صفقة القرن : الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني بقلم سالم الحداد

صفقة القرن : الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني بقلم سالم الحداد - مرحبا أصدقاء ليس سرا مرة أخرى, في هذه المادة تقرأ هذه المرة مع العنوان صفقة القرن : الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني بقلم سالم الحداد, لقد أعددنا هذا المقال لك القراءة واسترجاع المعلومات فيه. نأمل أن محتويات الإعلانات المادة آخر الأخبار، نصائح صحية، والصحة، والرياضة, ونحن نكتب لكم يمكن أن نفهم. حسنا، قراءة سعيدة.

عنوان: صفقة القرن : الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني بقلم سالم الحداد
حلقة الوصل : صفقة القرن : الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني بقلم سالم الحداد

اقرأ أيضا


صفقة القرن : الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني بقلم سالم الحداد


 

تمهيد 
قبل أن أتناول الخلفية الاستراتيجية للقرار الأمريكي لابد أن ألفت الانتباه إلى مسألتين مبدئتين :
ــــ إن القضية الفلسطينية هي قضية استعمارية سياسية بالأساس ، وهي مظلمة القرن العشرين وآخر مستعمرة في العالم ولا علاقة لها لا بالدين ولا بالثقافات ولا بصراع الحضارات وينطبق عليها ما ينطبق على كل المستعمرات من شرعية المقاومة الذي يفضي حتما إلى حرية تقرير المصير والاستقلال.
ـــ إن دعم أمريكا للكيان الصهيوني استنادا إلى الحق التاريخي الذي يعود إلى 3 آلاف سنة حسب الزعم التوراتي يضرب في العمق وجود دولة الولايات المتحدة نفسها، فإذا كان من حق اليهود أن يعودوا إلى هذه الأرض وأن يطردوا سكانها منها الذي تواجدوا فيها طوال هذا الحيز الزمني ، فمن حق الهنود الحمر السكان الأصليين للقارة الأمريكية أن يسترجعوا أرضهم من كل الغزاة والوافدين من البيض والملونين الذين عمّروا القارة منذ مئات السنين فحسب بداية من رحلة كريستوف كولومب في أواخر القرن الخامس عشر .
غير أن الاستراتيجية الاستعمارية لا تعرف المنطق وتعبث بالقيم وتدوس على المبادئ ولا تأخذ بعين الاعتبار غير مصالحها الآنية ولا تتحالف إلا من يكون قادرا على ضمان هذه المصالح وما عدا ذلك فهو مبررات وهمية لاصطياد المغفلين . وحتى نتبين ذلك بوضوح علينا أن نقوم بنظرة ارتدادية بداية من اعترف ترامب بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني.
I ـــ استراتيجية التحالف بين القوى الاستعمارية والصهيونية العالمية 
أولا ــــ عود على بدإ : قرار ترامب
يوم 6 ديسمبر2017 أعلن دونالد ترامب رئيس الولايات الأمريكية اعترافه بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني ووعد بالعمل على نقلة السفارة الأمريكية إليها .هذا القرار شكّل خطرا على الشعب الفلسطيني وعلى المشروع العربي؟واعتداء على الأمة الإسلامية وتحديا للشرعية الدولية.فكانت له ردود فعل غاضبة على المستوى الشعبي ورافضة على المستوى الرسمي. فما هي خلفيته التاريخية ؟ لماذا اتخذه ؟ ما هي تداعياته ؟ 
1ـــ غياب الرؤية الإستراتيجية للعرب 
اعتادت شعوب العالم الثالث ـــ بما في ذلك العرب كساسة أو حتى كمفكرين ـــ أن يتعاطوا مع قضاياهم المصيرية انطلاقا من الواقع الراهن دون ان يضعوه ضمن الرؤية الاستراتيجية التي تُرسم لهم أو التي يرسمونها لأنفسهم، فيتحول الجزء إلى كل وتسود الضبابية وتستنزف القوى.وحتى تتضح الصورة علينا أن نتساءل أين يتنزل اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني؟ هل هو نهاية المطاف أم هو حلقة في استراتيجية متواصلة الحلقات لم تبدأ اليوم ولن تنتهي غدا؟
وحتى نتبين ذلك علينا أن نحفر قليلا في الذاكرة حتى تتضح ملامح هذه الاستراتيجية وإلى مدي كنا واعين بأهدافها القريبة والبعيدة ومدركين لأخطارها ؟
2 ــــ الأهداف الاستراتيجية للقوى الاستعمارية
دون أن نغرق في التفاصيل التاريخية ابادر بالقول إن الهدف الاستراتيجي البعيد ــ منذ أن ظهرت الحركة الاستعمارية ـــ هو استمرارية السيطرة على الوطن العربي لإنجاز ثلاثة مهام :
أ ـــ ابتزاز ثرواته العديدة والمتنوعة
ب ـــ الاحتفاظ به كسوق استهلاكية لفائض انتاجه
ح ـــ التحكم في موقعه الجغرافي الحيوي من خلال السيطرة على ممراته البرية والبحرية والجوية الواصلة والفاصلة بين الشرق والغرب.
