عنوان: الامل المهدور في مفاوضات جنيف بقلم توفيق المديني
حلقة الوصل : الامل المهدور في مفاوضات جنيف بقلم توفيق المديني
الامل المهدور في مفاوضات جنيف بقلم توفيق المديني
ليس من قبيل المصادفة التاريخية، أن يتزامن مع انعقاد مؤتمر جنيف8، وأثناءه، ازدياد الغطرسة, وخلط الأوراق، وعرقلة الحل السياسي الوطني والسيادي من جانب وفد المعارضة السورية الذي لا يزال متمسكًا ببيان الرياض2 يشير ،ة إذ إنّ مُشغّلي المعارضة السورية في الخارج يطلبون منهم رفع سقوف المطالبة حتى يتم تعويض الهزيمة الميدانية على الأرض، تعرض سورية و فلسطين لحدثين في غاية الدلالة:
الأول، و يتمثل في إقدام سلطات الاحتلال الإسرائيلي مجددا على شن عدوانين غادرين بالصواريخ على الجمهورية العربية السورية: الأول في الساعة 30ر00 من فجر يوم السبت 2 كانون الأول/ديسمبر 2017 حيث استهدف موقعا عسكريا تابعا للقوات المسلحة السورية في منطقة الكسوة بمحافظة ريف دمشق، والثاني في الساعة 30ر23 من مساء يوم الاثنين 4 كانون الأول/ديسمبر 2017 مستهدفا أيضا موقعا عسكريا آخر في منطقة جمرايا بمحافظة ريف دمشق. وأوضحت وزارة الخارجية السورية أن تزامن الاعتداءات الإسرائيلية مع اعتداءات شركائها من التنظيمات الإرهابية إنما يشكل دليلا دامغا جديدا على التنسيق والشراكة والتحالف الذي يربط الإرهاب الإسرائيلي بإرهاب تنظيمي «داعش» وجبهة النصرة وغيرهما من التنظيمات الإرهابية.
والثاني، ويتمثل في قرار إدارة الرئيس دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لكيان الاحتلال الإسرائيلي، إضافة لبدء نقل سفارة الولايات المتحدة الأميركية إلى مدينة القدس،حيث يشكل هذا القرار استهتارًا أميركيًا جديدًا بالقانون الدولي والقرارات الدولية المتعلقة بالقدس المحتلة .وتأتي هذه الخطوة الأميركية الاستفزازية والخطيرة بعد تقارير صحفية سابقة تحدثت عن خطة الرئيس ترامب للسلام في الشرق الأوسط التى يسميها البعض بـ«صفقة القرن الكبرى» والتي تتضمن تصفية وإنهاء وجود القضية الفلسطينية ومدينة القدس من على جدول الأعمال الرسمي العربي، وذلك بمباركة من بعض الدول العربية المرتبطة بالسياسة الأميركية و المعتمدة على مظلتها الأمنية، وكخطوة إقليمية شاملة تقودها المملكة السعودية عبر دعوة الدول العربية الأخرى للمشاركة فيها، لا سيما بعد أن أصبحت الرياض تأخذ بعين الاعتبار المصالح الأمنية المشتركة مع إسرائيل بوصفها حليفًا موضوعيًا، خصوصًافي مواجهة العدو المشترك إيران.
وتأتي هذه الاعتدءات الصهيونية و الأميركية في ضوء الانتصارات العسكرية التي يحققها الجيش العربي السوري و حلفاؤه في ساحات المعارك في سورية ، حيث باتوا متأكدين من أن المخطط الأميركي –الصهيوني –الرجعي العربي و التركي هُزِمَ، لا سيما في ظل بقاء الدولة الوطنية السورية متماسكة بكل مؤسساتها، فضلاً عن أن المسرحية الدولية التي ينفذها رعاة التطرف و الإرهاب في سورية قاربت على الانتهاء، لذا نشهد صور الفرار الجماعي للإرهابيين، والانشقاقات الكبيرة في صفوفهم.
