عنوان: الفرق بيني ... و .... بين التراثيين // الدكتور محمد شحرور
حلقة الوصل : الفرق بيني ... و .... بين التراثيين // الدكتور محمد شحرور
الفرق بيني ... و .... بين التراثيين // الدكتور محمد شحرور
إذ نظر إنسان إلى قطرة دم بالعين المجردة، يراها بشكل سائل أحمر، فيجزم بما يراه، وإذا نظر إنسان آخر إلى قطرة الدم هذه بالمجهر، يرى منظراً آخر تماماً، فيجزم بما يرى، ويصف أشياء لم يرها الأول مختلفة تماماً، وهنا تحصل الأزمة بين الاثنين، بسبب الأداة المعرفية المستخدمة.
ففي الحالة الأولى كانت الأداة العين المجردة، أما في الحالة الثانية، فهي (العين المجردة + المجهر). ونلاحظ أن اختلاف المواقف والجزم بالآراء ظهر من اختلاف أدوات المعرفة، كما نلاحظ سلطة هذه الأدوات على المشاهدين. لقد استعمل السلف في القرنين الثاني والثالث الهجريين أدوات معرفية في النظر إلى الإسلام، وكان لهذه الأدوات سلطة كبيرة، بحيث التبس الأمر علينا، فنحن نقاتل الآن بكل ضراوة للدفاع عن هذه الأدوات، ظانين أننا ندافع عن الإسلام.
فإذا ما استعملنا أدوات معرفية معاصرة في فهم الإسلام، ووصلنا إلى رؤية مغايرة لما رآه السلف، فهذا أمر طبيعي جداً، ومن حقنا اليوم أن نستعمل أدوات معرفية معاصرة لفهم الإسلام، وهذا يعني أننا ننقد فقط أدوات المعرفة الشائعة في القرنين الثاني والثالث الهجريين، لا أكثر ولا أقل. علينا أن نعلم أن أدوات المعرفة متطورة، وأن التنزيل الذي أوحي إلى محمد (ص) ثابت، ومن إعجازه الأكبر أن الله صاغه بحيث يتناسب مع تطور كل الأدوات المعرفية مهما تقدمت، إلى أن تقوم الساعة.
فإذا طبقنا كل النظم المعرفية الآن، وطبق الخلف النظم المتطورة في المستقبل مع أدواتها، فإننا نرى ويرون التنزيل صالحاً لها، كما لو أنه أوحي في وقت سريان مفعول هذه النظم، وهذا هو الإعجاز الخالد لما أوحي إلى محمد (ص) وفيه تكمن صلاحية التنزيل لكل زمان ومكان، وعلينا ألا نخاف من تطبيق كل النظم المعرفية وأدواتها على التنزيل الحكيم، لأننا سنرى كما لو أنه صيغ من أجلها. من هذا المنطلق نرى أن التنزيل الحكيم جاء من أجل الإنسانية جمعاء، وبدون استثناء، ولكل مراحل تطور نظمها المعرفية مع أدوات المعرفة، ولا نرى إعجازاً أكبر من هذا الإعجاز.
لهذا، فعلينا أن ندخل مرحلة جديدة في التاريخ العربي الإسلامي، بنظرة جديدة، وأدوات معرفية جديدة في التعامل مع الكتاب والقرآن والسنة، لحل المعضلة الأساسية التاريخية المستعصية عند العرب والمسلمين، التي نعاني منها يومياً. هذه المعضلة الكامنة وراء هزائمنا المتلاحقة ووضعنا المتخلف، وهي إصرارنا على التمسك بالنظم المعرفية والأدوات المعرفية في القرون الهجرية الأولى، وفهم الإسلام من خلالها.
وهكذا المادة الفرق بيني ... و .... بين التراثيين // الدكتور محمد شحرور
هذا هو كل المقالات الفرق بيني ... و .... بين التراثيين // الدكتور محمد شحرور هذه المرة، ونأمل أن توفر فوائد لكم جميعا. حسنا، أراك في وظيفة أخرى المقال.
كنت تقرأ الآن المقال الفرق بيني ... و .... بين التراثيين // الدكتور محمد شحرور عنوان الرابط https://notscrets.blogspot.com/2018/09/blog-post_454.html
0 Response to "الفرق بيني ... و .... بين التراثيين // الدكتور محمد شحرور"
إرسال تعليق