تلك هي الاهداف الاستراتيجية الثابتة التي انتبه إليها خبراء الاستعمار الذين اجتمعوا في لندن من سنة 1905 إلى 1907 بدعوة سرية من رئيس وزرائها بنرمان، Compbell Bannerman بهدف <<إيجاد آلية تحافظ على تفوق ومكاسب الدول الاستعمارية إلى أطول أمد ممكن>> و<< ضرورة العمل على استمرار وضع المنطقة العربية متأخرا >> و<< أكدوا فصل الجزء الأفريقي من المنطقة العربية عن جزئها الآسيوي ، وضرورة إقامة الدولة العازلة ، عدوّة لشعب المنطقة وصديقة للدول الأوروبية >> لتحقيق هذه الأهداف توخت عدة أساليب. ففيم تتمثل ؟
II ــــ وسائل الانجاز 
توخت القوى الاستعمارية وسائل متنوعة ومتحركة حسب المكان والزمان والسياقات التاريخية وهذا ما سأحاول الإتيان على بعض محطاته. 
أولا ـــــ الاستعمار المباشر
بدأ الاستعمار المباشرمن حملة نابوليون بونابارت على مصر بعد عشرسنوات على الثورة الفرنسية 1798 ومن مصر إلى الجزائر إلى بلدان المغرب العربي وكذلك فعلت بريطانيا في فلسطين والأردن والعراق ثم مصر بعد فشل حملة نابوليون؟
ثانيا ـــــ الكيان الصهيوني : بين الوظيف الاستعماري والحلم التوراتي
يكاد يتفق المؤرخون على أن زرع هذا الكيان في قلب الوطن العربي أتى استجابة لإستراتيجيتين. الإستراتيجية الاستعمارية والإستراتيجية الصهيونية فأين يبدو ذلك؟
1 ــــ الكيان الصهيوني والدور الاستعماري
إن تشجيع أوروبا الاستعمارية على بعث الكيان الصهيوني سيحقق لها هدفين :
أ ـــ خلق حاجز بشري عسكري يفصل بين جناحي الوطن العربي يحول دون وحدته 
ب ــ التخلص من الشرائح اليهودية الرافضة للانصهار في المجتمع الأوروبي والتي
ما لبثت تطرح التمايز بين "الأنا والآخر" وهي متهمة في ولائها الوطني.
2 ـــ الكيان الصهيوني والحلم التوراتي
أ ـــ الهدف : وطن قومي لليهود
يخطئ من يعتقد أن الحركة الصهيونية ليس لها من دور سوى خدمة الهيمنة الاستعمارية ،نعم لقد تزامن ظهورها مع تغلب الحركة الرأسمالية على منظومة الإقطاع والنبلاء وهيمنة الكنيسة الكاثوليكية على الحياة السياسية والفكرية لكنها كانت تعمل في اتجاهين :
دعم التوسع الرأسمالي الاستعماري الذي يراكم ثرواتها من ناحية وتسعى من ناحية ثانية للحصول على موطئ قدم في فلسطين، وهذا ما قامت به أسرة روتشيلد التي كانت من أهم الممولين لحملة نابوليون على مصروتواصلت هذه المساعي مع الدولة العثمانية. وتجلى هذا المخطط بشكل واضح في مؤتمر بازل الصهيوني الذي انعقد بسوسرا سنة 1897 الذي أعلن بوضوح هدف الحركة الصهيونية وهو تأسيس وطن قومي لليهود. ولتحقيق هذا الحلم توخت الصهيونية عدة أساليب. فيم تتمثل ؟
ب ـــالوجود : من التمسكن إلى التمكّن إلى التنمّر
ـــ التمسكن
أخذ مبرر خلق هذا الكيان في البداية طابعا إنسانيا فقد وقع تقديمه على أنه ملاذ لليهود الذين عانوا القهر والاضطهاد منذ فجر التاريخ من حياة التشريد والسبي( السبي البابلي الأول596 ق م السبي البابلي الثاني 586 ــ السبي الروماني 70 ق م فقد عانوا من حياة السبي في بلاد العراق والرومان وكانوا ضحايا العنصرية في كل أرجاء أوروبا وخاصة في ألمانيا، فهم عرضة للمحرقة والإبادة. كما احتقرتهم بقية شعوب الأرض،فكانوا يعيشون في أحياء معزولة مغلقة وتسمّى بالقيتو، لذا وجب على المنتظم الأممي وفي مقدمته الدول العظمى المنتصرة في الحرب الأولى ثم الثانية أن تكفر عن سيئاتها وأن تنقذ هؤلاء المساكين فتمنحهم موطنا يحميهم من القمع والاضطهاد.
 ـــ التمكّن ــ :من وعد بلفور إلى قرار التقسيم( الصفقة الأولى في القرن 20)
قبل أن تتوقف الحرب العالمية الأولى كانت بريطانيا ــ سيدة البحار ــ في حاجة أكيدة لتمويل الحرب حتى تتمكن من الصمود في مواجهة المحور،فلم تجد أمامها غير التوجه إلى أكبر قوة مالية وهو عائلة اليهودي الرأسمالي صاحب شبكة البنوك روتشيلد الذي وجد الفرصة التاريخية لعقد صفقة سياسية وهي تحقيق الحلم التاريخي في تمكين اليهود المساكين من وطن قومي في فلسطين وكان وعد بلفور 1917 فباع من لا يملك (بريطانيا) ما لا يملك (فلسطين) لمن لا يستحق (الصهيونية). وهكذا استطاعت بريطانيا أن تمول الحرب وأن تخرج منتصرة وأن تفي بوعدها على حساب الشعب الفلسطيني والأمة العربية والقيم الإنسانية فمكنت اليهود من الاستيلاء على أكثر من نصف الأرض الفلسطينية بموجب قرار التقسيم الظالم الذي رفضه الفلسطينيون(29 نوفمبر1947). تلك هي صفقة القرن الأولى بامتياز.
