عنوان: قراءة في التطورات الدراماتيكية في السعودية توفيق المديني
حلقة الوصل : قراءة في التطورات الدراماتيكية في السعودية توفيق المديني
قراءة في التطورات الدراماتيكية في السعودية توفيق المديني
شهدت المملكة السعودية في الخامس من تشرين الثاني الجاري تطورات دراماتيكية كبيرة، تمثلت في حدثين مهمين، أولهما: استقالة رئيس الحكومة اللبنانية، سعد الحريري، التي أعلنها من الرياض، بوصفها قراراً سعودياً، إذ إن هذه الاستقالة جاءت في ضوء الانتصار الذي حققه الجيش العربي السوري وحلفاؤه (حزب الله وإيران) في دير الزور، وهو بمنزلة انتصار استراتيجي واضح، ما يجعله مختلفاً عن بعض ما تحقق من انتصارات سورية خلال السنوات السبع الماضية من العدوان.
فمن الناحية الاستراتيجية فإنّ تحرير دير الزور من سيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي، وما يعقبه في الوقت الحاضر من اندفاعة القوى باتجاه الحدود العراقية عند البوكمال يعني السقوط النهائي للخطة الأمريكية في سورية عامة وفي المنطقة الشرقية خاصة وتالياً فراغ اليد الأمريكية من أوراق استراتيجية أساسية كبرى يمكن لعبها ضد وحدة سورية وقرارها السيادي المستقل ما سينعكس حتما على أي مقاربة سياسية وفي مكان للبحث في مخرج من الأزمة، أما من حيث الطبيعة المركبة لهذا الانتصار لمحور المقاومة ، فإنّنا نجد فيه انتصاراً دفاعياً وانتصاراً هجومياً متلازمين يصنعان على مسرح عمليات وميدان واحد وقد يتنافسان في الأهمية والتأثير العام.
كما جاءت هذه الاستقالة في ضوء السياسة الخارجية اللبنانية التي يقودها الرئيس ميشال عون ووزير خارجيته جبران باسيل، والتي تنسجم مع الخط السياسي الإقليمي لحزب الله، ففي الوقت الذي كانت فيه المملكة السعودية تشدّد الخناق على حزب الله، عبر جملة إجراءات وحملة تصريحات، قادها وزير الدولة لشؤون الخليج العربي، ثامر السبهان، اعتبر الرئيس ميشيل عون، في زيارة قام بها إلى القاهرة في شباط/ فبراير الماضي، أن سلاح حزب الله لا يتعارض مع الدولة، وهو جزءٌ مهمٌ من الدفاع عن لبنان. وقد كرّر عون هذا التصريح، أخيراً، عندما قال إن لبنان بحاجة إلى سلاح حزب الله، لأن الجيش ما زال ضعيفًا. وفضلاً عن ذلك جاء اللقاء الذي أجراه وزير خارجية لبنان جبران باسيل مع وزير خارجية سوريا وليد المعلم، على هامش على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، في أيلول/ سبتمبر الماضي، ليزيد من حقن المملكة السعودية على السياسة اللبنانية.
ثم جاء اللقاء الأخير في بيروت بين سعد الحرير ومستشار المرشد الإيراني، علي أكبر ولايتي، ليزيد من إرباك رئيس الحكومة اللبنانية السابق، حليف المملكة السعودية، لا سيما أن المستشار الإيراني أعلن من منبر رئاسة الوزراء اللبناني انتصار محور المقاومة، وبقاء الرئيس بشار الأسد في السلطة في دمشق، في حين أن الفريق الذي يقف خلف الحريري، من قوى "14 آذار" باتت قوى ضعيفة، وغير مؤثرة في مجرى الأحداث والتحولات التي تحصل في المنطقة.
وثانيهما، عمليات اعتقال غير مسبوقة استهدفت أمراء سعوديين، ووزراء ومسؤولين ورجال أعمال تحت شعار "مكافحة الفساد". لكن المراقبين في المنطقة لا ينظرون إلى هذه الاعتقالات من هذه الزاوية التي يقدمها الخطاب الرسمي السعودي، فالاعتقالات تزامنت مع إطلاق الحوثيين صاروخاً باليستياً باتجاه الرياض كردٍ من إيران على التصعيد السعودي ضدها، إضافة إلي الزيارة التي قام بها مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصهره، جاريد كوشنير، الأسبوع الماضي لكل من "إسرائيل" و المملكة السعودية، و التي تستهدف زيادة خطوات التطبيع بين الدول الخليجية ، وفي مقدمتها المملكة السعودية مع الكيان الصهيوني، إذ تراهن إدارة ترامب على عملية التطبيع الجارية في المنطقة ، و التي تعكس تلاقي المصالح بين الأنظمة الحاكمة في السعودية والإمارات و"إسرائيل"، وعلى إحراز تقدمٍ، ولو شكلياً، في المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية يساعدها في تحقيق تقارب علني بين "إسرائيل" والدول العربية المرتبطة بالإمبريالية الأمريكية ،بهدف تشكيل جبهة إقليمية واسعة ت لمواجهة إيران في المنطقة، تضمها إلى جانب إسرائيل.
