عنوان: الذّبح بالحلم أو فنّ القرصنة بقلم منصر الهذيلي
حلقة الوصل : الذّبح بالحلم أو فنّ القرصنة بقلم منصر الهذيلي
الذّبح بالحلم أو فنّ القرصنة بقلم منصر الهذيلي

انظروا كيف تصرّف عندما اكتشف سنة 1979 أنّه بإمكان الدين أن ينجز تغييرا مجتمعيا عميقا ويحرّك وعي الناس نحو الاستقلال والتحدّي والبناء الذاتي. أقام عشرات المراكز وجنّد الاف الباحثين وفرض اختصاصات أكاديمية جديدة لا همّ لها سوى دراسة الاسلام والظاهؤة الحركية الإسلامية. بذل كلّ هذا الجهد ولا يزال يبذل لخصي كلّ حراك فعّال. خلال السنوات الاخيرة نجح في تحويل الدين سلاح دمار شامل يفتت مجتمعات المسلمين وحوّل جماعات الاسلاميين الى عناوين خضوع وخنوع. هو اجتهد حتى في تقنيات تعذيبهم ليحصل منهم على ردات فعل بعينها. دمّر النفسيات ولبّس المفاهيم واخترق العقل ورغّب ورهّب. من فعل كلّ هذا؟ الاستعمار. هو نقل الظاهرة الاسلامية من برمجية لأخرى وأصبح معوّلا عليها بجدّ لتحقيق مصالحه. بل إنّ الظاهرة الإسلامية ما عادت تفرق اليوم بين مصالح المنتسبين لها ومصالح الاستعمار. هل تُغيّر من واقع الناس شيئا اليوم بداعش والنصرة واخوان؟ أسأل لأنّ هذه العناوين هي المفروضة عبر مسارات معقّدة عناوين اسلامية واسلام. مفروضة عبر مسار ماكر وخبيث. هذه عناوين بما كان منها وتجلى منفرة من الاسلام داخل المجتمعات الاسلامية فكيف ينتظر منها أن تكون رافعة تغيير وثورة. هي عناوين ضدّ ثورة وضدّ تغيير وهي عناوين صارت في خدمة الاستعمار طوعا منها أو رغما عنها.
نفس السلوك مع السياسة وبالسياسة وعناوينها خصوصا عنوانها الديمقراطي. انظروا الى الوضع التونسي المفترض أن يفتح على ممكنات ضخمة عريضة بعد ذهاب بن علي. سريعا يتطور هذا الوضع الى المغلق. يفهم الناس هذا وهم من انتخابات الى أخرى أقلّ حماسة للأحزاب وأقلّ عددا أمام الصناديق للانتخاب. هي سياسة في الظاهر فقط ولكنّها كواليسا تقنية تخكّم وسيطرة جهنّميتين. حاشا السياسة أن يكون منها مثل ما نحن فيه وحاشا الديمقراطية وحاشا انعتاق الشعوب. ذات المكر وذات الإختراق وذات تحويل المنحة الى محنة. ليس أبلغ من كلمة الفَرْيَسَة أو القرصنة المعتمدة في حقل الحواسيب لنفهم ما يجري. هو اختراق للبرمجيات بما يجعلها تتحرّك في عكس ما جُعلت له وفي عكس ما ينتظر المرء ويأمل.
إلى أين تقود العملية السياسية في تونس؟ الى حرّية وتنمية وكرامة واستقلال؟ لا تقود إلى شيء من هذا وأعسر العسير اقناع الناس بهذا لأن هذه العملية تبنى على جثّة بن علي ولأنها تحتضن من كان بين مسجون ومنفي. هناك مؤشرات تُعتمد موضوعيا للحكم والتقييم. كلّ هذه المؤشرات لا تسعف المتحمّسين المدافعين عن عمليتنا السياسية المبشرين بأنها تقود الناس من ثمر طيب الى ثمر أطيب منه. هي فاشلة وتأخذ الى مجهول لا لأنها ديمقراطية ولكن لأنها مُقرصنة أو لعلّها مُسرطنة أصلا ومعروف من الذي يقرصن ويسرطن. ليس حزبا تونسيا بكلّ تأكيد ولا هو ائتلاف أحزاب ولا هي كلّ الأحزاب مجتمعة. هو الإستعمار في حلّته الجديدة الأشدّ بأسا والأنكى تدميرا. يمسك كلّ الخيوط ويحرّكها بما يحقّق مصالحه لا مصالج غيره. أخطر ما يأتي الإستعمار أنه يحقق مآربه فينا بنا ولو كانت كلّ نوايانا حسنة ولو كان كلّ العسل على ألسنتنا ونحن نخاطب النّاس. تدخّل في وضع القوانين المنظمة لعمليتنا السياسية محتجا بأسبقيته الديمقراطية. وجّه صياغة الدستور بمنعطفات دقيقة. جذب اليه نخبا وورّطها في عهود ووعود. نفذ الى المال لبرلة وضبط نسق كلّ قطاع وبقي منتظرا لخراج يأتيه حتما. نمنحه بالديمقراطية ما لم نمنحه بتلاسنبداد. نحن الان على أبواب الافلاس ليسهل الابتزاز بمشهد سياسي هو الابتذال بعينه ونقاد الى مسخنا الثقافي ونهرول نحو التطبيع.
ما الحلّ؟ الحلّ في رفض هذا الدجل وفضح هذه البرمجية المخترقة المقرصنة. لا أراه في تشكيل حزب جديد ولا أراه في مرور من حزب إلى حزب. كلّها توظف بداية أو منتهى في خدمة برمجية الإستعمار. يجب إمتلاك ما يلزم من جرأة للفصل بين تعلّقنا الذاتي بشخصيات سياسية وثقتنا بهذا العنوان أو ذاك وبين واقع أنّ المنظومة السياسية التي تركّب لا تنفع الناس وتأخذهم الى كلّ الضرر. يجب أن نمتلك الجرأة للاعتراف بأننا نتحرّك نحو الأقبح والأخطر ولا نبقى بموسم فرح مخدّر برحيل المستبدّ. أهمّ خطوة يمكن انجازها للناس لبناء الوعي والتأسيس إعادة مفردة الإستعمار الى التداول وتعرية الصهينة والأمركة التين تتخذان من أحزابنا مطية ووسيلة. هذه البرمجية خبيثة ويجب اسقاطها بالوعي مقدمة لإسقاطها واقعا. نحن بكلّ حلمنا نُذبح كلّ الذبح. الواحد لما يرى كلّ هذه الطاقة التي ننفقها حالمين بين انتخابات بلدية وتشريعية ورئاسية وفي تشكيل الأحزاب وصرعاتها وسجالاتها ويرى مكر الاستعمار الماسك والمحيط يفهم أنّ الوعي كسيح ولا أمل قبل رؤيته ينهض.
وهكذا المادة الذّبح بالحلم أو فنّ القرصنة بقلم منصر الهذيلي
هذا هو كل المقالات الذّبح بالحلم أو فنّ القرصنة بقلم منصر الهذيلي هذه المرة، ونأمل أن توفر فوائد لكم جميعا. حسنا، أراك في وظيفة أخرى المقال.
كنت تقرأ الآن المقال الذّبح بالحلم أو فنّ القرصنة بقلم منصر الهذيلي عنوان الرابط https://notscrets.blogspot.com/2018/07/blog-post_662.html
0 Response to "الذّبح بالحلم أو فنّ القرصنة بقلم منصر الهذيلي"
إرسال تعليق