ومنذ أن أصبحت روسيا الفاعل الأهم في الأزمة السورية ، وتولي موسكو قيادة إدارة هذه الأزمة دوليًا، بعد ما حققته من نجاحات على المستويين العسكري و السياسي ، تراجعت الولايات المتحدة عن الانخراط بقوة في الأزمة السورية،كما تغير الموقف الأميركي من رحيل الرئيس الأسد ، وساهم قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب وقف دعم وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية للمعارضة في مزيد من الضعف لحركة المعارضة المسلحة في غرب سورية وفي الوقت ذاته، حرم المسؤولين عن رسم السياسات في الغرب من أداة من أدوات الضغط القليلة في أيديهم.
رغم كل هذا المناخ ، لا تزال المعارضة السورية من خلال حضور وفدها المفاوض في جنيف 8، تعيش في أجواء مرجعية جنيف لعام 2012م،علمًا أنه في تلك السنة انطلقت الحرب الإرهابية على سورية بقرار دولي و إقليمي عقب اجتماع ما يسمى بأصدقاء الشعب السوري بتونس في شهر آذار/مارس من العام عينه ، لكن الحرب على الإرهاب شارفت على النهاية ، و المخطط الأميركي-الصهيوني –الرجعي العربي –التركي، الذي كان يستهدف إسقاط الدولة الوطنية السورية، وتدمير سورية، وتقسيم جغرافيتها، وتفتيت البناء الديمغرافي الوطني لشعبها هُزم في الميدان، فكيف يمكن لهذه المعارضة التي كانت تعول على انتصار عسكري للتنظيمات الإرهابية و التكفيرية ، لكي تستثمره سياسيا، بينما المراقبون و المحللون المتابعون عن قرب للشأن السوري، يرون اندحار التنظيمات الإرهابية ، تريد أن تأخذ بالسياسة ما عجزت عن تحقيقه بالعمل العسكري . وهذا الحال أغرب أحوال سقوط العقل السياسي للمعارضة السورية ، وافتقادها للحكمة، و العقلانية.
فمن الذي يعطل الحل السياسي في سوريا؟إنها الولايات المتحدة الأميركية و الكيان الصهيوني ، و المملكة السعودية، وأدواتها من تنظيمات إرهابية ومعارضة سياسية تطرح شروطًا مسبقة ، ظنًا منها أن أميركا ستنجدها لتحقيق كسب سياسي عجزت عنه في الميدان واعتقدت أن مساعد وزير الخارجية الأميركية ديفيد ساترفيلد ربما سيجلب لها ماتريده.
ورغم أن الأطراف الساعية لتحقيق حل سلمي واستبعاد الحل العسكري ودعم مسار الحل السياسي تجهد لتحقيق أقصى قدر من الشمولية لمحادثات جنيف الثامن بهدف التوصل إلى حل سياسي شامل يشكل ضماناً لديمومة نتائج المحادثات وقدرتها على الاستمرار، إلا أن معطلي الحل بقيادة أميركا يحاولون القضاء على أي بارقة أمل في هذا الاتجاه ترسيخاً لفوضاهم الهدامة التي نشروها في طول المنطقة وعرضها فترى تصريحات المسؤولين الأميركيين ومن لف لفهم متذبذبة ومتغيرة كل ساعة حسب التطورات الميدانية والأجواء السياسية.
وفي دلالة على دخول الجولة الثامنة من جنيف حالة جمود غياب الوفد الرسمي السوري، حيث دعت واشنطن وباريس موسكو إلى الضغط على حليفتها دمشق وإقناعها بحضور محادثات جنيف. وقال وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون خلال مؤتمر صحافي في بروكسليوم الإربعاء6كانون الأول /ديسمبر2017: «قلنا للروس إن من المهم أن يكون النظام حاضراً وجزءاً من هذه المفاوضات والمناقشات. تركنا الأمر للروس لإعادتهم إلى الطاولة».وزاد: «نرى أنه من المهم أن يكون بشار الأسد طرفاً مباشراً في هذه المفاوضات ما دام على رأس النظام».وأضاف: «أبرزنا أمام الروس أهمية مشاركة دمشق في هذه المفاوضات... وتركنا لهم مهمة جلبها إلى طاولة المفاوضات»، وفق تعبيره.
