عنوان: من مذكّرات متفقد تعليم: مارس 2015 بقلم عبد الباسط الشريف
حلقة الوصل : من مذكّرات متفقد تعليم: مارس 2015 بقلم عبد الباسط الشريف
من مذكّرات متفقد تعليم: مارس 2015 بقلم عبد الباسط الشريف
مسبح وزير التربية و بسكويت ماري انطوانيت:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قادتني، الأسبوع المنقضي، روزنامة عملي إلى أحد أعرق و أكبر المعاهد الثانوية بالبلاد... لم أجد عند الدخول إلى "حرمته" مكانا أركن به سيارتي فمأوى المؤسسة مستباح من باعة و زبائن و رواد سوق الجمعة. حين تدخل لا تعرف الطريق إلى الجناح الإداري فأجنحة المعهد و ساحاته كثيرة و لا قاسم معماري مشترك بينها؛ لقد تدخل في تركيبها الارتجال والمصادفة و فوضى الإصلاحات التعليمية المتعاقبة و تبرّعات البسطاء و عبث المقاولين. لن تحتاج إلى فراسة كبيرة لتقرأ علامات الإعياء و السأم الظاهرة على وجه المدير و إن حاول إخفاءها وراء سلوكات البشاشة البروتوكولوية الباردة. في الطريق إلى قاعة الدرس تلفت انتباهك أشغال البناء في هذه الجهة و تلك، وقبل أن يذهب خيالك، لا قدر الله، إلى تفسير ذلك بعناية الدولة بالمدرسة العمومية ينطلق المدير في التنفيس عن معاناته فيخبرك بأن كل تلك الورشات هي ترميم لما هو متداع للسقوط بفعل الإهمال و الفساد، و أن الفضلات و الأوساخ المتناثرة لن تنقطع عن التراكم ما دامت أعباء نظافة مؤسسة مساحتها هكتارات و عدد قاعاتها و مكاتبها يربو على الستين ملقاة على عاتق عوني نظافة لا أكثر. قبل أن يتم شكواه وصلنا إلى القاعة لكنه أصر على أن يشير إلى ما يقض مضجعه: قال لي هل تعلم أن هذا المعهد غير مرتبط بالأوناس؟... وجدنا صعوبة في العثور على مقعد لم تُقتلع جميع ألواحه و لا تشكّل مساميره الناتئة خطرا على اللباس و على ما يستره اللباس. بذل الأستاذ جهدا كبيرا للكتابة على سبورة لم ينفع مسحها بالماء في ثنيها عن تشبثها بألوان من بقايا طباشير رديء. أعرف هذا النوع من الطباشير منذ كنت أدرّس. لعلّه السبب فيما أعانيه من حساسية في الجهاز التنفسي. تغيّر الوزراء و طواقم الوزارة بفعل الموت و "الثورة" و أشياء أخرى لكن صاحبنا لم ينقطع عن تزويد المؤسسات التربوية بالجير على أنّه طباشير. لم أسأل المدير عن المكتبة إذ بتّ أعرف الجواب الروتيني: لا يوجد في الميزانية عنوان اسمه شراء كتب لمكتبة المعهد.
في هذا الجو الكئيب الذي يؤشر على الانحطاط ( لم أجد أدق من هذه المفردة ) الذي آلت إليه المؤسسة التربوية تذكّرت حلم الوزير. فبعد وزير الصهريج وهبنا الدهر وزيرا يحلم. يحلم بمسبح في كل معهد!!! و تذكّرت ماري انطوانيت حين تساءلت باستغراب عن عدم منح المتظاهرين المطالبين بالخبز "بسكويت". أنا على يقين أنها كانت صادقة، فانتماؤها الطبقي و المجالي يمنعها من تصوّر درجة البؤس التي بلغها الناس. و أنّا على يقين أكبر بأن الوزير لا يملك صدقها و لا نبلها. سيّدي الوزير اذهب و اعرض حلمك على محلّل نفساني. قد تستعيد توزانك حين تفكر في ربط المعهد بالأوناس قبل التفكير في بناء المسبح.
وهكذا المادة من مذكّرات متفقد تعليم: مارس 2015 بقلم عبد الباسط الشريف
هذا هو كل المقالات من مذكّرات متفقد تعليم: مارس 2015 بقلم عبد الباسط الشريف هذه المرة، ونأمل أن توفر فوائد لكم جميعا. حسنا، أراك في وظيفة أخرى المقال.
كنت تقرأ الآن المقال من مذكّرات متفقد تعليم: مارس 2015 بقلم عبد الباسط الشريف عنوان الرابط https://notscrets.blogspot.com/2018/02/2015.html

0 Response to "من مذكّرات متفقد تعليم: مارس 2015 بقلم عبد الباسط الشريف"
إرسال تعليق