عنوان: أزمة الدولة الريعية الجزائرية توفيق المديني
حلقة الوصل : أزمة الدولة الريعية الجزائرية توفيق المديني
أزمة الدولة الريعية الجزائرية توفيق المديني
ففي الدولة الريعية الجزائرية برز عدم تناظر سياسي بين الدولة والشعب. فالدولة تراكم الثروات ولا توفر فرص عمل. وليس خلق الثروات شاغل الدولة الجزائرية . فهذه تخشى انحسار احتكارها توزيع الريع. وهي تستسيغ التعامل مع العاطلين من العمل أو العاملين في مهن لا تؤمن كفاف العيش. فإرضاء هؤلاء من طريق توفير مساكن لهم أو منحهم إعانات غذائية يسير. وتحول الدولة الريعية الجزائرية دون بروز طبقة اجتماعية رأسمالية تنتج الثروات، وتحوز، تالياً، هامش استقلال عن الدولة، وتباشر مساءلة السلطة. والعائدات النفطية الضخمة التي حصلت عليها الجزائر تسهم في تثبيت الدولة الريعية الفاسدة ، لأن نصف الأموال والمخصصة للتنمية كانت تنتهي في الحسابات الخاصة لبعض القادة السياسيين و العسكريين والأمنيين المتنفذين داخل الطبقة السياسية الحاكمة ،في المصارف الخاصة في دول أوروبية .
وجدير بالذكر أن من السمات البارزة للاقتصاد الجزائري التي تستحق اهتمامًا خاصًا في ما يتعلق بالفساد ،الاعتماد بصورة رئيسة على الدخل الريعي الذي قوامه الإيرادات النفطية ، والفوائض المالية في مؤسسات القطاع العام، وأخيرًا الريع المستمد من تشوهات السياسات الاقتصادية كاحتكارات الدولة وبعض أشكال الحماية التي تدر منافع استنائية لخزينة الدولة أو لمؤسسات القطاع العام.ومن خصائص الإيرادات الريعية أنها تنتج عن امتلاك الدولة لمورد أو ثروة استثنائية بحكم السيادة وأنها تؤول لخزينة الدولة تلقائيًا ومن دون الاعتماد على رضا أو تعاون أي طرف آخر في المجتمع، كماهو الحال مثلاً في الإيرادات الضريبية...
ومن طبيعة الدخل الريعي أنه يؤول لخزينة الدولة مباشرة من دون أن يمر بقنوات قد تعرّضه للمحاسبة و المساءلة، فمعظمه نتاج لاتفاقيات تعقدها الدولة عن طريق شركة سوناتراك مع جهات خارجية(النفط و الغاز ) بعيدًا عن الشفافية و المراجعة من الكيانات السياسية النيابية.وفي ظل الدولة التسلطية الجزائرية ،تصبح ملكية العوائد الريعية والتصرف فيها مصدرًا حاسمًا لتعزيز قوة النظام و تمكينه من تخصيص الموارد الضخمة لحماية نفسه وإدامة حكمه.
فقد لخص الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في خطاب طويل توجه به إلى مواطنيه في 27نيسان/ أبريل 1999، قضية الفساد في الجزائر بقوله:«إن الجزائر دولة مريضة بالفساد».وحسب قوله«دولة مريضة في إدارتها، مريضة بممارسات المحاباة، ومريضة بالمحسوبية و التعسف بالنفوذ والسلطة، وعدم جدوى الطعون والتظلمات، مريضة بالامتيازات التي لا رقيب عليها ولا حسيب، مريضة بتبذير الموارد العامة بنهبها بلا ناهٍ و لا رادعٍ».
رغم هذا التوصيف الدقيق لواقع الفساد المستشري في الدولة والمجتمع الجزائريين ، فإنّه مع ذلك، شابت الولايات الأربع لحكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ظاهرة الفساد التي طغت على الحياة العامة في الجزائر،وزاد من انتشارها ارتفاع أسعار النفط ومعها فاتورة الواردات ،يكشف على ذلك، التقارير التي كتبت عن شركة سوناطراك، باعتبارها المحور الرئيس لقضايا الفساد المحلية و الدولية، حيث عجز القضاء الجزائري عن تحقيق أية نتائج رغم قضايا الفساد الكثيرة. ويحقق القضاء في قضايا فساد تتعلق خاصة بشركة النفط العمومية سوناطراك، التي سجلت مداخيل تصل الى 700 مليار دولار منذ وصول بوتفليقة إلى الحكم عام 1999. وفي الملف أسماء لمسؤولين سياسيين يعدون من المقربين للرئيس.
