عنوان: سوريا أمام العدوان التركي على عفرين و المعوقات الأميركية توفيق المديني
حلقة الوصل : سوريا أمام العدوان التركي على عفرين و المعوقات الأميركية توفيق المديني
سوريا أمام العدوان التركي على عفرين و المعوقات الأميركية توفيق المديني
فقد أبدى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إصرارًا على الاستمرار في عدوانه على عفرين تحت مسمى عملية « غصن الزيتون». لكن يبدو بأن الحرب بين الطرفين لإخراج وحدات حماية الشعب الكردية من جيب عفرين في شمال حلب ستستمر لأمد طويل، الأمر الذي يجعل من حلم أردوغان بالنصر السريع عصي عن التحقيق، لأنه بعد ستة من عدوانه الذي خاضه لم يفلح بالسيطرة إلا على عدد قليل من القرى الصغيرة في المنطقة الحدودية من أصل قرى عفرين البالغ عددها 350 قرية التي يقدر عدد سكانها بـ 200 الف نسمة يزمع الكثير منهم مغادرة المنطقة في حال اشتعلت الاشتباكات هناك ولا بد أن نذكر بأن ثمة هجوما قامت به قوات كردية تمكنت بموجبه من استعادة قريتين في المنطقة هما شنكال وأدمالي.
ليس خافيًا على أحد، أن الولايات المتحدة الأميركية و حلف شمال الأطلسي (الناتو) يقفان خلف العدوان التركي ويدعمانه، لا سيما أن واشنطن هي التي وفّرت الغطاء له بإعلانها عن تشكيل مليشيا إرهابية متكونة من قوات «قسد» الكردية ، وبعض العرب ،ويبدو أنّ هذا الإعلان الأميركي هو ما سرّع انطلاق عملية «غصن الزيتون» الدامي، حيث أن الهدف الحقيقي لتوغل القوات التركية نحو عفرين هو إنشاء شريط عازل من 30-45 كم في الأراضي السورية ،تعتبره الدولة الوطنية السورية خدعة حربية ، لأن التحالف الاستراتيجي بين تركيا والولايات المتحدة الأميركية لا يزال قائما، على الرغم من إظهار بعض التناقضات الثانوية بين هذين الحليفين، بصدد الأكراد.والقول إن السياسة الاميركية في المنطقة اصطدمت بالمصالح الاستراتيجية التركية ليس سوى ساتر دخاني يهدف الى تفكيك الرؤية الاستراتيجية المشتركة لمحور دمشق- موسكو- طهران.
ومن الواضح أن تركيا تحاول دائما أن تسوق في إعلامها ، و سياستها الخارجية، أنها على اختلاف مع السياسة الأميركية، لكن في الجوهر الأمر مختلف تماماً، إذ نجد النظام الأردوغاني الإخواني متورط في المخطط الأميركي- الصهيوني –الخليجي ، الذي يدعم التنظيمات الإرهابية التي تشن عداونا سافرًا على سوريا منذ سبع سنوات، فالمحاولات التركية المشبوهة للتدخل بالشأن السوري لم تتوقف وكذلك تأييدها المعروف للتنظيمات الإرهابية كـ«داعش» و«جبهة النصرة» وأخواتهما، بل إن ألنظام الأردوغاني الإخواني قدم الدعم المالي والعسكري واللوجستي لهم لإشاعة الفوضى والدمار في ربوع سورية بغية إيجاد موطئ قدم لتركيا وهو ما سبق أن فعلته في الأراضي العراقية بزعم مكافحة الإرهاب أو محاربة الأكراد. كما أن سياسات النظام التركي التوسعية باتت واضحة في تمويل الإرهاب في ليبيا ومحاولة إيجاد موطئ قدم في الخليج عن طريق قطر وآخر في البحر الأحمر بإنشاء قواعد عسكرية في بعض البلاد الأفريقية والعربية وذلك في ظل صمت دولي مريب ولا سيما من القوى الكبرى كالولايات المتحدة وغيرها.
فالصراع الدائر بين الجيش التركي الغازي والتنظيمات الارهابية الموالية له مع الأكراد على أشده، فالطرفان حلفاء للولايات المتحدة الأميركية ،ويعملان على الاستفادة من الوجود الإرهابي لتحقيق مطامعه التوسعية الاستعمارية. وياتي العدوان التركي الجديد على عفرين في سياق محاولة إشغال الجيش العربي السوري عن معركته ضد تنظيم «جبهة النصرة »الإرهابي في ريفي حلب وحماة وباتجاه اقتلاعه من مدينة إدلب وريفها، وفي محاولة مكشوفة أيضًا لتنفيذ خطة شاملة تقوم على إنشاء ممر في الشمال السوري ، لا سيما أن تركيا عملت طيلة السنوات الماضية على تنفيذ هه الخطة، بحجة تقديم مساعدات إنسانية للمهجرين و الفارين من جحيم الحرب، وفشلت ثم بدأت الحديث عن منطقة « حظر جوي» ولم تحقق هدفها، وبعدها كانت الحجة «داعش» واليوم الأكراد.
