عنوان: قمة سوتشي و مستقبل التسوية في سوريا توفيق المديني
حلقة الوصل : قمة سوتشي و مستقبل التسوية في سوريا توفيق المديني
قمة سوتشي و مستقبل التسوية في سوريا توفيق المديني
في ختام القمة التي عقدت في منتجع سوتشي الروسي على البحر الأسود يوم الإربعاء 22تشرين الثاني /نوفمير الجاري، وجمعت كل من الرؤساء الثلاثة ، الروسي فلاديمير بوتين ، والإيراني حسن روحاني، والتركي رجب طيب أردوغان، أعلن الرئيس الروسي الاتفاق على وثيقة تحدد الاتجاهات والمجالات للتعامل بين روسيا وتركيا وإيران حول سورية والمهام المستقبلية، مؤكداً «نحن موحّدون حول فكرة تسوية الأزمة السورية في إطار أستانة وخلق ظروف لتخفيض العنف وإعادة المهجرين».وقال بوتين في ختام لقائه في سوتشي مع نظيريه التركي رجب طيب اردوغان والايراني حسن روحاني ان «الرئيسين الايراني والتركي دعما مبادرة عقد مؤتمر وطني سوري» في سوتشي، لتمثيل الأحزاب والفئات الإثنية والطائفية والحزبية للنظر بالنظام السياسي المستقبلي وصياغة دستور جديد وانتخابات برعاية الأمم المتحدة ثم التسوية السياسية في إطار عملية جنيف،معتبرا ان هذا المؤتمر سيشكل «حافزاً» لتسوية النزاع في سورية في اطار محادثات السلام التي تجري في جنيف تحت اشراف الامم المتحدة، وبناء على القرار 2254 .وأضاف بوتين أن «الشعب السوري هو الذي يملك قرار مصيره. والواضح أن هذه العملية لن تكون سهلة وتتطلب تسويات وتنازلات من جميع المشاركين بما في ذلك الحكومة السورية»، مؤكداً أن موسكو وطهران وأنقرة «ستبذل أقصى الجهود من أجل أداء عمل منتج».
وأشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى أنه أطلع نظيريه التركي والإيراني على نتائج اجتماعه مع الرئيس بشار الأسد يوم الاثنين الماضي، وأنه نقل لهما التزام «السلطات السورية»بمبادئ الحل من دستور جديد وانتخابات حرة، معتبراً أن «السوريين أنفسهم يجب أن يقرروا مصيرهم». فعشية قمة سوتشي ، عقدت قمة مسبقة جمعت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع نظيره السوري بشار الأسد الذي وصل منتجع سوتشي الروسي ،في زيارة لم يعلن عنها مسبقاً، حيث استهل بوتين اللقاء بتهنئة الأسد بـ «النتائج، التي تحققت في سورية على صعيد الحرب ضد الإرهاب»، مضيفاً أن «هزيمة الإرهابيين، باتت نتيجة حتمية».وقال الرئيس الروسي إن «المسألة الأهم، المطروحة على أجندة البحث هي مسألة ما بعد هزيمة الإرهابيين، وهي مسألة التسوية السياسية، التسوية طويلة الأمد للوضع في سورية»، مشيراً إلى أن موسكو تسعى إلى إطلاق عملية حوار واسعة النطاق بين الأطراف السورية و «نعلم أنكم أبديتم استعداداً للعمل مع كل من يريد السلام، والاستقرار في سورية».
ومن جانبه، أشاد الرئيس السوري بنتائج العملية العسكرية الروسية في سورية، وقال إن العملية التي بدأت قبل عامين وبضعة أسابيع، حققت نتائج كبيرة عسكرية، وسياسية، وإنسانية، مشيراً إلى أن تراجع الإرهابيين في كثير من المناطق أدى إلى عودة الكثير من المواطنين السوريين إلى مدنهم وقراهم.وأكد الأسد تأييده العملية السياسية. مشيراً إلى أن الحكومة السورية تعوّل على «دعم روسيا لضمان عدم تدخل اللاعبين الخارجيين في العملية السياسية، وأن يدعموا فقط المسار السياسي، الذي سيقوده السوريون أنفسهم».