ورغم توافر السيولة المالية بكثرة في الجزائرخلال الفترة الماضية إذ بلغ الاحتياطي من العملة الصعبة 194مليار دولار في نهاية 2013،ثم تراجع إلى 179مليار دولار في نهاية 2014، ووصل إلى 144مليار دولارفي نهاية 2015،و إلى 113مليار دولار في نهاية 2016 ، وإلى 105 مليارات دولار في يوليو/ تموز 2017، فإنّ الازدهار الاقتصادي لم يجاريها، ولم تتحقق التنمية المستدامة .ذلك أن الجزائر تعاني من حزمة أزمات مستعصية: أولها ، البطالة التي اصبحت الهم الأول للحكومة،ولا تزال تضرب بقوة الشباب الذين هم في سن أقل من 25 سنة.فهناك شاب من أصل إثنين عاطل عن العمل. وثانيها : أزمة سكن، وشحة المياه،و بنية تحتية مهملة أو غير موجودة،وانعدام وسائط النقل...وثالثها، تعاني الجزائر خلال السنة الماضية من عجز في ميزانها التجاري بلغ 20مليار دولار، ومن عجز في ميزان دفوعاتها بلغ 26ملياردولار، ومن تضخم بلغ 8في المئة، وتراجع في مسألة التوظيف، وتدني في الرواتب والأجور .إن هذه المشكلات المزمنة التي تُسَمِّمُ حياة الجزائريين ، و تجعلهم ينزلون إلى الشوارع للتعبير عن سخطهم ، لم يتم إيجاد حلول لها .
ومنذ ثلاث سنوات تعيش الجزائر أزمة اقتصادية خانقة، بسبب تراجع عائدات النفط والغاز،حيث تقول السلطات الجزائرية إن البلاد فقدت أكثر من نصف مداخيلها من النقد الأجنبي التي هوت نزولاً من 60 مليار دولار في 2014، إلى 27.5 مليار دولار نهاية 2016، وفق بيانات رسمية. ما يعني فقدان حوالى 32.5 مليار دولار خلال سنتين فقط.
وفق الوثيقة المتضمنة برنامج عمل الحكومة الجزائرية الجديدة التي تسجل «صعوبات حقيقية» على مستوى الميزانية الحالية للدولة.
وفق الوثيقة المتضمنة برنامج عمل الحكومة الجزائرية الجديدة التي تسجل «صعوبات حقيقية» على مستوى الميزانية الحالية للدولة.
فقدوضعت الحكومة الجزائرية الحالية في مشروع قانون الموازنة العامة لسنة 2018، الذي صادق عليه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مؤخرًا، مخصصات مالية بقيمة (15 مليار دولار) للتحويلات الاجتماعية والدعم المقدم للأسر والعائلات، تجنبًا لانفجار الوضع الشعبي في البلادخلال السنة المقبلة 2018،وهي السنة الأخيرة من العهدة الرئاسية الرابعة للرئيس بوتفليقة.
إنه الإلتزام الذي أخذه على عاتقه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عقب نهاية ولايته الرئاسية الرابعة.
إنه الإلتزام الذي أخذه على عاتقه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عقب نهاية ولايته الرئاسية الرابعة.
الأزمة الاقتصادية الراهنة مرآة كاشفة عن أفول الدولة الريعية الجزائرية ، بعد أن اتضحت العلاقةالطردية بين الارتفاع النسبي للعائدات الريعية في الجزائر من ناحية، وتدني مستوى الأداء الاقتصادي من ناحية أخرى . أضف إلى ذلك، أن الآليات التي تحكم هذه العلاقة يمكن استشفافها من العوامل التالية:إذ إن تضخم الجهاز الحكومي البيروقراطي الجزائري ،وهيمنة أجهزة الدولة البيروقراطية على النشاط الاقتصادي نابعان من توافر الموارد الريعية ومن حرص أجهزة الدولة على حماية النظام و الإبقاء عليه، الأمر الذي يرتبط، ، بضعف الإطار المؤسسي لممارسة العمل الديمقراطي و غياب الشفافية و المساءلة.
ويؤدي هذا الوضع بطبيعة الحال إلى انتشار الفساد وتشويه السياسات والقرارات الاقتصادية،ومن نافل القول، في مثل هذه الوضعية أن يتزامل الفساد مع طبيعة الاقتصاد الريعي ، بوصفه اقتصادًا غير منتج، والدولة الجزائرية الريعية لا تدعو مواطنيها إلى العمل، ولا تحفز العمل وسوقه، وليست معنية ببناء اقتصاد وطني منتج و مستقل ، عكس مماهو حاصل في بلدان جنوب شرق آسيا .
وهكذا المادة أزمة الدولة الريعية الجزائرية توفيق المديني
هذا هو كل المقالات أزمة الدولة الريعية الجزائرية توفيق المديني هذه المرة، ونأمل أن توفر فوائد لكم جميعا. حسنا، أراك في وظيفة أخرى المقال.
كنت تقرأ الآن المقال أزمة الدولة الريعية الجزائرية توفيق المديني عنوان الرابط https://notscrets.blogspot.com/2017/11/blog-post_48.html
0 Response to "أزمة الدولة الريعية الجزائرية توفيق المديني"
إرسال تعليق