نظام أردوغان الإخواني ليس سوى حصان طروادة ، فالولايات المتحدة الأميركية التي تقود حلف شمال الأطلسي، تريد استمرار الحرب في سوريا التي ستدخل في جولة جديدة ، والعدوان التركي على عفرين ليس سوى البداية ،إذ تتوضع الحرب في المدخل الغربي الذي يريدون ربطه بالجزء الشمالي الشرقي في سوري حيث تنتشر القوات الأميركية ومرتزقتها من الأكراد وما يسمى «الجيش الحر» وبقايا الإرهابيين من الدواعش. فالخلاف بين تركيا وحلف الناتو مبالغ فيه ولا يعدو كونه مجرد حرف أنظار عما يجري التحضير له من تحت الطاولة بخصوص ما يسمى معارك النفوذ في سوريا،إذ تحرص الولايات المتحدة الأميركية على تقاسم النفوذ مع تركيا في سوريا في مقابل ما يطلقون عليه نفوذ روسيا وإيران حلفاء دمشق.
فتركيا كانت على الدوام أحد أهم أعضاء حلف الناتو الأطلسي وأيضا إحدى الدعامات الأساسية لأي استراتيجية أميركية في الشرق الأوسط وما يحدث يضع نهاية للشكوك فيما يخص التوجهات الحقيقية لأردوغان الذي لم يتوقف عن التأرجح في جميع الاتجاهات منذ عامين وكان قد شتم رؤساء وحكومات أوروبا وامتدح أعمال جيش السلطنة العثمانية أيضا هو مستمر في دوره كأحد اللاعبين الرئيسيين في الخطة الشاملة التي تهدف لإعادة هيبة الولايات المتحدة والتي انضم إليها الأوروبيون باستخدامهم كوسيلة وليس كشركاء.
إن التصريحات الأولية للولايات المتحدة مع هذا التوغل التركي لم تكن واضحة بل كانت متناقضة، وقد أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن ريكس تيلرسون تحدث مع نظرائه الروس والأتراك للعمل على ضمان الاستقرار في شمال البلاد من دون إعطاء أي تفاصيل، أما البنتاغون فقد أعلن أنه يشجع الأطراف المعنية بتجنب التصعيد والتركيز على المهمة الأولى وهي دحر « داعش». ويلمس المراقبون الذين يتابعون ردود الأفعال الأميركية تجاه العدوان التركي على عفرين ، فتورًا واضحًا تجاه الهيجان والتصعيد التركي المبالغ فيه ضد الأكراد في منطقة عفرين، علما أن ما يسمى قوات سورية الديمقراطية «قسد» التي تدعمها وتسلحها واشنطن لخدمة أجندتها هي جزء من التركيبة العسكرية والإدارية لتلك المنطقة، بل كان لافتا اعتبار الولايات المتحدة الأميركية أن منطقة عفرين هي خارج مناطق عملياته، أي وكأن إدارة ترامب الأميركية تبررلتركيا عدوانها ، وتعترف لها بشرعية تدخلها في منطقة عفرين ، فضلا عن نية مبيتة لتقاسم مناطق النفوذ في شمال سوريا مع الحليف التركي.
وكانت المحاولة الأميركية الخجولة لوقف أو تجميد التحرك العسكري التركي في عفرين، واكبتها مصادر صحافية ذات صلة بالخارجية الأميركية تؤكد رغبة واشنطن بالعمل مع أنقرة لإقامة «منطقة أمنية» على الحدود المشتركة بين تركيا ومناطق سيطرة «قسد»، حيث زاروفد أميركي مناطق تسيطر عليها «قسد» شرق الفرات شملت مدينة الرقة وبلدات عين عيسى وعين العرب، والتقى ممثلين عن «قسد» وعن «المجالس المدنية» التي أنشئت لإدارة تلك المناطق، كما زار وفد أميركي آخر يضم مساعد وزير الخارجية الأميركية جوناثان كوهين، وعدداً من مسؤولي وزارتي الخارجية والدفاع أنقرة لنفس الغاية.
هذه التطورات تشي بأن الولايات المتحدة الأميركية تحاول الاستفراد بترتيبات الوضع في الشمال السوري بعيدا عن التنسيق مع روسيا التي يقول أردوغان أنه توصل إلى تفاهمات معها بشأن عمليته العسكرية في عفرين، فعبارات «ضبط النفس» و»ضمان محدودية العمليات» التي صدرت عن واشنطن ورد عليها أردوغان بنبرة عالية عنوانها «عدم التراجع» عن العملية العسكرية ودعوة واشنطن «لوقف دعمها وتسليحها للوحدات الكردية»، تخفي وراءها نية أميركية لاسترضاء تركيا على حساب الدولة الوطنية السورية والاحتفاظ بنفوذها ووجودها هناك عبر «قسد» التي أصبحت أداة أميركية بعد انهيار تنظيم داعش الإرهابي.
