عنوان: استهداف نقابة التعليم الثانوي: ماذا وراء الأكمة ؟ بقلم سالم الحداد
حلقة الوصل : استهداف نقابة التعليم الثانوي: ماذا وراء الأكمة ؟ بقلم سالم الحداد
استهداف نقابة التعليم الثانوي: ماذا وراء الأكمة ؟ بقلم سالم الحداد

لا أعتقد أن المتلقّي في حاجة إلى معرفة التفاصيل، وتفاصيل التفاصيل لمسار التجاذبات وإنما يكفي أن أذكّر بالملامح العامة لمسار التجاذب وبخلفيته الاجتماعية والسياسية في السياق المحلي والدولي.
أولا ـــ السياق العام
قبل شهرين تقريبا كان الاتحاد العام أكبر داعم لحكومة الشاهد بل هو الداعم الوحيد لها في غياب أطراف الحزام السياسي لها وتخاذلهم. غير أن المعادلة السياسية تغيرت ب180 درجة فاقترب البعيد ونأى القريب، فما سرّ هذا التحول؟
إنه وبكل بساطة تدخّل صندوق النقد الدولي الذي أملى شروطه مقابل الإيفاء بتعهداته ، ومن أبرزها: التفويت في المؤسسات العمومية ، تجميد الانتدابات، تخفيض كتلة الأجور ، تقليص اعتمادات الدعم ... وكلها لا تمرّر بوجود الاتحاد العام كقوة حارسة لهذه المؤسسات وفاعلة في الحياة الاجتماعية والسياسية وحامية لمصالح الشغالين بالساعد وبالفكر وحتى للفئات المتوسطة التي بدأت تتآكل.
هذا التوجّه الجديد تزامن مع مطالبة نقابة التعليم الثانوي ببعض الاستحقاقات الاجتماعية ، وأبرزها التخفيض في سن التقاعد ليس كامتياز على غرار العديد من الأصناف، بل باعتبار أن مهنة التعليم مهنة شاقة ،وقد رفضتها الدولة جملة وتفصيلا، مما أضطر النقابة إلى التدرج في التصعيد: من تقديم اللوائح فالتذكير بها فالتجمعات بالعاصمة فالإضرابات المحدودة فحجب الأعداد فالإضراب المفتوح.
في هذه المحطة بالذات تحركت الحكومة لا لتفتح الأبواب الموصدة بل لتضرب على الوتر الحساس للشعب التونسي الحريص على تعليم أبنائه فتوخت نفس الأساليب التي كانت انتهجتها منظومة الاستبداد والفساد طيلة 55 سنة وهي :
ثانيا ـــ اجترار أساليب دولة الاستبداد
1ـــ التخفي وراء هيبة الدولة
اشترطت فتح باب الحوار بالتخلي عن كل الأساليب النضالية ، فالحكومة لا تتفاوض تحت الضغط حفاظا على هيبة الدولة، فهذه الهيبة لم تنتهكها المافيات التي تمارس الفساد والتجارة الموازية والتهريب وتبييض الأموال والتهرّب من الضرائب والجرائم التي أقضت أمن المواطن ليلا ونهارا والمخدرات التي تسربت للمؤسسات التربوية، لكن يهددها فقط المربون الذي يمارسون حقا شرعيا يكفله الدستور والمواثيق الدولية وهم ينضبطون في ممارستهم لقيمهم التربوية قبل القوانين حبا في أبنائهم الذين لم يختاروا التوقف عن التواصل معهم بل اضطروا لذلك بعد أن وجدوا أنفسهم بين خيارين احلاهما مرّ. إن هيبة الدولة أضحوكة الصفراء تبوح بالمستور.
2 ـــ العملقة والتقزيم
لم تصغ الحكومة لهذه الاستحقاقات بل شيطنت كاتبها العام وحوّلته إلى مُشير يصدر الأوامر وقزّمت رجال التربية والتعليم، فتكفي إشارة من القائد ليتوقف أكثرمن مائة ألف أستاذ عن أداء مهامهم التربوية.إنهم جنود ينفذون
3 ــ زرع الخوف في الشعب واستبلاهه
استغلت السلطة حرص الشعب على التعليم لتقحم الأولياء ولتحمّل مسؤولية إهمال التلاميذ للأساتذة وهي بذلك تضرب عصفورين بحجر واحد فتكسبهم وتثيرنقمتهم على الاساتذة والنقابة والمنظمة الشغيلة
4 ـــ توظيف الأبواق
لم تتخلف جوقات الدعاية عن القيام بدورها وهي في حقيقتها من بقايا منظومة الإعلام الضال المضلل الذي أتقن آليات منظومة الاستبداد والفساد فحوّل السلطة إلى حمل وديع حريص على مصلحة التلاميذ وشيطن النقابيين وحملهم مسؤولية ضياع التلاميذ.
