عنوان: اتحاد الشغل التونسي حزبًا معارضًا توفيق المديني
حلقة الوصل : اتحاد الشغل التونسي حزبًا معارضًا توفيق المديني
اتحاد الشغل التونسي حزبًا معارضًا توفيق المديني
يعيش المشهد السياسي التونسي حربا باردة حقيقية بين الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل السيد نور الدين الطبوبي و رئيس الحكومة التونسية السيد يوسف الشاهد،حيث حافظ الأول على خطابه السياسي الهجومي تجاه الحكومة، لا سيما في افتتاح المؤتمر العادي الخامس و العشرين للاتحاد الجهوي بتونس، حين قال الطبوبي:"الإتحاد أكبر منكم ونحن أصحاب حق في هذه البلاد"،و أضاف الطبوبي في خطابه الموجه للشاهد: نحن لا ننازعك في صلاحياتك و لا صلاحيات أي مؤسسة دستورية..و المسؤول المحنك و السياسي الناجح مطالب بأرقام و نتائج وعندما أنظر وأتمعن في كل نتائج اليوم للأسف الشديد أجدها كلها سلبية".
و يعود جوهر الخلاف بين الاتحاد العام التونسي للشغل و حكومة يوسف الشاهد إلى شهر نوفمبر 2017، حين أبرم الطرفان اتفاقًا يلتزم فيه الاتحاد بمواصلة دعم الحكومة وعدم التشويش على قانون المالية لسنة 2018، مقابل تعهد الحكومة باحترام خطوط الاتحاد الحمراء ولا سيما منها عدم الزيادة في أسعار المواد الأساسية وعدم خصخصة مؤسسات القطاع العام.
الشاهد هو الذي تراجع عن الاتفاق عندما فكر في تجاوز أحد الخطوط الحمراء عبر بيع بعض مؤسسات القطاع (شركة التبغ والوقيد وبنك الإسكان) على أساس المحاباة و الولاءات والتي ألحقت ضررًا بها. فقد وضع الاتحاد العام التونسي للشغل أمام الحكومة خطوطًا حمراء، فيما يتعلق بالمحافظة على القطاع العام، رافضًا الشراكة مع القطاع الخاص، ومنتقدًا في الوقت عينه التعيينات و التسميات التي تمت في عدد من مؤسسات القطاع العام، مؤكدَا على ضرورة انتهاج سياسة الحوكمة الرشيدة.
فالأزمة بين الاتحاد العام التونسي للشغل والحكومة، ليست في انتماء يوسف الشاهد البورجوازي واعتناقه مذهب العولمة الليبرالية في الاقتصاد، بل إنّ مشكلة الاتحاد تكمن تحديدا مع الأحزاب التي تمارس "المراهقة السياسية" والأطراف التي تزين الخوصصة ، وهذا ما جعله يدعو في الفترة الأخيرة إلى ضرورة ضخ كفاءات و دماء جديدة في الحكومة و في أجهزة الدولة، ليرّد عليه رئيس الحكومة يوسف الشاهد قبل أيام في حوار تلفزي بثته الوطنية الأولى إنّه لا يعتزم في الوقت الحاضر إجراء تعديل وزاري، و أنّ هذا التعديل من صلاحياته هو فحسب.
هناك شبه إجماع لدى تكوينات المجتمع المدني في تونس، على أن الصراع الحقيقي في تونس هو بين سياسة الاتحاد الرافضة للخوصصة وبين الأطراف السياسية التي تدفع بالشاهد نحوها لا سيما من قبل الحزبين الكبيرين "النداء و النهضة"،وحزبي" آفاق تونس و الوطني الحر"الشريكين في الإئتلاف الحاكم ، بينما لا يزال الإتحاد العام التونسي للشغل يلعب دور الملجأ للمعارضة الديمقراطية التي تستجير به من هيمنة الأحزاب السياسية المدافعة عن الخوصصة و الاندماج في نظام العولمة الليبرالية من موقع الطرف التابع و الضعيف للدول الغربية و المؤسسات الدولية المانحة.