ـــ التــنمّـر
مرّ التنمّر يمرحلتين ككل الإمبراطوريات قديما وحديثا: بناء القاعدة ثم التوسع
ـــ بناء القاعدة : الكيان الصهيوني
بعد أن تمسكنت الحركة الصهيونية باسم اليهود المشردين المضطهدين وتمكنت من إقامة كيانها استنادا إلى القوى النافذة وتحديدا بريطانيا أسقطت القناع عن وجهها الكالح فصار النمر يريد أن يفترس بأنيابه ومخالبه وصارت مرجعيته وذاكرته هي التوراة وتحولت فلسطين من ملاذ للمساكين المشردين إلى حق شرعي موروث أورثهم إياه أب الديانات الموحدة الثلاث إبراهيم، وهو الغريب ،عابر السبيل، الذي اشترى قبره وقبر زوجته سارة من الفلسطينيين ، ثم تحولت كل الأرض التي جابتها قبيلة إبراهيم ــ جد كل الساميين ـــ من بلاد الرافدين إلى أرض الكنانة مرورا ببلاد الشام، ملكا موروثا للصهيونية التي رسمت حدود إمبراطوريتها <<أرضك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل>>.
ومن المعروف تاريخيا أن القدس لم تعرف التعايش بين الأقوام والتسامح بين الأديان إلا في ظل الحكم الإسلامي بداية من عمر بن الخطاب الذي أمضى مع أهلها اتفاقا سنة 15 هــ (636 م) باحترام المتساكنين والأديان وهو ما عُرف بالعهدة العمرية التي نصّت على أن المسيحيين<< لا تُسكن كنائسهم ولا تُهدم، ولا يُنقص منها ولا من حيِّزها ولا من صليبهم ولا من شيء من أموالهم ، ولا يُكرهون على دينهم ، ولا يضارّ أحد منهم>> وهناك من يذهب أبعد من ذلك فيجعل المناطق التي احتضنتهم عند السبي الروماني الأخير ملكا لهم بما في ذلك مدينة جربة في تونس ومدينة تلمسان في الجزائر.وقد مارست الصهيونية كل أنواع الإرهاب لطرد الفلسطينيين من وطنهم وجلب المستوطنين من كل أصقاع الأرض ثم ضخت لها الدول الرأسمالية كل ما تحتاج إليه من أموال وعتاد حربي إلى أن اكتمل بناء القاعدة الصهيونية.
ـــ التوســــع 
من الطبيعي ألا تكتفي الصهيونية ببناء القاعدة فأهدافها أبعد.وحتى تتوسع خاضت حروبا متلاحقة على دول الجوار1956 ــ1967 ـــ 1973 فاستولت على الضفة الغربية وقطاع غزة وهضبة الجولان ومزارع شفعة ثم بدأت تتمدد كل يوم على حساب الضفة الغربية فبنت المستوطنات على طريقة القيتو ووطّنت اليهود لتخلق واقعا ديمغرافيا جديدا تختل فيه موازين القوى لفائدة السكان اليهود، لكن الهاجس الأكبر هو كيف تسترجع الذاكرة التاريخية لمدينة القدس التي تحدثت عنها التوراة وبالتحديد قصر داود وهيكل سليمان . فبالرغم من أن الأبحاث التاريخية التي نهض بها المؤرخون اليهود المعاصرون، وبالرغم من الحفريات التي تمت تحت المجسد الأقصى بحثا عن هذا الهيكل ـــ والتي أكدت جميعها أن القدس الحالية ليست القدس اليهودية ، وأن حائط المبكى ، لا علاقة له بهيكل سليمان وكلها من نسج مخيال الفكري اليهودي الخرافي ، فإن الصهيونية تصرّ على أن القدس الحالية هي العاصمة التاريخية لمملكة العبرية ، فقامت بكل الإجراءات التي مكنتها من السيطرة على القدس بكاملها فاستولت منذ1948على القدس الغربية وفي حرب 1967 استولت على القدس الشرقية وسعت جاهدة لتهويدها بشرا وعمرانا فعملت على تفريغها من أهلها وشحنها بالمستوطنين وتغيير معالمها التاريخية .وكان أول ضحية هو حي المغاربة الذي أسكنه صلاح الدين فيلق المغرب العربي الذي قاتل معه لتحرير القدس من الصليبيين والضحية الثانية كان محراب صلاح الدين التحفة الفنية الرائعة التي عمرت حوالي 900 سنة والذي زعمت الصهيونية أن مسيحيا متعصبا أضرم فيه النيران وهو في حالة هستيرية ثم أطلقت سبيله.غير أن المجتمع الدولي رفض هذه الإجراءات واعتبرها جزءا من الضفة الغربية المحتلة فقد أصدر مجلس الأمن قرارا بتاريخ 25 سبتمبر 1971 أكد فيه << أن كل الإجراءات التشريعية والدستورية التي تتخذها إسرائيل لتغيير معالم المدينة، بما في ذلك مصادرة الأراضي ونقل السكان، وإصدار التشريعات التي تؤدي إلى ضم الجزء المحتل من المدينة إلى إسرائيل؛ كل ذلك باطل ولا أثر له، ولا يمكن أن يغير وضع المدينة>>.