لقد أصبحت روسيا الفاعل الأهم في الأزمة السورية ، بعد فشل الجولات المتعددة من مفاوضات جينيف التي بدأت في شهر حزيران/يونيو عام 2012، وتضمنت نتائج جنيف 1 الاتفاق على عملية انتقال سياسي بقيادة سورية، وفق جدول زمني محدد. وقد استنفد هذا المسار جهد اثنين من المبعوثين الدوليين لسوريا :هما كوفي أنان، والأخضر الإبراهيمي، قبل أن ينتقل الدور الأممي إلى ستيفان دي مستورا، الذي لا يزال يواصل مساعيه.وفي خطاب استقالته بعد فشل جينيف 1، أعلن المبعوث الدولي لسوريا كوفي أنان أن سبب تعثر فرص التسوية السياسية في سوريا هو في «غياب الإرادة الدولية لإنهاء الصراع»، وهو العامل الذي ألقى بظلاله على مجمل الأزمة ، وليس عملية التسوية فحسب.
ثم بادرت روسيا إلى التدخل العسكري المباشر في أيلول/سبتمبر 2015 ، بعد أن شارفت الدولة الوطنية السورية على السقوط،وسارعت موسكو إلى تولي القيادة في إدارة الأزمة السورية دوليًا بعدما محققته من نجاحات على المستويين العسكري و السياسي . فكان تدشين مسار أستانة ضمن إعلان موسكو نقطة تحول في مسار التسوية السياسية للأزمة السورية، للتفاوض بين القوى المتصارعة على الأرض، مما قاد إلى التوصل لعدة مقرّرات حول إقامة مناطق «خفض التوتر» في سورية ، وبمشاركة كاملة من إيران وتركيا.
تكمن أهمية قمة سوتشي التي جمعت كل من الرؤساء الروسي فلاديمير بوتين والإيراني حسن الورحاني و التركي رجب طيب أردوغان ، من أنها جاءت في ضوء تمكن روسيا من المحافظة، حتى اليوم ،على وحدة الدولة الوطنية السورية وضمانها ومنع التقسيم أو الفدرلة، ومعها في ذلك حلفاؤها وأصدقاؤها بطبيعة الحال، على الرغم مما يقال وما يحصل في الميدان، ناهيك عن فرض خطوط حمراء في سورية، وتأمين الالتزام بها أو عدم تجاوزها وتخطيها،لا سيما في مجال بقاء واستمرار السلطة السياسية التي يجسدها الرئيس بشار الأسد، وما تمثله على المستويين الداخلي والخارجي، ذلك أن نظام الحكم السياسي في سورية لم يعد هو نفسه بعد كل هذه المستجدات.
وجاءت قمة سوتشي في ضوءالتطورات التالية:
أولاَ: التحسن الكبير لوضع الدولة الوطنية السورية ، والمكانة التي أصبحت تحتلها إيران ، إقليميًا، ووقوف طهران مع التدخل المباشر لحزب الله إلى جانب الدولة الوطنية، وتغير الموقف العراقي لجهة التنسيق الميداني بين الجيشين العراقي والسوري،لمواجهة عدوهما المشترك، تنظيم «داعش» الإرهابي.بينما تعيش تركيا أزمة مع كل من الولايات المتحدة الأميركية و حلف شمال الأطلسي ، حيت فشلت أنقرة في إقناع الولايات المتحدة بالتخلي عن دعمها قوات حماية الشعب الكردية، والتي تتهمها أنقرة بأنها تشكّل امتداداً لحزب العمال الكردستاني، وهذا ما سمح بتغيير مواقفها من الرئيس بشار الأسد، كما فتح لها الباب لدخول الأراضي السورية واحتلال شريط من جرابلس إلى مدينة الباب، والتمدُّد لاحقاً باتجاه محافظة أدلب وحصار جيب عفرين الذي تسيطر عليه القوات الكردية، وهي تتحيّن الفرص للانقضاض عليه. والحال هذه يصب التقارب الروسي –التركي الذي لا يرقى إلى مستوى التحالف ، في خدمة المخطط الروسي،وفي مصلحة الدولة الوطنية السورية.
