عنوان: "الدّولة العمياء" في تونس والانحرافات الدّيبلوماسية للسّفير الفرنسي د. مصباح الشيباني
حلقة الوصل : "الدّولة العمياء" في تونس والانحرافات الدّيبلوماسية للسّفير الفرنسي د. مصباح الشيباني
"الدّولة العمياء" في تونس والانحرافات الدّيبلوماسية للسّفير الفرنسي د. مصباح الشيباني
على الرّغم من تشابه الحالة العامة في منطقتنا العربية، فإنّ هناك بعض الاختلافات الجزئية من قطر عربي إلى آخر. ففي تونس مثلا، ظنّ شعبنا أنّ الإستعمار الفرنسي المباشر قد تلاشى، وأنّ حكّامنا "الوطنيين جدًا" لن يسمحوا له بالبقاء أكثر ممّا بقي منذ أن تم الاعتراف بـ"استقلالنا الداخلي" ( 1جوان 1955) واحتفلنا بـ"عيد الجلاء"(15 أكتوبر 1963) ، لكن بعد مرور أكثر من نصف قرن من الخديعة الكبرى، ظهر للشّعب أنّ فرنسا ورجالها الذين يعملون معها أو لصالحها لا يريدون له أن يتحرّر أو يسترد كرامته وسيادته، بل بدأوا يجرّونه إلى أن يعمل في حقولها ( الفسفاط، النفط، الغاز ...)، وأن لا يقاتل إلا تحت لوائها وإلا فإنّه ليس له الحق في الحياة.
لقد نكث حكامنا في تونس العهد وفقدوا بصيرتهم وأخلّوا بما أقسموا عليه من واجب الدّفاع عن استقلال الوطن، وباتت"دولتنا عمياء" تسيّرها فلسفة ديبلوماسية السّفير الفرنسي التبشرية القائمة على منطق "النّفْسنة السّخيفة" ثقيلة الظلّ التي امتلأت بها القنوات التلفزية "اللاّوطنية" ومواقع التّواصل الاجتماعي. هذه الفلسفة الديبلوماسية التبشرية ارتبطت في أذهان عامة النّاس بعنجهية صاحبها أولا ، وتعبّر عن فساد أهل السّلطة وخيانتهم للوطن ثانيا. وهذا كلّه يؤشّر على أنّ سُوسَ السّلطة في تونس بدأ ينخر عظامها ( مؤسّساتها وهياكلها الرّسمية)، ويبشّر بتهاويها وسقوطها في مستنقع التطبّع مع الخيانة، بل تسويقها وبيعها بالجملة والتفصيل.
لقد كشف لنا السّيد السفير الفرنسي عبر اجتماعاته العلنية والسريّة، وجولاته في جميع الأماكن، ومشاركته جميع الأنشطة السّياسية والثقافية والفلكلورية وغيرها متاهة وهم إستقلالنا، وأنّ خيانة الحكام للوطن لها عناوين وتوظيفات متجدّدة ومتعدّدة. بل إنّ هذه الاختراقات في طبائع الأنشطة الديبلوماسية تنمّ عن سخرية مقصودة، وإلى مزيد من تعميق الآلام الوطنية التي سبّبها، ومازال يسبّبها الإستعمار الفرنسي لتونس. لقد اعتقد السّيد السّفير، كما كان يعتقد آباءه المستعمرون، بأنّ له الحق المطلق في أن يقتحم أيّ فضاء، وأن يراقب بنفسه جميع المواقع السّيادية طالما أنّه لم يجد مسؤولاً واحدا يوقفه عند حدّه أو يذكّره بضوابط العلاقات الديبلوماسية بين الدول الواردة في مختلف المعاهدات والاتفاقيات الدولية،حتى بات موجودًا في كلّ البيوت وفي بعض "الأرحام" أحيانا!
هكذا، تستأنف فرنسا أنشطتها الإستعمارية عبر الدّيبلوماسية العلنية بوسائل هيمنة جديدة، فكانت الأيديولوجيا والثّقافة حاضرة في قلب فلسفة سفيرها التبشرية والموْقِعيّة. ولعلّ أخطر رسالة في هذه الفلسفة أو الوعاء الأيديولوجي هي العمل على تبرير كل فعل أو نشاط يُفضي إلى الغلبة ويحافظ على الهيمنة الفرنسية في تونس مهما كانت الوسائط الموصلة إليهما، طالما أن دولتنا باتت عمياء. وهذا الانحراف في الفعل الدّيبلوماسي وأخلاقياته ما كان ليتمّ لو لم يكن حّكّامنا يطابقون في تمثّلاتهم بين الحكومة الفرنسية الأم وممثّلتها في تونس. ولقد أعلنوا وجاهروا بفلسفتهم القائمة على التبعية وعلى صون "حياضها المقدّس"، وعلى شغفهم بالكينونة الفرنسيّة في سياساتهم في عديد المناسبات وعبر مختلف الأنشطة والملتقيات. فحسبنا الله ونعم الوكيل.
وهكذا المادة "الدّولة العمياء" في تونس والانحرافات الدّيبلوماسية للسّفير الفرنسي د. مصباح الشيباني
هذا هو كل المقالات "الدّولة العمياء" في تونس والانحرافات الدّيبلوماسية للسّفير الفرنسي د. مصباح الشيباني هذه المرة، ونأمل أن توفر فوائد لكم جميعا. حسنا، أراك في وظيفة أخرى المقال.
كنت تقرأ الآن المقال "الدّولة العمياء" في تونس والانحرافات الدّيبلوماسية للسّفير الفرنسي د. مصباح الشيباني عنوان الرابط https://notscrets.blogspot.com/2018/03/blog-post_317.html
0 Response to ""الدّولة العمياء" في تونس والانحرافات الدّيبلوماسية للسّفير الفرنسي د. مصباح الشيباني"
إرسال تعليق