عنوان: في ذكرى يوم الأرض العربية بفلسطين؛ من أجل "ذَخِيرة نضاليّة" تليق بعمق القضيّة د. مصباح الشيباني
حلقة الوصل : في ذكرى يوم الأرض العربية بفلسطين؛ من أجل "ذَخِيرة نضاليّة" تليق بعمق القضيّة د. مصباح الشيباني
في ذكرى يوم الأرض العربية بفلسطين؛ من أجل "ذَخِيرة نضاليّة" تليق بعمق القضيّة د. مصباح الشيباني
لم يشهد العالم في تاريخه المعاصر حدثاً استعماريّاً واستيطانيّاً بقرار "دولي" مثلما حدث في أرضنا العربية. فاعتراف "منظمة الأمم المتحدة" بقيام دولة "إسرائيل" في 29 نوفمبر 1947، في فلسطين كان حدثًا استثنائيًا وسابقة تاريخيّة في الاعتداء على منظومة "حقوق الإنسان" و"ميثاق منظمة الأمم المتحدة" وغيرها من المعاهدات والمواثيق، شكلاً ومضمونًا. ولأوّل مرة في تاريخ الدّول تُؤسّسُ "كيان دولة" على أنقاض دولة أخرى، ويُهجّر شعب من أرضه ليستوطنها شعب آخر بقرار "إستعماري" غربي صادر عن "منظمة الأمم المتحدة".
وهذه المسألة الخطيرة، ينبغي على شبابنا العربي أن يقرأها قراءة موضوعية تقوم على أساس الوعي بالتّاريخ حتى لا يتملّكه الشكّ أو عدم الثّبات في الدفاع عن حقه في استرداد أرضه المغتصبة في فلسطين وفي غيرها من الأقطار العربية الأخرى. وإذا لم يمسك الشّعب العربي بالسّاعة والزّمن ولم يكن لديه الوعي الإستراتيجي الكافي بأبعاد هذه القضية، فإنّه لن يكون له أمل ونصر في المستقبل، وسيظلّ المأزق العربي مستمرًا بل سيزداد غموضا وتعقيدا. وقد تتشوّه ذاكرته لأنّ ذاكرة الشّعوب "ليست صندوقاً من حديد وصلب دونه سلاح وعليه أقفال، وإنّما هي وعاء مفتوحُ تصب فيه وتتسرّب إليه ليل نهار صور ومشاهد ونزعات ومطامح وإيحاءات" تتواصل معهم إلى الممات.
لم يكن الخطر الاستراتيجي في وطننا العربي اليوم، هو العدو الصهيوني وحده، بل إنّ الخطر الحقيقي الذي يهدّد وجودنا العربي ومقاومتنا للاحتلال، إنّما يكمن في أنظمتنا العربية المطبّعة مع هذا العدو ومحاولاتها حراسة "دولة إسرائيل" ومواجهة أي حراك ثوري وتحرّري في الوطن العربي بدعوى اعتماد استراتيجية "السياسة الواقعية" أو "سياسة المراحل"، بينما هذه الاستراتيجية في حقيقتها ليست إلا استراتيجية التّسويات العربية الرّسمية المُجهضة لنضالات الشّعب العربي ووضعه أمام أمرين كلاهما مرّ: إمّا اليأس والإحباط، أو قبول التّسوية غير العادلة مع العدو الغاصب لأرضنا.
لهذا، علينا أن ننتبه إلى مخاطر هذه السّياسات العربية الرّسمية ــ سواء تمت بشكل فردي أو بشكل جماعي ــ التي تسعى إلى أن تُوهم شبابنا بأنّ صراعنا مع الكيان الصهيوني هو صراع حدود أو على المقدّسات وليس صراع وجود. فالحركة الصّهيونية لن يتوقّف هدفها على تجميع اليهود وتدريبهم وتسليحهم ونقلهم إلى فلسطين، ولن يكون هدفها الاستراتيجي منحصرا في إقامة دولة "إسرائيل" أو "دولة اليهود" وتحقيق أحلامهم الأسطورية باسم "شعب الله المختار"، ولكن الهدف الأساسي بعد كل ذلك، هو القضاء على أية قوة عسكرية أو مقاومة عربية تمنعها من تحقيق هدفها الإستراتيجي؛ وهو أن يعيش الصهاينة على أرضنا العربية حياة آمنة ومستقرّة تسمح لهم بأن يتحوّلوا إلى أمّة لها جميع مقوّمات الأمم الأخرى من لغة وتاريخ ودين وأرض ..الخ.