والحال هذه، ارتفع التوتّر أكثر بين حكومة يوسف الشاهد وبين الاتحاد العام التونسي للشغل بسبب دور الإنابة الذي بات يقوم به الاتحاد نيابة عن الأحزاب السياسية المعارِضة، العاجزة عن لعب دورها. إذ قرّرالاتحاد أن يلتزم إلى جانب المجتمع المدنيّ والشعب التونسي بتنوعّاته، ليس من أجل الدفاع عن جماهير الطبقات الفقيرة و الوسطى وحسب، بل عن الجمهوريّة ومؤسّساتها بنوعٍ خاص. هكذا يتقدّم اتحاد الشغل دفاعاً عن مؤسسات القطاع العام، وبماأن تونس تعيش حاليا مخاض ثورة ديمقراطية عميقة، وهي بصدد بناء نظامها الديمقراطي الجديد، الذي قوامه بناء دولة الحق و القانون ، وإقامة تعددية سياسية حقيقية، و إقرار مبدأ التداول السلمي للسلطة، فإن الاتحاد ازداد دوره النقابي و السياسي في زمن الانتقال الديمقراطي ، على الرغم من إنّ المدافعين عن العولمة الليبرالية ، كانوا يعتقدون إن الاتحاد سيفقد وزنه السياسيّ لسببين رئيسيين: أولهما تراجع دور النقابات في العالم مع تضاؤل حجم القطاع العام في ظلّ العولمة الليبرالية ،والثاني هو بروز الأحزاب السياسية في مرحلة الانتقال الديمقراطي ، ما سيخطف من الإتحاد دور الملجأ بعدما كانت الجماعات السياسية المختلفة تستجير به من جبروت السلطة.
ومنذ انخراطه في الثورة التونسية ، عمل الاتحاد العام التونسي للشغل على محو الحقبة السوداء التي عاشها في ظل حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، واستعادة عافيته، وتوسيع قاعدته بوصفه القوة الوازنة الرئيسة في البلاد التي استقطبت حوله ليس المنظمات الأهلية فحسب ،وإنما أيضا غالبية الأحزاب الصغيرة .وباتت هناك مواجهة بين خطابَين متماسكَين في تونس .مؤيّدو الحكومة من اليمين الليبرالي و اليمين الديني يرون أنّ الاتحادالعام التونسي للشغل يجري التلاعب به وتوظيفه من بيروقراطيّته لأهدافٍ حزبيّة فئوية صرف، في حين من الأنفع له أن يكتفي بلعب دوره النقابي. أمّا المعارضون لنظام الخوصصة و العولمة الليبرالية في الاقتصاد،فيقولون إنّ على الاتحاد أن يكون مستقلاًّ، ويتدخّل بشكلٍ فعّال في الحياة السياسية كسلطة مضادة.فيما بات الرأي العام في تونس يتعاطى مع الاتحاد العام التونسي للشغل كما لو أنه يتوجه إلى طرف سياسي معارض، ولعله كان مُدْرَكاً كما أدرك الذين من قبله أنّ الاتحاد لا يقرأ فقط من زاوية نقابية، فهو طرف اجتماعي يختزن مجموعات ضغط سياسي، وتنويعات ايديولوجية، وناشطين حزبيين يساريين تمرسوا في ساحات النضال النقابي المطلبي ، وكلّ هذا يجعل من الاتحاد أحد الأطراف المفاتيح في أي معادلة توافق واستقرار كما في أي ترتيب سياسي محتمل.
وهكذا المادة اتحاد الشغل التونسي حزبًا معارضًا توفيق المديني
هذا هو كل المقالات اتحاد الشغل التونسي حزبًا معارضًا توفيق المديني هذه المرة، ونأمل أن توفر فوائد لكم جميعا. حسنا، أراك في وظيفة أخرى المقال.
كنت تقرأ الآن المقال اتحاد الشغل التونسي حزبًا معارضًا توفيق المديني عنوان الرابط https://notscrets.blogspot.com/2018/03/blog-post_883.html
0 Response to "اتحاد الشغل التونسي حزبًا معارضًا توفيق المديني"
إرسال تعليق