والواقع أن هذه الإجراءات تتنزل ضمن العقلية الصهيونية التي تقوم على إقصاء الآخر والتي يقول عنها الدكتورمحسن صالح- في كتابه:"معاناة القدس والمقدَّسات تحت الاحتلال الإسرائيلي << لقد تميَّزتِ العقليَّة الصِّهْيَونية بثلاث صفات في حُكْمها للقدس وباقي الأرض المحتلة:
أولها ـــ أنها عقليَّة إلغائيَّة تَسعى إلى إلغاء الآخرأيًّا كان؛ فلسطينيًّا عربيًّا، مسلما أو مسيحيًّا، كما سَعتْ إلى سرقة تاريخه وآثاره وماضيه، فضلاً عن مُصَادرة حاضره ومستقبله.
ثانيها ـــ أنها عقليَّة انعزاليَّة "جيتويَّة" مُنغلقة، فشِلتْ في التعايُش الْحُرِّ المنفتح المتسامح العادل مع الآخر، وحَكمتْها عقليَّةُ الشكِّ والخوف والعَداء.
ثالثها ـــ أنَّها عقليَّة استعلائيَّة ، نظرتْ إلى الآخر نظرة دونيَّة، وتعامَلَتْ معه من خلال عقليَّة "الشعب المختار"، وسعتْ إلى استغلاله أو انتزاع حُقُوقه ، دون مبالاة لِمُعاناته وآلامِه.>>
والهدف غير المعلن للضم والاعتراف هو التمهيد لمحو المعالم الإسلامية والمسيحية منها حتى تكون صهيونية خالصة ألم يقل"تيودور هيرتزل ـــ مؤسِّس المنظَّمة الصِّهْيَونية العالمية ــ: << إذا حصلْنا على مدينة القدس، وكنتُ لا أزال حيًّا وقادرًا على القيام بأيِّ عملٍ ، فسوف أزيل كلَّ شيءٍ ليس مقدَّسًا لدى اليهود فيها، وسوف أحرق جميعَ الآثار التي مرَّتْ عليها قرون >>. ولا أريد أن أذهب بعيدا في الأوهام التاريخية التي تربط توحيد القدس بعودة السيد المسيح ونهاية الكون، وهذا ما تسوّق له العقلية التوراتية التي تزعم أن عودة المسيح مرتهنة بتوفر3 معطيات أساسية << أن تصبح «إسرائيل» دولة ،أن تكون القدس عاصمة لها وأن يُعاد بناء هيكل سليمان الثالث مكان المسجد الأقصى>>فعندما يعمل ترامب على توحيد القدس فهو يعجّل بعودة السيد المسيح وهذا ما فعله جورج بوش الإبن قبله. والتساؤلات المطروحة ـــ بقطع النظر عن هذه الأوهام الدينية ـــ هي:ماذا يعني الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني سياسيا ؟ ما هي الظروف الحافة ؟ لماذا العوامل الحافزة ؟
IIIـــ الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان: 
أولا ـــ الدلالات 
في هذه الفترة تستعد السلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني للتفاوض ـــ بعد 20 سنة من التوقف حسب اتفاقية أوسلو ـــ حول الدولة الفلسطينية. وفجأة يعلن ترامب "أنه سيعترف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني فماذا يعني هذا الاعتراف السياسي؟
1ــ إن اعتراف أكبر دولة في العالم بالقدس ــ المدينة التي يدور حولها صراع عمره قرن من الزمن وما زال متواصلاــ يمثل دعما غير مشروط للكيان الصهيوني.
2 ــ إنه تكريس للأمر الواقع الذي خلقته الإدارة الصهيونية ، فكل الإجراءات التي اتخذتها من توطين وتهويد ، صارت تحظى بدعم امريكيا وهي ملتزمة بتنفيذه.
3 ــــ إنها عملية حسم استباقية للمفاوضات التي ستجري بين هذا الكيان والسلطة الفلسطينية حول مصير القدس ، فالقدس صارت خارجة عن إطار المفاوضات، فقد أغلق الباب أمام السلطة التي تعتبر القدس الشرقية عاصمتها التاريخية.
4 ـــ إن هذا الاعتراف يمهد الطريق أمام الدول المترددة وخاصة على المستوى الأوروبي وضمن هذا المسعى زار نتانياهو الاتحاد الأوروبي وفي مقدمته فرنسا وقد أكد أنها ستحذو حذو ترامب . 
ثانيا ـــ الإطار الزماني للاعتراف والظروف الحافة
استولت الآلة العسكرية على القدس الغربية منذ سنة 1947 وبعد عشرين سنة استولت على القسم الشرقي بعد 1967 ثم حولت عاصمتها من تل أبيب إلى القدس، وكانت تدفع الدول للاعتراف بها كعاصمة أبدية للدولة اليهودية، وحازت على موافقة الكونجرس منذ 1995 ، لكن الرؤساء الامريكيين ــ وبالتحديد كلينتون وبوش الأبن وأوباما ـــ كانوا يعدون ثم يغضّون النظر عن عمليات الاستيطان والتهويد لكنهم لم يتجرؤِا على الاعتراف بمدينة القدس عاصمة يهودية، فهي خط أحمر لعدة أسباب منها :
1 ـــ ما تتمتع به القدس من مكانة تاريخية ودينية عبر التاريخ ،فاليهود يزعمون أنها مدينة داود وسليمان والمسيحيون يعتبرونها مولد السيد المسيح ومثواه في كنيسة القيامة والمسلمون يعدّونها أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى الرسول وبها قبة الصخرة ومسجد عمر، فأي مساس بوضعيتها سيخلق تداعيات تسيء لمكانة أمريكا 
2 ــ تجنب الإضرار بالمصالح الأمريكية الاقتصادية العديدة التي قد تتعرض للخطر 
3ــ عدم إحراج حلفائها وأصدقائها الكثيرين الذين يدعمون السياسة الأمريكية إقليميا ودوليا وبلدانهم سوق ااستهلاكية لكل المنتجات الأمريكية بكل أنواعها بل يساهمون بقسط وافر في تمويل حملاتهم الانتخابية.