ثانيًا:بعد نجاح روسيا و الدولة الوطنية السورية و إيران وحزب الله في تغيير المعادلة العسكرية على الأرض ،تؤشّر مختلف المبادرات الروسية في آستانة وما نتج عنها من مقرّرات حول إقامة مناطق «خفض التوتر» في سورية، وبمشاركة كاملة من إيران وتركيا، مثلت قمة سوتشي التي حضرها رؤساء البلدان الضامنة وقف النار في سورية، فرصة تاريخية لروسيا لتعزيز مواقفها في مواجهة التوجهات الأميركية الجديدة على الساحة السورية، التي عكستها إشارات عدة عبرت عن رغبة واشنطن في لعب دور وازن على الساحة السورية، عبر حصر الحل بمسار جنيف للمفاوضات، والإعلان عن بقاء قواتها هناك حتى يتحقق السلام، واقتراح آلية للحل تبدأ بنزع السلاح منطقة فمنطقة كي يسود الأمن والاستقرار، وفق إعلان وزير الدفاع الأميركي.وفضلاً عن ذلك، تريد روسيا رسم ملامح المرحلة المقبلة التي سيكون عنوانها الأساسي الإعلان عن انتهاء الجزء النشط من العمليات العسكرية في سورية والانتقال إلى مسار سياسي، و الترويج لوجهة النظر الروسية فيما يتعلق بالمرحلة الانتقالية ، وفرض بقاء الرئيس بشار الأسد كشريك فيها، لا سيما بعد أن أصبحت هناك اقتناعات لدى أطراف عديدة داخلية وخارجية، بإمكانية تقديم تنازلات فيما يتعلق الانتقال ، وتبني وجهة النظر الروسية التي تدخل تغييرات جوهرية على الجدول الزمني لعملية الانتقال بما يجعلها تحت إشراف الدولة الوطنية السورية ، وبمشاركة معارضة مرنة كمعارضة موسكو والقاهرة.
ثالثًا:أكدت روسيا في قمة سوتشي على أهمية الحوار السوري-السوري ، من خلال عقد اجتماع لـ 1500 شخصية سورية في سوتشي ليوم واحد بعد أن عدّلت مشروعها الأساسيّ لعقد هذا الاجتماع تحت شعار «اجتماع الشعوب السورية». وفيما يتعلق بالجهات التي ستتم دعوتها إلى مؤتمر الحوار بينوزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أن توجيه الدعوات يرتكز على القرارات الأممية التي تم تأكيدها في محادثات جنيف وضمها دائما في الوثائق التي تم إقرارها في محادثات آستنة والتي تؤكد على الحوار السوري السوري الشامل الذي يضم ممثلي الحكومة السورية وأوسع أطياف المعارضة». وقال لافروف إن «محادثات آستنة كانت من الخطوات النوعية باتجاه خلق ظروف هذا الحوار فهي العملية الأولى التي شارك فيها لأول مرة ممثلو «المعارضة المسلحة» وليس ممثلي المعارضة المقيمة في أوروبا والتي تنشىء منتديات يفترض أن تدفع إلى التسوية لكنها تعتمد طرقا غير مقبولة تخالف مبادئ قرارات مجلس الأمن». وتسعى روسيا عبر انعقاد هذا المؤتمر إلى الاستئثار بالحلّ السياسيّ، خصوصاً أن نجاح محاولاتها هذه سيعطيها بالاشتراك مع الدولة الوطنية السورية اليد العليا على الأرض، والحق بالمطالبة بخروج القوات الأميركية الموجودة في شمال شرقي سورية، من خلال الطعن بشرعية وجودها على الأرض السورية.وأضاف إن هذا هو التغير الرئيسي الذي جاءت به عملية آستنة بما فيه إنشاء مناطق تخفيف التوتر والحوار بين مجموعات المعارضة كما نسعى إلى محاولة إنشاء قنوات المصالحة الوطنية في هذه المناطق.