إنّ تحقيق مشروع "الشّرق الأوسط الجديد" والعمل على تحويله إلى واقع " جيوـ سياسي" كان وما يزال يشكّل مطلباً ملحّاً وهدفاً مشتركا بين الأنظمة الإقليمية العربية العميلة، وبين الكيان الصهيوني. وأصبح الوطن العربي كله يواجه أخطر مؤامرة من قبل نظم الفِتن والابتزاز والنّهب والفساد والتجويع، ويتعرّض إلى أخطر سياسة عدوانية مجنونة تقودها شلل سياسية عربية "لا وطنية" ـ تحت عناوين مختلفة ــ أعْمتها مصالحها الذاتية الضيقة، وقوى غربية استعمارية أعمتها سياسة الاستعلاء، والهيمنة والتفوّق المادي والعسكري في نظام دولي أحادي القطبية.
لذلك، يتحدّد الآن في ظلّ هذه المرحلة الخطيرة من تاريخ الأمة الواجب الأساسي للشّعب العربي تجاه القضيّة الفلسطينية والمقاومة معاً. ومن أهم التحديات التي تواجهه هي كيف يستثمر كل الإمكانيات المتاحة له للدّفاع عن أرضه المغتصبة، وتهيئة الظروف "الثوريّة" للحيلولة دون تحطيم عزائم أبطال المقاومة وللحيلولة دون إمكانية تفكيك بنيتها الدّاخلية أو التّشكيك في عقيدتها النّضالية خاصة في مخيال الشّباب العربي والمسلم الذي نشأ على ثقافة التّطبيع.
قد يطرح بعضنا اليوم السّؤال التّالي: في ظلّ التحولات والتغيرات الجيوـ سياسية التي تعيشها منطقتنا العربية وتأثيراتها السلبية في حلّ القضية الفلسطينية، ما هي "الذّخيرة النّضالية" التي يمتلكها الشعب العربي وتمكّنه من أن يغيّر بها المعطيات ومعادلات القوّة في الصّراع مع الكيان الصهيوني في المستقبل؟
قبل الإجابة عن هذا السّؤال، يجب أن نقف أولا عند الحقائق التالية وهي:
أولا: إنّ الانقسام الدّاخلي والحاد في المشهد العربي الرّسمي، سياسيا وأمنيا، كان السّبب المباشر في إعلان رئيس الولايات المتحدة "دونالد ترامب" قراره بدء نقل سفارة بلاده إلى مدينة القدس واعتبارها عاصمة للعدو، على الرّغم من أن هذا القرار كان قد اتخذ من قبل مجلس الشيوخ الأمريكي منذ عام 1995. لكن أمام تواطؤ بعض أنظمة الدول العربية منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي، وبالاتفاق معها اليوم، تم إقرار هذا الوعد وتنفيذه. لذلك، فالضغط على العدو الصهيوني من قبل النّظام العربي غير ممكن ولن يتجاوز في مستوياته القصوى السّحابة العابرة في مستوى الخطابات السياسية. ولن يكون في كل الأحوال موقفا مبدئيا أو تصحيحيا لطبيعة الصراع العربي ــ الصهيوني في فلسطين.
ثانيا: لا يمكن أن تدْخل بعض الأنظمة العربية مع العدو الصهيوني في صدام قد يعوّض المائة عام أو أكثر من المذلّة ( 1917 ـ 2018)، بل إنّ السّقف الأعلى للتّنديد ( إن حدث)- وهو ما يهمّ الغرب - هو أن من حق أيّة دولة أن تعبّر عن إرادتها، ولكن ما لا تقبله منها، هو أن تكون مضامين سياساتها الخارجية أو قراراتها الاستراتيجية أو علاقاتها الدّبلوماسية مناقضة لمصالح الأعداء في المنطقة إذا لم تكن متطابقة معها بشكل كامل. كما يجب أن لا ننسى أنّ أساليب الاستعمار "المعوْلم" و"النّاعم" قد تغيّرت وتطوّرت. فلا تخدعنا الخطابات السّياسية للأنظمة ما دامت القرارات الصادرة عنها لا تُعبّر عن إرادة شعوبها ولا يُنفّذ منها في الواقع إلا ما ترضى عليه الدّول الاستعمارية.