4 ـــ مسؤولية أمريكا ـــ كأقوى دولة في العالم تحتضن المؤسسات الدولية ـــ على احترام الشرعية الدولية بما في ذلك القرارات المتعلقة بالمحافظة على الطابع التاريخي لمدينة القدس مثل قرار التقسيم 1947 وقرار 1967 الذي يرفض كل تغيير فيه ، وأهمها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر عام 1970 الذي يؤكد << أن “أية مكاسب إقليمية تم الحصول عليها عن طريق استخدام القوة ، أو التهديد باستخدامها لا يمكن الاعتراف بشرعيتها>> وكذلك اتفاقية أوسلو 1993 التي رعتها أمريكا.
لهذه الأسباب ولغيرها كان رؤساء أمريكا يعدُون الصهيونية ويخلفون وعدهم ، لكن الوحيد الذي تجرأ على أن يفعلها هو ترامب.فما هي العوامل الحافزة والضاغطة ؟
ثالثا ـــ العوامل الداخلية
في تقديري لا يعود إنجاز هذا الوعد إلى شجاعة ترامب التي خانته مع كوريا الشمالية التي تطلق صواريخها عرض البحار التي تبلغ مداها الولايات المتحدة ومع إيران التي هدد بتمزيق الاتفاق الذي أبرمه سلفه معها ولم يجبر البرازيل على بناء السور العازل ولم يحل دون التوسع الاقتصادي للصين .كل هذه التهديدات ذهبت أدراج الرياح ولم يف بوعده إلا مع الصهيونية. ففيم تكمن هذه الأسباب؟
1 ـــ وضعية ترامب المهتزة
منذ اليوم الأول لانتخاب ترامب ، خرجت المظاهرات الشبابية رافضة له متهمة إياها بالعنصرية وتضخم الأنا وما لبثت التهم تلاحقه وأخطرها تهمة التورط مع المخابرات الروسية في الانتخابات الرئاسية ففريق حملته مازال محل تتبع، تلاحقه العدالة وقد تؤول الأبحاث إلى إدانته وإزاحته، وأخيرا برزت تهمة التحرش الجنسي بعد أن تقدمت مجموعة من النساء بقضايا لدى المحاكم ضده.إن هذا التخوف يضطره إلى الاحتماء باللوبيات المؤثرة في المجتمع الأمريكي وفي مقدمتها الإيباك الصهيونية.
2 ــــ فاعلية اللوبي الصهيوني AIPACلجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية
الإيباك هو المنظمة الصهيونية الأكثر فاعلية والأخطرعلى حبك الدسائس وهي أكبر قوة مالية وإعلامية تسيطر على الساحة الأمريكية ،وهناك من اعتبر الولايات المتحدة أرضا محتلة لهذا اللوبي الذي تخشاه الأوساط المالية والسياسية، بما في ذلك ترامب رجل المال والسياسة. فهذا اللوبي قادر على رفع أسهمه وقادر ايضا على إخراجه من حلبة السياسة.لذا فهو مضطر للإيفاء بعهده .
رابعا ـــ العوامل الخارجية
1ـــ الكيان الصهيوني :الحليف الاستراتيجي لأمريكا في المنطقة
يعتبر هذا الكيان الحليف الاستراتيجي لأمريكا في المنطقة ،الموثوق به فهو حارسها الأمين الذي يحمي مصالحها ويضرب أعداءها كلما لاحت لديهم رغبة في الخروج عن الدائرة التي يرسمها للمنطقة ولابنائها، فهو يقوم بعملية ردع تدميرية كل عشر سنوات فهو يهدم ما بني علميا أو عسكريا بداية من العدوان الثلاثي على مصر56 الهجوم على مصر وسوريا والأردن 67 ، حرب العبور 73 ، تدمير المفاعل الننوي العراقي سنة 1981 ، الهجوم على الثورة الفلسطينية في لبنان 1982 والهجوم على حزب الله في جنوب لبنان 2006 بالإضافة إلى الضربات الخاطفة التي تتعهد الموساد لاغتيال العلماء والمناضلين كما حدث في تونس.