ومن جانبها لا تزال الحكومة السورية تدرس جدوى المشاركة في مفاوضات جنيف 8،ونقلت صحيفة "الوطن" التابعة للحكومة عن مصادر قولها إن اتصالات مكثفة بدأها المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا لتوضيح موقفه من ورقة المبادئ الجديدة التي تقدم بها، من دون استشارة الوفد السوري الرسمي الذي وصف ما قام به الموفد الأممي بـ"الخروج عن مهامه". كما أشارت إلى أن دي ميستورا "يعمل على تبرير موقفه من المشاركة في مؤتمر الرياض2 للمعارضة السورية، وثنائه على السعودية". وأضافت الصحيفة، "أن البيان الصادر عن الرياض2، كان مخالفاً للقرار 2254 من جهة عدم تمثيل أوسع أطياف المعارضة". كما قالت أن البيان "تضمن شروطاً مسبقة أعادت المفاوضات إلى المربع الأول، الأمر الذي اعتبرته دمشق محاولة سعودية متجددة لعرقلة مسار جنيف التفاوضي، وعدم الأخذ في عين الاعتبار الانتصارات السياسية والعسكرية التي تحققت خلال السنوات الماضية"، وفق الصحيفة.
ومن الواضح أن روسيا ستستخدم منتدى سوتشي الذي اتفق عليه قادة روسيا وتركيا وإيران لـ "ترويض" المعارضة السورية المسلحة وتمييع نفوذها وكبحه من طريق عقد مؤتمر وطني تشارك فيه مختلف مكونات المجتمع السوري ، التي لن تصر على تنحي الرئيس الأسد الفوري شرطاً مسبقاً للانتقال السياسي. ويبدو أن الدول العربية موافقة على هذه الاستراتيجية.
المراقبون المتابعون للأزمة السورية يعتقدون أن جولة المفاوضات السورية الراهنة ستكون ما قبل الأخيرة، وإذا سارت السفن بما تشتهي الرياح الروسية، ستليها جولة ختامية قبل انعقاد المؤتمر الذي باشرت روسيا الاستعدادات لعقده في سوتشي في فبراير/ شباط المقبل، تحت عنوان "مؤتمر السلام السوري"، بعد أن كان اسمه "مؤتمر الشعوب السورية". وعلى غرار ما حصل على مسار أستانة، سوف تضع روسيا في سوتشي قاطرة الحل السوري على الطريق، بعد أن تفاهموا على العملية مع الدول الضامنة، وحصلوا على تأييدٍ من السعودية ومصر .
غير أن مؤتمر الحوار الوطني لن ينعقد في "سوتشي" قبل أن يتم القضاء على التنظيمات الإرهابية و الجماعات المسلحة التي تدور في فلكها، وعقد التسويات التي تجريها روسيا مع بعض الفصائل في محيط دمشق، مثل فيلق الرحمن وجيش الإسلام، كي تنخرط في التهدئة. قد تكون جولة جنيف الأخيرة في الربيع المقبل مكرّسة من أجل وضع أختام الأمم المتحدة على وثائق الحل الروسي الإيراني التركي، كي تتحول إلى وثائق دولية. وكل من ينتظر أكثر من ذلك لا يأخذ في حسابه موازين القوى.
وهكذا المادة الامل المهدور في مفاوضات جنيف بقلم توفيق المديني
هذا هو كل المقالات الامل المهدور في مفاوضات جنيف بقلم توفيق المديني هذه المرة، ونأمل أن توفر فوائد لكم جميعا. حسنا، أراك في وظيفة أخرى المقال.
كنت تقرأ الآن المقال الامل المهدور في مفاوضات جنيف بقلم توفيق المديني عنوان الرابط https://notscrets.blogspot.com/2017/12/blog-post_602.html
0 Response to "الامل المهدور في مفاوضات جنيف بقلم توفيق المديني"
إرسال تعليق