لهذا، يتحدّد الواجب الأساسي للشعب العربي في الدفاع عن القضية الفلسطينية والمقاومة معًا، كالتالي:
1ـ المشاركة بقدر المستطاع وبالطاقة والجهد المُمْكنين في كشف أدوات التّطبيع مع العدو في كل صوره وفضح جميع أدواته السّياسية والثقافية والإعلامية بما يسمح بصدّ هذه الهجمة التّطبيعية غير المسبوقة في تاريخنا ( في الإعلام والرياضة والثقافة والسياحة وغيرها) للأنظمة العربية وخطورتها على تشويه ذاكرة الأمّة ومخيالها السّياسي المقاوم للصهيونية. ولا ينبغي أن نستعجل الأمور أو نقف عند الاحتجاجات "الاحتفالية"، لأنّ المعركة تحتاج إلى مراكمة كلّ "فكر" أو "فعل مقاوم" في اتجاه إعادة "الصّحوة العربية" بخطورة القضيّة وعمقها التّاريخي، وما أصعب الصّحوة بعد طول استلاب!
2ـ ينبغي علينا أن نستثمر كل "الذّخائر النّضالية" ( المادية والبشرية، السّلمية والعسكرية، الثقافية والسياسية والفنية) لتطوير البيئة "الثورية" الحاضنة لكلّ أشكال المقاومة وللحيلولة دون تحطيم عزائم أبطالها في كل المواقع والسّاحات، أو إمكانية تفكيك بنيتها الدّاخلية والتّشكيك في عقيدتها النّضالية.
3ـ ينبغي أن ننتبه إلى المنعطف التاريخي الخطير الذي ستعرفه القضية الفلسطينية في المستقبل. وأن نعيد بوصلة نضالنا العربي الموحّد بمختلف أشكاله في اتجاه تحرير فلسطين، لأنّ تحرير الأمة العربية وتحقيق استقلالها وضمان مستقبلها رهين بتحرير فلسطين أولاً. وإلا، فإنّنا سنظلّ نكرّر نفس الأخطاء وإن تغيّرت الوقائع الجيو ـ سياسية في المنطقة العربية. ومهما تدفّقت أمواج الارهاب الدّولي وتأثيراته في المشهد العربي، تظلّ القضية الفلسطينية هي مفتاح التحرّر العربي من كلّ أشكال الإستعمار والتبعية والتخلف.
فإرادة الشّعوب وحدها هي التي تغيّر المعادلة مع أي عدوّ يستهدفها، و"إنّ ما أخذ بالقوة لا يستردّ بغير القوّة"، أما المراهنة على الأنظمة العربية أو المنظّمات الدولية فلن يكون إلا مضيعة للوقت ولن نجنِ منه إلا سرابًا سرمديًا، وإنّ "عملية السّلام" الملتبسة الخالية من جميع مضامين السّلام الحقيقي وشروطه، ليست إلا مؤامرة عربية ـــ غربية لن تؤدي إلا إلى إطالة أمد الاحتلال للأرض العربية. ومن لا يعي بحقائق التاريخ لا يمكنه أن يستشرف أفق المستقبل.
وهكذا المادة في ذكرى يوم الأرض العربية بفلسطين؛ من أجل "ذَخِيرة نضاليّة" تليق بعمق القضيّة د. مصباح الشيباني
هذا هو كل المقالات في ذكرى يوم الأرض العربية بفلسطين؛ من أجل "ذَخِيرة نضاليّة" تليق بعمق القضيّة د. مصباح الشيباني هذه المرة، ونأمل أن توفر فوائد لكم جميعا. حسنا، أراك في وظيفة أخرى المقال.
كنت تقرأ الآن المقال في ذكرى يوم الأرض العربية بفلسطين؛ من أجل "ذَخِيرة نضاليّة" تليق بعمق القضيّة د. مصباح الشيباني عنوان الرابط https://notscrets.blogspot.com/2018/03/blog-post_333.html

0 Response to "في ذكرى يوم الأرض العربية بفلسطين؛ من أجل "ذَخِيرة نضاليّة" تليق بعمق القضيّة د. مصباح الشيباني"
إرسال تعليق