2 ـــ نجاح أمريكا في تغيير التحالفات وسلّم الأولويات 
اكتسى الصراع في النصف الثاني من القرن العشرين طابعا سياسيا حيث كان يدور بين الاستعمار والصهيونية والرجعية العربية من ناحية وحركات التحرر والوحدة في الوطن العربي من ناحية أخرى، ومع بداية القرن الواحد والعشرين حولته الإمبريالية العالمية والصهيونية بعد ثورات الربيع العربي ـــ إلى صراع سياسي لكن بخلفية دينية مذهبية، بين السنة التي تتزعمها السعودية والشيعة التي تتزعمها إيران فلم تعد الصهيونية عدوا موضوعيا للعرب مغتصبا لفلسطين بل تحولت إلى حليف موضوعي ــ غير معلن ـــ للعديد من الدول العربية الرجعية . فالعدو الاول للسلفية الجهادية ليس الصهيونية المغتصبة لفلسطين بل الإسلام الشيعي في مساجده والمسيحية في كنائسها مرورا بالأنظمة المتهمة بالعلمانية والقومية والشيوعية. وهكذا تغيرت الرؤى وسادت الضبابية واختلطت السبل بل تحولت من النقيض للنقيض.فلإسقاط النظام السوري حشدت الإمبريالية العالمية والصهيونية والرجعية المتناقضات فتحت شعار الخلافة خرّب الإرهاب سوريا والعراق طولا وعرضا وباسم الديمقراطية مزقت المعارضة وطنها فقد ارتمى الجيش الحر بين أحضان الأتراك لتوفير المنطقة الأمنية واقتطع الأكراد الجزء الشمالي من وطنهم بتخطيط ودعم من أمريكا ، وفي منطقة الخليج ــ التي كانت تمول الإرهاب ـــ انقلب السحر على الساحر فدخلت السعودية في حرب لا هوادة فيها مع جارتها اليمن فدمرت عمرانها ويتمت أطفالها ونشرت فيها مختلف الأمراض والأوبئة، ومع ذلك يصعب أن تخرج منها سالمة فهي خاسرة حتى وإن ربحت . إن هذا التحول في سلم القيم ورسم الأولويات خلق حالة من الإرباك في الوطن العربي جعلت الجماهير تصاب بالإحباط وتفقد بوصلتها،أما الأنظمة فقد ضيّق عليها الإرهاب الخناق وأصيبت بالشلل فصارت تبحث عن مظلة واقية حتى ولوعلى حساب سيادتها. وهكذا يقع استبلاه الشعوب فتتحول القيم النبيلة إلى معاول هدم للأوطان وشرذمة الأمم.
IVـــ ردود الفعل:
أولا ـــ على المستوى العربي : شلل الأنظمة وانهزامية الشعوب 
إن ما ألت إليه الأنظمة العربية من شلل وما تسلل للشعوب من انهزامية ليس وليد اليوم بل هو تتويج لمسار كامل بدأ بضرب حركات التحرر الوحدوية والوطنية منذ الخمسينات والستينات وتواصل على امتداد النصف الثاني من القرن العشرين . غير أن ثورات الربيع العربي أعادت المبادرة للشارع وأعطت للتيارات الوحدوية والتقدمية وللمجتمع المدني زخما جديدا استعادت به حيويتها لكن القوى الأطلسية التي تترصد كل التحولات وتدرك أبعادها سرعان ما تدخلت واختطفت الثورات وسلمتها للإرهاب ، فأخذ الصراع في الوطن العربي بعدا أفقيا بين الإرهاب والأنظمة بعد أن كان صراعا عموديا بين الشعوب وطلائعها من ناحية والإمبريالية والصهيونية والرجعية من ناحية أخرى. وهكذا اطمأنت أمريكا إلى أن الأنظمة غير قادرة على فك أغلالها حتى ولو اضطرتها الظروف كما هي الحال الآن. وحتى نقترب من الواقع فلنأخذ أمثلة من الواقع .
1 ـــ في مصر : يعاني النظام الانقلابي داخليا من الفقر والإرهاب ويخشى الشارع المصري الإخواني بعد أن فرط في المضايق أما خارجيا فهو سجين اتفاقيات مخيم داود وثروته المائية مهددة بسدّ النهضة الحبشي ، لذا لم تتجاوز ردود الفعل باب الأزهر وبعض الجامعات .
2 ـــ سوريا والعراق: دولتان مدمرتان وأراضيهما ملغمة بالقوات الأجنبية وفرق الدواعش وثرواتهما خارج السيطرة وهما محل تجاذب بين الأعداء الراغبين في مزيد من التدمير وبين الأصدقاء الراغبين في لملمة الجراح وتسجيل الحضور. فكان الغياب الجماهيري شبه تام خوفا من التوظيف والألغام 
3ــ المغرب والجزائر:منشغلتان بحرب بينية غير معلنة حول الصحراء الغربية ولم تعرفا إلا تحركات محدودة بالإضافة إلى غياب المجتمع المدني والأحزاب الملتزمة
4 ـــ ليبيا : مقسمة، تتنازع السلطة فيها تنظيمات هي أقرب إلى المليشيات المسلحة تصفي حساباتها مع خصومها دون العودة لأية سلطة مرجعية. 
5 ــ الخليج : تسلط عليه سلاطين وأمراء لا يفقهون معنى المواطنة بما تحمله من حقوق وواجبات يسكنهم هاجس الخوف من إيران، فالكيان ا لصهيوني صار حليفهم الموضوعي وأمريكا هي مظلتهم الواقية ولم يخجل وفد من البحرين من مراقصة الصهاينة في القدس وبالَإضافة إلى كل ذلك فإن رنين الدولار مازال وقعه في تكميم الافواه وطمس العقول، فالسلطة قادرة على فتح خزائنها كلما لاح بريق من الحرية ولو كان خافتا كما وقع مع تحركات الربيع العربي.