فاستناداً إلى صحيفة "واشنطن بوست "الأمريكية، فإنّ "حملة الاعتقالات التي شنها ولي العهد السعودي ضد خصومه من أمراء العائلة السعودية والوزراء وكبار المسؤولين ورجال الأعمال الكبار تحت شعار محاربة الفساد هي مغامرة محفوفة بالمخاطر"، وربطت الصحيفة بين توقيت الحملة وبين الزيارة السرية إلى المملكة العربية السعودية التي قام بها، الشهر الماضي، جيريد كوشنير صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وأشارت "واشنطن بوست" إلى أن كوشنير ومحمد بن سلمان عقدا جولات مطولة من المحادثات المعمقة استمرت ليالٍ عدة. وقالت مصادر الصحيفة إن "ولي العهد السعودي وصهر الرئيس الأمريكي كانا يضعان الخطط والسيناريوهات خلال تلك الاجتماعات، التي كانت تستمر حتى ساعات الصباح الأولى".
وتأتي حملة الاعتقالات هذه لتضرب مراكز القوى القوية في المملكة، التي تشكل معارضة حقيقية لتولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قيادة المملكة السعودية، في حال تنازل الملك سلمان ابن عبد العزيز لابنه. ففي خطواتٍ سياسيةٍ معدّة سلفاً، أعلن الملك سلمان بن عبد العزيز عن إنشاء هيئة لمكافحة الفساد، أوكل رئاستها إلى نجله ولي العهد محمد بن سلمان. وقد أصدرت الهيئة، خلال ساعات من إنشائها، أوامر إقالة واعتقال 11 أميراً من العائلة المالكة، إضافة إلى أربعة وزراء حاليين، وعشرات الوزراء السابقين ورجال الأعمال والمسؤولين الحكوميين، ومصادرة أموال قدّرتها وسائل إعلام بمليارات الدولارات. وكان أبرز من جرت إقالتهم واعتقالهم وزير الحرس الوطني، الأمير متعب بن عبد الله وشقيقه أمير منطقة الرياض السابق، تركي بن عبد الله. وبإقالة الأمير متعب، يكون محمد بن سلمان قد أحكم سيطرته على آخر جهاز عسكري داخل الدولة، بعد أن أكمل سيطرته على الجيش ووزارة الداخلية، بعد إقالة ولي العهد ووزير الداخلية السابق الأمير محمد بن نايف في حزيران/ يونيو الماضي. ويبلغ عدد الحرس الوطني نحو مائة ألف عنصر، وتأسس عام 1954، وقد تولى الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز رئاسته منذ عام 1962، ونقل قيادته إلى ابنه متعب بعد أن أصبح ملكاً عام 2005، وحوّله إلى وزارةٍ للحرس الوطني، قبل وفاته بوقت قصير (نقلاً عن صحيفة العربي الجديد بتاريخ 6تشرين الثاني/نوفمبر 2017).
ويجمع الخبراء في الاقتصاد، أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، يريد أن يدخل المملكة السعودية في "عصر التأميم" باعتباره "انقلاباً اقتصادياً" على نمط الاقتصاد الحر السائد في المملكة، عبر تجميد الحسابات المصرفية للشخصيات وكبار رجال الأعمال الذين أوقفوا على خلفية قضايا فساد، بهدف جمع الأموال الضرورية لتمويل الخطط الاقتصادية، وعلى رأسها رؤية 2030، والإعلان عن إنشاء عن مشروع "نيوم"، الذي تبلغ قيمة تكاليفه والاستثمار فيه 500 مليار دولار، وفي وضع تتآكل معه الاحتياطات النقدية السعودية بسبب السحب المستمر منها، وتكاليف الحرب في اليمن.
وهكذا المادة قراءة في التطورات الدراماتيكية في السعودية توفيق المديني
هذا هو كل المقالات قراءة في التطورات الدراماتيكية في السعودية توفيق المديني هذه المرة، ونأمل أن توفر فوائد لكم جميعا. حسنا، أراك في وظيفة أخرى المقال.
كنت تقرأ الآن المقال قراءة في التطورات الدراماتيكية في السعودية توفيق المديني عنوان الرابط https://notscrets.blogspot.com/2017/11/blog-post_997.html
0 Response to "قراءة في التطورات الدراماتيكية في السعودية توفيق المديني"
إرسال تعليق