات المسؤولين الأوروبيين بخصوص "خطورة الأوضاع الاقتصادية في إيطاليا"، التي قد تُؤَدِّي إلى إفلاس إيطاليا، وعجز الدولة عن الوفاء بالتزاماتها، وإلى اضطراب الأوضاع المالية والإقتصادية في منطقة العملة الأوروبية الموحدة (منطقة اليورو - 18 دولة، ضمن 29 دولة تُشكل الإتحاد الأوروبي)، ويتخوف مسؤولو الإتحاد الأوروبي من صعوبة مواجهة التداعيات الناجمة عن ذلك، وسبق أن انطلق خلاف بين المفوضية الأوروبية وحكومة إيطاليا، بشأن مشروع الميزانية الذي ترفضه مُفَوّضِيّة الإتحاد الأوروبي، لأن حكومة إيطاليا، تعتزم، وفق مشروع الميزانية لسنة 2019، تمويل النفقات الحكومية بقروض جديدة، مما يرفع معدل العجز، وتعتزم إرْغام المصرف المركزي الأوروبي ودول الإتحاد على دعْمِ إيطاليا مالِيًّا، مما اعتبره بعض المسؤولين الأوروبيين "عملية ابتزاز"، وتحْظُرُ معايير الاتحاد الأوروبي على المصرف المركزي الأوروبي مساعدة الدول المتعثرة (بأموال دافعي الضرائب الأوروبيين)، قبل تقديم حكومات تلك الدول "برنامج إنقاذ" يصادق عليه مُمَثِّلُو بقية الدول الأعضاء، وتتمثل الشروط في إقرار برنامج تقشف حاد، مثلما فرضه الإتحاد وصندوق النقد الدولي على اليونان، وكافة الدول التي تقترض من صندوق النقد الدّولي، وهو ما ترفضه حكومة إيطاليا، وكان الإتحاد الأوروبي قد ضخ عشرات المليارات (بل المئات) من اليورو في المصارف المتعثرة خلال سنوات 2008 - 2015... عن رويترز + أ.ف.ب 10و 11/11/18
علاقات مشبوهة: تعتبر سويسرا جنة الشركات "المعولمة" لإنتاج وبيع التّبغ، وسبق أن تعرضت نشرة الإقتصاد السياسي إلى ذلك في عدد سابق، لمعرفة أسباب وجود مقرات أكبر شركات التبغ في سويسرا، وتبرر حكومة سويسرا التّساهل مع هذا النشاط المُضِر بالصّحة، بارتفاع إيرادات الدولة من نشاط التبغ إلى أكثر من ستة مليارات دولارا، مع "تقديم حوالي 115 ألف وظيفة" (مباشرة وغير مباشرة)، ويسمح التشريع السويسري باجتذاب هذه الشركات التي تتعمد الهروب من قوانين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، نحو سويسرا، حيث تمكنت من رَشْوة عدد هام من نواب البرلمان، (وفق برنامج بثّته قناة التلفزيون السويسري الناطقة بالفرنسية تي إس أر) وحيث يقع مقر منظمة الصحة العالمية في جنيف، وتسعى الشركات للتأثير عليها، ونجحت في ذلك، حيث لم تُصْدر المنظمة تقارير حاسمة وتوصيات حازمة، لتحديد الأضْرار الجسيمة للتدخين، كما يقع مقر منظمة العمل الدولية في جنيف أيضًا، وتطورت علاقات هذه المنظمة (التي يُفْتَرَضُ أن تُدافع على حقوق العُمّال وعلى سلامة مُحيط العمل، والسلامة المهنية) مع شركات صناعة التبغ، وتُقيم معها "علاقات شراكة"، وتتلقى منها أموالا (15 مليون دولارا من شركة اليابان الدولية للتبغ، على سبيل المثال)، رغم دعوة الأمم المتحدة كافة منظماتها منع تدخّل الشركات الكبرى (الأدوية والأسلحة والتبغ...) في سياساتها وعدم تلقي أموال منها، ورغم تشغيل هذه الشركات عشرات الآلاف من الأطفال في مزارعها في البرازيل والأرجنتين والهند وملاوي وتنزانيا وأوغندا وزامبيا وقرغستان وغيرها، ورغم ادّعاء وثائق المنظمة العمل على التزامها بإنهاء عمل الأطفال، ولكن اجتماعت المنظمة (آخرها يوم 31/10/2018) أظْهر تأييد حكومات الولايات المتحدة، والدول الأفريقية والأسيوية واليابان والبرازيل لعلاقات الشراكة بين منظمة العمل الدولية وشركات التبغ متعددة الجنسية، وتتعَلّلُ حكومة الولايات المتحدة بأن قطاع التبغ يُوظِّفُ حوالي ستين مليون شخصًا في العالم...