6 ــ البقية الباقية
بقيت بعض الدول التي مازال نبض الشارع بها قويا لكنها غير فاعلة سياسيا مثل تونس ولبنان والأردن وفلسطين وهي التي تحركت جماهيرها نتيجة لفاعلية المجتمع المدني بها وأنقذت الشرف الجماهيري للأمة العربية. والغريب أن المطبعين والحركيين حاولوا أن يسجلوا حضورهم في تونس فدعوا لتنظيم معرض للمحرقة ( للهيلكوست) في تونس بالمكتبة الوطنية عطّله المناضلون. والأسئلة المطروحة: هل هذا النشاط خدمة غير مجانية للصهيونية ؟ أم دفاع عن قضية إنسانية لم يختاروا لها لا المكان ولا الزمان ولا السياقات ولا المسوّقين المتهمين بالصهيـونية وبالحرْكية ؟ هل هو أنشطة داعشية في الاتجاه المعاكس لتخريب الوعي الوطني؟ 
ثانيا ــــ على المستوى الإسلامي : حسن التوظيف
سجلت الساحة الإسلامية نوعين من التحرك ، فعلى مستوى الشارع خرجت عدة مسيرات شعبية في كل من (تركيا ، إيران ، باكستان وماليزيا ...) لكنها لم ترتق إلى مستوى الحدث الذي صنعته الإدارة الأمريكية، أما على مستوى الحكومات فأقصى ما وصلت إليه عقد قمة إسلامية طارئة بإستمبول يوم 13 ديمبر 2017 هو الاتفاق على << رفض القرار الأحادي وغير القانوني" للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ، والدعوة للاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطينية.>>
ثالثاـ على المستوى الدولي:
1 ـــ تحرك أوروبي مخيّب لرغبة أمريكا والكيان الصهيوني
تكاد تنحصر المفاجأة في رفض الدول الأوروبية الانسياق وراء الإدارة الأمريكية ، وهذا ما كانت تراهن عليه الإدارة الصهيونية، حيث سارع نتانياهو إثر الاعتراف مباشرة إلى الاتصال بالاتحاد الأوروبي للضغط عليه حتى ينحو نحو أمريكا، لكن أوروبا وفي مقدمتها فرنسا تمسكت بالشرعية الدولية التي تعتبر مصير القدس مرتبطا بنتائج المفاوضات بين الكيان الصهيوني والسلطة الفلسطينية. وهو موقف تاريخي لأوروبا التي فقدت استقلاليتها عن أمريكا وعن الضغوطات الصهيونية منذ غياب الجنرال ديغول. لكن الموقف الابرز جاء على لسان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي اعتبر ملف مدينة القدس<< من ملفات الوضع النهائي للقضية الفلسطينية ويجب حلها من خلال المفاوضات المباشرة على أساس القرارات الأممية ذات الصلة، مع مراعاة الشواغل المشروعة لكل من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي أنا على دراية عميقة بمكانة القدس في قلوب الكثيرين. لقد كان ذلك لعدة قرون ، وسوف يكون دائما... في هذه اللحظة ، أريد أن أوضح أنه ليس هناك بديل عن حل الدولتين. >> غير أن التمسك بالشرعية الدولية لا يخلو من خلفية سياسية واقتصادية وثقافية ، فأوروبا تريد أن تقدم نفسها للعرب وللمسلمين وللعالم كنصير للشعوب في قضاياه العادلة وكبديل عن الهيمنة الأمريكية التي تسوق للعولمة . والتساؤل المطروح هو:إلى أي مدى ستصمد لحكومات الأوروبية أمام ثلاثة أنواع من الضغوط ؟
أــ الضغط الصهيوني من داخل أوروبا والذي ستمارسه الصهيونية المتوغلة في كل القطاعات الحيوية كالبنوك، الإعلام والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني
بـــ الضغط الأمريكي، فالإدارة الامريكية تعتبر نفسها ولية نعمة القارة العجوز منذ نهاية الحرب العالمية الثانية فهي التي أنقذتها عسكريا من المحور واقتصاديا من الشيوعية بمشروع مارشال 1947.
جــ اليمين الأوروبي الذي بدأ يسجل حضوره على الركح السياسي كردّ فعل على العمليات الإرهابية، فبالرغم من أنه مسكون بالعنصرية ضد السامية إلا أنه أشد كرها للإسلام والمسلمين.
وفي مقابل هذا الموقف ـــ الذي يعتبر شجاعا ـــ فقد جاء موقف كل من الصين وروسيا هزيلا ومتخاذلا بعيدا كل البعيد عن المواقف التاريخية التقليدية للاتحاد السوفيتي والصين الشعبية الداعمة لقضايا التحرر في العالم، فلم يقدم أية مبادرة ولم يتجاوز الشرعية الدولية .واعتقد أن كلا منهما لا يرغب في إزعاج أمريكا ولا الرأسمال اليهودي في العالم ويريد أن يتوغل أكثر في السوق العالمية استنادا إلى فرصة العالمية واختيارتهما الرأسمالية .
2 ـــ قرار مجلس الأمن : العزلة الأمريكية 
صوت أعضاء مجلس الأمن (15) يوم 8ديسمبر2017على مشروع القرار الذي تقدمت به مصر والذي ينص على<< أن أي قرارات تغير وضعية القدس ليس لها أي أثر قانوني ويجب إلغاؤها، مشددا على أن قرارات كهذه "لاغية وغير قانونية امتثالا للقرارات ذات الصلة الصادرة عن مجلس الأمن>> والمسكوت عنه إلغاء قرار ترامب، فوافق عليه 14 عضوا واستعملت أمريكا حق النقض وهذا ما سيضطر الفلسطينيين لإحالة المشروع إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة ومن الأكيد أنه سينال الدعم.
إن كل هذه التجاذبات الوطنية والإقليمية والدولية تؤكد أن القضية الفلسطينية صارت قضية إنسانية وأن المجتمع الدولي صار مدركا لطبيعة الصراع ولم تنطل عليه الأوهام الصهيونية ولم يخضع للابتزاز الإمبريالي الأمريكي . 