رابعًا:جاءت قمة سوتشي بعد أن تعمق المأزق العسكري الذي تواجهه المعارضة السورية ،إضافة إلى حالة التشتت والتشرذم التي تعيشها ،ما دفعها إلى قبول الانضمام إلى مسار المفوضات في أستانة.ووجدت المعارضة السورية نفسها مضطرة لرفع سقف التنازلات تدريجيًا، بعد أن هدّد الممول الرئيس لهذه المعارضة ،وهي المملكة السعودية برفع يد دعمها الارهابية بحجة أنهم يضمون الكثير ممن وصفتهم «بالمتشددين» وكأن كل من دعمتهم السعودية مسبقاً كانوا حمائم ،الأمر الذي يعرقل عقد مؤتمرهم المزمع «الرياض2» اليوم الإربعاء 22 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري. فقدقال عضو وفد التفاوض المشارك كعضو مستقل في مؤتمر الرياض «٢» خالد محاميد لـصحيفة «الحياة»، إن أهم وأبرز عائق لتحقيق أهداف منصات المعارضة الثلاث (الرياض وموسكو والقاهرة) في توحيد المواقف والآراء وبالتالي توحيد الوفد المفاوض هو عدم نضج الوعي السياسي لدى أفراد المعارضة. وتعمل السعودية بالتعاون مع مصروروسيا، على توحيد المنصات الثلاث وتشكيل وفد تفاوضي واحد من الشخصيات المعتدلة،وكان هناك مقترح بأن يرأس المدعو « أحمد الجربا» أو المدعو «خالد المحاميد» وفد التفاوض.
خامسًا:وتأتي عملية التسوية السياسية للأزمة السورية في وقت تتغير فيه موازين القوى على الأرض لمصلحة الدولة الوطنية السورية بشكل كبير، إذ تواجه المعارضة السورية ضغطا عسكريًا و سياسيًا كبيرًا، وتواجهها روسيا بخيار يتراوح بين الدخول في مسار التسوية المطروح ، والقبول بحصة في السلطة، أو الانتحار العسكري.فقد تمكنت روسيا من فك الارتباط بين المعارضة المعتلة و التنظيمات الإرهابية،وتمكنت من خلال ذلك من حصر العملية التفاوضية بين المعارضة، التي قبلت بالشروط الروسية، و الدولة الوطنية السورية، وهو ما يقلل من وزن المعارضة، ومن ثقلها العسكري و السياسي أمام النظام، وقد يدفعها لتقديم تنازلات مؤثرة.فالتسوية الحقيقية الصالحة للبقاء لها شروط، أولها أن تجسد موازين القوى على الأرض ، مما يعني بدوره أن تكون تلك الموازين دافعة نحو اقتناع السلطة و المعارضة بضرورة التسوية،أو على الأقل بعدم ممانعتها. و الشرط الثاني، ألا تتعارض التسوية مع أهداف ومصالح الدول القادرة على منعها، أو إفشالها، ليس فقط آنيًا، و إنما أيضًا مستقبلاً، ولو إلى مدى زمني محدد.وهكذا المادة قمة سوتشي و مستقبل التسوية في سوريا توفيق المديني
هذا هو كل المقالات قمة سوتشي و مستقبل التسوية في سوريا توفيق المديني هذه المرة، ونأمل أن توفر فوائد لكم جميعا. حسنا، أراك في وظيفة أخرى المقال.
كنت تقرأ الآن المقال قمة سوتشي و مستقبل التسوية في سوريا توفيق المديني عنوان الرابط https://notscrets.blogspot.com/2017/11/blog-post_5503.html
0 Response to "قمة سوتشي و مستقبل التسوية في سوريا توفيق المديني"
إرسال تعليق