لقد تزامن العدوان على عفرين مع اقتراب انعقاد مؤتمر «سوتشي» في نهاية هذا الشهر،حيث تصر موسكو على مشاركة «كافة اللاعبين الرئيسيين الإقليميين والدوليين»،بمن فيهم ممثلون عن الأكراد السوريين، وتتعهد بالردّ على كافة أسئلة ما يسمى «المعارضة السورية»، شرط أن تشارك هذه «المعارضة» في المؤتمر بعقل منفتح ودون اشتراطات مسبقة.. وموسكو مستعدة لكل مقاربة غير منحازة. وفي المقابل تشعر روسيا أن الولايات المتحدة الأميركية تعرق مسيرة الحل السياسي للأزمة السورية، بل إن إدارة ترامب الحالية تعمل على استمرار الحرب في سوريا من خلال عدم فك الارتباط بين الولايات المتحدة الأميركية والأكراد عقب هزيمة تنظيم «دجاعش» الإرهابي، عندما ألقى وزير الخارجية الأميركي خطابا في 17كانون الثاني الجاري ،أعرب فيه عن رغبة أميركية في الإبقاء على قوات لها في سورية لأجل غير محدود، الأمر الذي يعني بقاءهم في أماكن تواجد الميليشيا الكردية في الشمال الشرقي من البلاد، وذلك بادعاء منع تقدم القوات السورية وإضعاف النفوذ الإيراني. ويدعي تيلرسون بأن الوجود الأميركي سيحقق الاستقرار لهذا البلد، لكن الواقع يؤكد عكس ذلك، إذ يبدو بأنه لا يتفهم بأن توقعاته تلك ستفضي إلى إثارة غضب كل من روسيا وسورية وإيران، بل وسيكون لها وقعها الكبير على تركيا أيضا.
وتعمل الولايات المتحدة الأميركية على إبقاء مشروعها التقسيمي للمنطقة من خلال اللعب بالورقة الكردية، وهي تضع المعوقات من أجل عرقلة عقد مؤتمر سوتشي لحل الأزمة السورية، إذ لا تزال تصطدم المساعي الروسية بشأن مشاركة ممثلين عن الأكراد في مؤتمر سوتشي بالموقف التركي أيضاالذي يضع فيتو على مشاركة شريحة كبيرة من الأكراد في مقدمتهم حزب الاتحاد الديمقراطي . ويبدو أنّ الموقف الأميركي أيضاً جاء مخيباً للأكراد الذين توهموا أن من مدّهم بالسلاح لمقاتلة «داعش» سيوفر لهم حصانة ضد أي عملات عسكرية قد تستهدفهم، خصوصا من عدوهم اللدود تركيا، وهو ما عبّر عنه صراحة السفير الأميركي السابق في سورية، روبرت فورد، في حديث له نشرته صحيفة الشرق الأوسط في 19 يونيو/ حزيران 2017، حين قال «إنّ ما تقوم به الولايات المتحدة مع الأكراد ليس فقط غباءً سياسياً، بل غير أخلاقي. استخدم الأميركيون الأكراد سنوات طويلة خلال حكم صدام حسين، هل تعتقد أن الأميركيين سيعاملون حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب في شكل مختلف عما عامل به وزير الخارجية الأسبق، هنري كيسنجر، الأكراد العراقيين عندما تخلّى عنهم؟ بصراحة، قال مسؤولون أميركيون لي ذلك، الأكراد السوريون يقومون بأكبر خطأ لدى ثقتهم بالأميركيين». وأكد فورد أنّ واشنطن ليست في وارد استخدام الجيش الأميركي للدفاع عن إقليم كردي في شمال سورية.
ليست الولايات المتحدة الأميركة وتركيا من يقرر مصير الشمال السوري وتوزيع مناطق النفوذ حسبما يطمحون إليه ووضع العراقيل والفيتوات كيفما طاب لهما، فهناك الدولة الوطنية السورية ومعها حلفاؤها من محور المقاومة، تحقق إنجازات وانتصارات على الأرض والحرب مستمرة ومتواصلة حتى دحر الارهاب ودفع الأميركيين والأتراك إلى خارج الحدود السورية ،ولا سبيل لأي حل سياسي إلا باستعادة الدولة الوطنية سيادتها على كامل تراب الجمهورية العربية السورية.
وهكذا المادة سوريا أمام العدوان التركي على عفرين و المعوقات الأميركية توفيق المديني
هذا هو كل المقالات سوريا أمام العدوان التركي على عفرين و المعوقات الأميركية توفيق المديني هذه المرة، ونأمل أن توفر فوائد لكم جميعا. حسنا، أراك في وظيفة أخرى المقال.
كنت تقرأ الآن المقال سوريا أمام العدوان التركي على عفرين و المعوقات الأميركية توفيق المديني عنوان الرابط https://notscrets.blogspot.com/2018/01/blog-post_682.html
0 Response to "سوريا أمام العدوان التركي على عفرين و المعوقات الأميركية توفيق المديني"
إرسال تعليق