V ـــ شموع الأمل لن تنطفئ
قالت السيدة نيكي هايلي Nikki Haley ممثلة الولايات المتحــــدة في مجلس الأمــن << كنا ننتظر أن تقصف السماء على الأرض بعد قرار ترامب فلم يحدث شيء من هذا >> نعم هو كذلك فنحن أيضا لم نكن نتوقع كمتابعين وكمحللين أن تتفجر السماء ولا أن تتزلزل الأرض ولا أن تخسف القمر ولا أن تكسف الشمس ولا حتى أن تتعرض أمريكا لأعاصير السونامي ، لأننا نعرف أن الولايات المتحدة قرأت لكل شيء حسابا فدمرت القوى الحية في البيت العربي وأشعلت حريقا بين أركانه ووضعت الأغلال في رقاب حكامه وأثريائه ـــ من سلاطين وأمراء وعباد السلطة ـــ فغدوا يستجدونها لاستباحة أوطانهم وحماية مواقعهم ، لكنكم نسيتم أن شموع الأمل المغروزة في أعمق أعماق شعوبنا لن تنطفئ.
أولا ــــ أن القضية الفلسطينية بكل أبعادها الوطنية والقومية والإسلامية والإنسانية 
هي محرك وحافز للمقاومة الجماهيرية ، فهي توحّد ولا تفرّق ، وأن الشعب الفلسطيني ليس يتيما فوراءه خيمة عربية ــ بكل تلويناتها الدينية والحضارية ـــ تأويه وتقاسمه نفس المصير، أسرة إسلامية تغضب له ولها ركن في بيت المقدس ، عالم ثالث يقاسمه معاناة الظلم التي عاشها ومازال يعيشه وأحرار في العالم لم تهجرهم القيم الإنسانية قيم الحرية والعدالة.
ثانيا ـــ فشل مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي راهنت عليه الصهيونية والدول الاستعمارية ووكلاؤها في المنطقة لتقسيم المقسم عن طريق الاحتلال المباشر للعراق وإسقاط نظامه القومي التقدمي والقضاء على نخبه العلمية وتدمير أركان الدولة العراقية ، بداية من جيشه بحجة البحث عن السلاح النووي الذي لم تعثروا له على أثر ولن تعثروا . وبعد هذا التدمير الممنهج زرعتم الإرهاب في الوطن العربي طولا وعرضا وخاصة في سوريا والعراق وليبيا .فأكمل المهمة التي عجزتم عنها، فتوغل في المدن والقرى والأرياف بل في عمق الأحياء، فكان النزوح والهجرة والتشرد والتسول. إن هذا المشروع فشل أو يكاد.
ثالثا ـــ توْق الجماهير العربية للحرية وفاعليتها في تغيير الأوضاع، وهذا ما أكدتها ثورات الربيع العربي رغم محاولات اختطافها وإجهاضها وتوظيفها ، فقد سجلت رفضها للاستبداد والتوريث والوصاية وللمشاريع الاستعمارية وأثبتت أنها مريدة وفاعلة بل وقادرة ، وهذا ما تبين بشكل واضح في الساحة العربية التي تمكنت فيها الجماهير من انتزاع ركن للحرية والإقرار بالمواطنة وحقوق الإنسان . وأبسط مثال على ذلك القطر التونسي على صغر حجمه ومحدودية موارده، فالبرغم من أنه ما مازال يعيش صراعا بين الثورة والثورة المضادة، فقد تحركت فعالياته الوطنية تحت مظلة المنظمة الشغيلة منظمة العاملين بالساعد والفكر،لتؤكدأن القدس ذاكرة ومصير 
رابعا ـــ إن الصمود الشعبي في سوريا والعراق وليبيا واليمن أفرز ظهور جبهة مقاومة سواء على المستوى القطري أو الإقليمي أو الدولي بهدف واحد هو التصدي للأطماع الاستعمارية والصهيونية في المنطقة بقطع النظرعن الأهداف المتباينة. فقد سدت هذه المقاومة الفراغ النضالي الذي نتج عن تقلص دور التيار القومي واليساري العربي بعد الضربات الموجعة التي سددتها له الإمبريالية والصهيونية والرجعية . وأخيرا وليس أخرا فإن الصراع سجال يوم لنا ويوم علينا ويكفي السيدة نيكي هايلي إنك بمواقفك ومواقف دولتك العدائية للشعب الفلسطيني أسوأ من نتانياهو فأنت لاتعرفين المنطقة ولا ظروفها ولامعاناة أهلها فوفّري قليلا من الوقت لتعي ملابسات هذه القضية وأول خطوة للوعي هي المعرفة خاصة وأنك من أصول هندية من بلاد الهند التي أنجبت غاندي ونهرو وتعرف معنى الحرية ولعلك تدركين الحقيقة في يوم من الأيام وتخرجين من الغيتو الصهيوني وقد فعلها قبلك كثيرون ولعل آخرهم هو ابن بلدك نعوم تشومسكي Avram Noam Chomsky الذي اعتبر<<أنصار إسرائيل هم في الحقيقة أنصار لانحطاطها الأخلاقي ودمارها النهائي المحتمل>>
سالم الحداد زرمدين/ المنستير 20ديسمبر 2017


وهكذا المادة صفقة القرن : الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني بقلم سالم الحداد

هذا هو كل المقالات صفقة القرن : الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني بقلم سالم الحداد هذه المرة، ونأمل أن توفر فوائد لكم جميعا. حسنا، أراك في وظيفة أخرى المقال.

كنت تقرأ الآن المقال صفقة القرن : الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني بقلم سالم الحداد عنوان الرابط https://notscrets.blogspot.com/2017/12/blog-post_3192.html

Subscribe to receive free email updates:

0 Response to "صفقة القرن : الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني بقلم سالم الحداد"

إرسال تعليق