ثالثا ـــ الأهداف
ترى ما هي الأهداف التي تروم السلطة تحقيقها؟لماذا نقابة التعليم الثانوي بالذات؟
1 ـــ تجريد الاتحاد من أهم روافعه
تعتبر هذه النقابة العامة للتعليم الثانوي رافعة من أهم روافع الاتحاد ودرعا حصينا له ،وليست المرة الأولى التي يقع استهدافها، ولكنها المرة الأولى التي تبلغ فيها القاعدة الأستاذية هذه الدرجة من الوعي ومن التعبئة ومن التصميم .ومن التجليات هوتحول عشرات الآلاف للعاصمة للاحتجاج. ومن أهم النجاحات التي حققتها هي أنها أدركت أهمية التعاون مع المركزية وتجنب المزايدات خاصة في المحطات المفصلية، ولذا فإن التركيز عليها لم يكن اعتباطيا فهو يتنزل ضمن استراتيجية معهودة تقول: << اضرب اضرب بقوة وبسرعة وفي المركز الحساس>> وبضرب هذه النقابة يسهل الانقضاض على المنظمة الشغيلة.
2 ـــ تأكيد التزامات الحكومة إزاء صندوق النقد الدولي
إن العقبة الكأداء أمام إعادة الهيكلة والتفويت في المؤسسات العمومية بل والتطبيع مع الكيان الصهيوني ليست الأحزاب السياسية والمتغولة منها بالخصوص بل هو المجتمع المدني وقلبه النابض الاتحاد العام، لذا ليس من المستبعد أن يكون ضرب الاتحاد محل توافق بين الثورة المضادة في تونس والقوى الممولة لصندوق النقد الدولي لتمرير برامج إعادة الهيكلة واحتواء الثورة التي بقيت عصية.
3 ـــ استعادة السلطة لنفوذها
بلا شك أن الثورة المضادة بالرغم من أنها استرجعت العديد من مواقع النفوذ خاصة على المستوى الاقتصادي فإن الحنين إلى النفوذ المطلق مازال يراودها ،غير أنها مقتنعة أنها غير قادرة على تحقيق حُلمها ما دامت المنظمة الشغيلة طرفا فاعلا في الساحة فوجدت الحكومة فرصتها في هذا الإضراب الذي تعتبره غير شعبي فتوخت سياسة المماطلة والتسويف وتهديد المربين في لقمة عيشهم مستغلة امكانياتهم المحدودة ثم اعتقدت أنه بإمكانها أن تسحب البساط من المنظمة وهياكلها فخاطبت الأساتذة مباشرة معتقدة أن المربين قطيع من المعز ترعى الأعشاب الجافة والأشجار الشائكة في الجبال وأنهم سيتسارعون إلى صيحاته.
ولم تدرك الحكومة ان تونس تحولت من مجتمع الدولة الذي يحكمه حزب واحد وزعيم أوحد إلى دولة المجتمع الديمقراطية التي تنهض على المؤسسات وتحتكم للقوانين وأن القاعدة الاستاذية مؤطرة وممثلة وليست سائبة .
فهلا أدركت القواعد النقابية ما وراء الأكمة؟
سالم الحداد زرمدين/ المنستير/ 21 أفريل2018
وهكذا المادة استهداف نقابة التعليم الثانوي: ماذا وراء الأكمة ؟ بقلم سالم الحداد
هذا هو كل المقالات استهداف نقابة التعليم الثانوي: ماذا وراء الأكمة ؟ بقلم سالم الحداد هذه المرة، ونأمل أن توفر فوائد لكم جميعا. حسنا، أراك في وظيفة أخرى المقال.
كنت تقرأ الآن المقال استهداف نقابة التعليم الثانوي: ماذا وراء الأكمة ؟ بقلم سالم الحداد عنوان الرابط https://notscrets.blogspot.com/2018/04/blog-post_465.html
0 Response to "استهداف نقابة التعليم الثانوي: ماذا وراء الأكمة ؟ بقلم سالم الحداد"
إرسال تعليق