تقدر منظمة العمل الدولية (سنة 2017) أن 152 مليون طفل يعملون في جميع أنحاء العالم، من بينهم 108 مليون طفل (71%) يعملون في القطاع الزراعي، بما في ذلك زراعة التبغ، وتَتَنَصّل الشركات العالمية للتبغ من المسؤولية، عبر إلقائها على عاتق الشركات المحلّية المُتعاقدة معها، وعلى الحُكومات المحلّية، لأنها مُقَصِّرَة في الإستثمار في المدارس والبنية التحتية والرعاية الصحية، بينما يُشِير النقابيون في البلدان المُنْتِجة للتبغ إلى العقود غير المُنْصِفَة التي تربط مزارعي التبغ بهذه الشركات، والتي لاتَضْمَنُ دخلاً مُحترمًا للمزارعين، وتُطالب المنظماتُ النقابيةُ منظمةَ العمل الدولية "قطع العلاقات مع قطاع صناعة التبغ"، وكانت المنظمة قد أجّلت قرارًا مماثلاً طيلة ثلاث دورات، ولا تزال تتلقّى أموالاً من شركات صناعة التّبغ، بذريعة تمويل صندوق للتنمية الزراعية ومساعدة الأطفال على الدراسة وغير ذلك من الذّرائع الواهية... عن رويترز 10/11/18
أمريكا - سياسة الإبتزاز، والعقوبات ضد الأعداء والأصدقاء: تعتمد استراتيجية الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، ومن ورائه رأس المال الذي يدعَمُهُ، على فرض هيمنة واشنطن على العالم، دُولاً وشعوبًا ومُنَظّمات دَولِية، وغيرها من الأطراف، أكانوا حُلَفاء أم منافسين أم خُصُوم أو أعداء، وإعادة النّظر في القواعد التي سادت، بين 1945 و 1991، أو القواعد التي سادت بعد انهيار الإتحاد السوفييتي (من 1991 إلى 2016)، بهدف جعل مصالح الولايات المتحدة تسود وتقود العالم، دون أي تنازل، ودون تَرْكِ أي حِصّة للحلفاء، الذين وجب أن يرفعوا مساهماتهم المالية في حلف شمال الأطلسي، ورفْعِ حجم التّدخّل العسكري في أفغانستان والعراق وسوريا وليبيا وإفريقيا، وتفْرِضُ الولايات المتحدة على حلفائها تطبيق إجراءات تَضُرّ بمصالح الحلفاء اقتصاديا واستراتيجيا...
على صعيد العلاقات الدّوْلِيّة، تعتمد السياسة الخارجية الأمريكية على الغطرسة، وفرض الإستسلام الكامل للأعداء، كما للأصدقاء أو الحلفاء، لشروطها ولمصالح الولايات المتحدة، وبعد "عَسْكَرَة" العلاقات الخارجية الأمريكية منذ عقود، كثّفت الولايات المتحدة من استخدام سلاح العقوبات ضد الخصوم (كوبا وإيران والصين وروسيا وكوريا الشمالية وفنزويلا...)، ومنذ 2017، أصبحت تستخدم العقوبات ضد الحلفاء، في شكل عراقيل على دخول السلع ورفع قيمة الرسوم الجمركية، وحَذّرَت الحكومة الأمريكية الحُلَفاء (في حلف شمال الأطلسي والمُشاركين في الحروب العدوانية الأمريكية ضد شُعُوب العالم)، وخصوصا حكومات أوروبا، وهَدّدَت الحُلفاء بفرض عقوبات على سلعهم وخدماتهم إذا لم يَصْطَفُّوا (كالجنود المُطِيعِين، بدون نقاش) وراء أمريكا، ولو تناقضَتْ القرارات الأمريكية مع مصالح الشركات الأوروبية، التي اضطرت لمغادرة إيران (توتال، وسيمنس وبيجو...) رغم معارضة الحكومات الأوروبية لانسحاب أمريكا من الإتفاق الدولي المُسَمّى "اتفاق النَّوَوِي الإيراني"، كما تُحاول الولايات المتحدة الهيمنة على سوق الغاز، عبر تصدير الغاز الصخري الأمريكي إلى أوروبا، ولجأت إلى التهديد بمعاقبة الشركات الأوروبية العاملة في قطاع الطاقة مع روسيا في مشروع أنابيب الغاز العابر لبحر البلْطِيق، المعروف باسم "السيل الشمالي 2" لنقل الغاز من روسيا إلى ألمانيا، وشمال أوروبا، ولجأت الولايات المتحدة إلى الإبتزاز، عبر تخيير هذه الشركات بين وقف التعاون مع روسيا أو حرمانها من العمل في السوق الأميركية، وخسارتها مصالح هامة هناك... عن وكالة "نوفوستي" + "بلومبرغ" 13/11/18
مناخ - علاقات غير مُتكافِئَة: نُشِرَتْ بُحوث تُؤَكِّدُ، منذ عُقود، مخاطر تلوث الهواء على الرئتين ، وعلى القلب وعلى ارتفاع عدد حالات الوفاة بالسكتة الدماغية، كما أثبتت هذه البحوث إن ملوثات الهواء تُؤَدِّي إلى تفاقم آثار مرض السكري وتؤثر على أدمغة الأطفال وقد تؤثر على مشيمة الأم ( Placenta )، ونشرت منظمة الصحة العالمية نتائج دراسة واسعة أجريت في عام 2017 وقارنت الدراسة تأثيرات تلوث الهواء على الصحة وعلى تعقيدات المشاكل الصحية الأخرى، واستنتجت الدراسة إن المشكلات التي يسببها تلوث الهواء أكبر بكثير من أبوبئة الملاريا والإيدز والسل مجتمعة، وقدّرت المنظمة إن أكثر من 90% من البَشَر يتنفسون هواءًا سامًا بشكل خطير، في مناطق مثل الهند والصين وبلدان أخرى، وفي معظم مدن آسيا وأفريقيا، ويُسَبِّبُ الهواء المُلَوّث (إلى جانب مشاكل أخرى) مخاطر كبيرة على صحة الأطفال، وقدّرت المنظمة إن 93% من الأطفال دون سن الخامسة عشرة أو نحو 1,8 مليار من الشباب ، بما في ذلك 630 مليون دون سن الخامسة ، يتنفسون هواءً ملوثًا وخطيرًا، أثناء فترة نمو وظائف الرئة لديهم، ويتسبب تلوث الهواء على الصعيد العالمي، في الوفاة المُبَكِّرَة لسبعة ملايين شخص مبكرة سنوياً، وقد تكون هذه التقديرات دون الواقع بكثير، إذْ لا توجد في عدد من البلدان الفقيرة أبحاث جِدِّية تظهر أخطارها، ودورها في خفض العمر المتوقع وزيادة الوفيات المبكرة...
استنتجت تقارير منظمة الصحة العالمية إن دول الإتحاد الأوروبي وأمريكا الشمالية اتخذت إجراءات لتحسين جودة الهواء، على مدى العقود الخمسة الماضية، لكن أقل من 15%من الأوروبيين يعيشون في مناطق تتفق فيها جودة الهواء مع المقاييس التي اقترحتها منظمة الصحة العالمية لحماية صحة السكان، ولا تزال قطاعات النقل البري، والزراعة، وقطاع الطاقة، تُساهم في تلويث المُحيط...
فرض الإتحاد الأوروبي (داخل حُدُودِهِ) مقاييس تفرض على العربات وعلى الشركات احترامها بشأن جودة الهواء، مما خفض كثيرًا من تلوث المُحيط بالنفايات والغازات، لكن الشركات الأوروبية نقلت مصانعها الملوثة للمُحِيط إلى مناطق أخرى من العالم، في آسيا أو إفريقيا، لأن قطاعات الصناعات في البلدان الغنية لا تستهدف سوى مضاعفة أرباحها، وتتهرب من المعايير الأوروبية لحماية البيئة، فتذهب إلى البلدان الفقيرة التي تحكمها برجوازية كمبرادورية تابعة، لا تهتم بتطوير اقتصاد البلاد، ولا بصحة المواطنين، ولا تفرض معايير، وتستغل الشركات الكبرى غياب معايير عالمية لجودة الهواء، أو للحفاظ على سلامة المُحِيط...
تسبب النشاط الصناعي والفلاحي للشركات متعددة الجنسيات (ذات المَنْشَأ الأوروبي والأمريكي) في تلويث الغلاف الجوي، وتسببت في مشاكل تلوث ضخمة في آسيا وإفريقيا وأمريكا الجنوبية، وعمدت نفس هذه الشركات إلى تصدير معظم الصناعات الملوثة إلى الدول الفقيرة، كما تعمدت شركات النفط بيع وقود الديزل القذر جداً في العديد من البلدان الأفريقية، مما تسبب مباشرة في مشكلات ضخمة، من بينها تلوث الهواء الذي اَثَّرَ على صحة سكان المدن، ويحتوي يمكن الوقود الذي تُصَدِّرُهُ هذه الشركات على أكثر من 600 ضعف مستويات الكبريت التي يسمح بها القانون في بلد مثل سويسرا، ومن جهة أخرى، استغلت شركات البناء الألمانية العقوبات الأمريكية، خلال السنوات السابقة، لتضغط على الحكومة الإيرانية، وتبيعها شاحنات الديزل دون مرشح للجسيمات (دون مصفاة)، ووردت هذه الأمثلة ضمن تقرير لمنظمة الصحة العالمية استنتج مُعِدّوه "إن الفقراء في البلدان الآسيوية والأفريقية هم الأكثر عرضة لتلوث الهواء" لأنهم يعيشون في مدن مُلَوثَة، وقريبًا من المناطق الصناعية، ومن الطرقات المُكْتَظّة... عن منظمة الصحة العالمية - "أسوشيتد برس" 08/11/18
وهكذا المادة - نشرة الإقتصاد السياسي عدد 464 - 19 كانون الثاني/يناير 2019 إعداد: الطاهر المعز
هذا هو كل المقالات - نشرة الإقتصاد السياسي عدد 464 - 19 كانون الثاني/يناير 2019 إعداد: الطاهر المعز هذه المرة، ونأمل أن توفر فوائد لكم جميعا. حسنا، أراك في وظيفة أخرى المقال.
كنت تقرأ الآن المقال - نشرة الإقتصاد السياسي عدد 464 - 19 كانون الثاني/يناير 2019 إعداد: الطاهر المعز عنوان الرابط https://notscrets.blogspot.com/2019/01/464-19-2019.html
0 Response to "- نشرة الإقتصاد السياسي عدد 464 - 19 كانون الثاني/يناير 2019 إعداد: الطاهر المعز"
إرسال تعليق