عنوان: سلقطة المهدية..كنوز تاريخية مهدورة... آثار تطمس ومعالم تنتهك في غياب الرقابة والردع
حلقة الوصل : سلقطة المهدية..كنوز تاريخية مهدورة... آثار تطمس ومعالم تنتهك في غياب الرقابة والردع
سلقطة المهدية..كنوز تاريخية مهدورة... آثار تطمس ومعالم تنتهك في غياب الرقابة والردع
.
"قبل ثورة 14 جانفي 2011 وإلى حد الآن تنتهك آثار وكنوز مدينة سلقطة دون رقيب أو حسيب فبين النهب والتدمير والبناء العشوائي تهرأت بصمات حضارات تعاقبت على المنطقة..بل ذهب البعض إلى طلاء سور سلقطة الذي تحدث عنه المؤرخ اليوناني "بروكوب" إبان حصار القائد البيزنطي "بليزير" للمدينة سنة 573"، ذاك واقع الحال اليوم، وفق توصيف الحبيب الدهماني، أستاذ العربية والحاصل على شهادة في علم الآثار سنة1982 .
المنطقة المتاخمة لمصنع الغاروم (مصنع الأسماك) والحمامات الرومانية، والتي غمر البحر الكثير منها، لا تزال عرضة للانتهاك، رغم تحرك المجتمع المدني بسلقطة".
ويعاين زائر المنطقة بوضوح تواصل البناء في مناطق أثرية بسلقطة أو بالقرب منها وإزالة النقوش على بعض القبور الرومانية ونبش بعضها بحثا عن الكنوز في غياب للردع والعقاب، وفق ما ينص عليه القانون ومجلة حماية المناطق الأثرية (القانون عدد 35 لسنة 1986 المؤرخ في 9 ماي 1986 والمتعلق بحماية الآثار والمعالم التاريخية والمواقع الطبيعية و العمرانية).
وتنص الفقرات (د، ه، و) من الفصل 12 من القانون المذكور على عدم استعمال جدران الأبنية الاثرية والمعالم التاريخية لحمل أجهزة الكهرباء أو الهاتف وغير ذلك من الأجهزة التي تشوه مظهر تلك الأبنية الاثرية والمعالم التاريخية وتتسبب في تصدع بنيانها، وعند الضرورة يجب ردم هذه الأجهزة في التراب حسب الكيفية التي تحددها السلط المعنية بالاثار.
كما تفرض التشريعات عدم إقامة أية بناية سطحية أو علوية داخلها إلا إذا كانت منسجمة مع الاثار القائمة من حيث طراز الأبنية وألوانها وارتفاعها ومواد بنائها وملاءمتها مع المحيط، وعدم فتح نوافذ أو شرفات عليها.
ولدى اتصالنا بالمتساكنين، بينوا أنهم شيدوا منازلهم وربطوها بشبكة الماء والكهرباء "بعد الحصول على رخص بناء قانونية قبل الثورة بسنوات ولم يخرقوا القانون، وأن منازلهم مدرجة ضمن مثال التهيئة الترابية، لذلك ربطوا السور الأثري ببيوتهم.
وأنكر المتساكنون أن يكونوا قد أتوا هذا الفعل بتعمد أوأن يكونوا قد توصلوا بتنابيه من بلدية قصور الساف بعد ثورة 14 جانفي 2011 تدعوهم إلى عدم المساس بهذا المعلم الأثري.
"البلدية لم نلحظ أي اعتداء على المواقع الأثرية في سلقطة؟ ؟"
قال رئيس النيابة الخصوصية بقصور الساف (البلدية التي تتبعها سلقطة)، حسن البريني، إن "الجهود كثيفة لايقاف كل المتجاوزين ومعاقبتهم لانتهاكهم هذه المعالم الإنسانية، مشيرا إلى أن السنوات التي تلت الثورة كانت كارثية بالنسبة للمعالم الأثرية".
لكن وفي نفس الوقت، نفى البريني أن يكون قد توصل من أعوان البلدية، المختصين في رصد هذا النوع من التجاوزات، بملاحظات تفيد بوجود تجاوز وانتهاك لحرمة المواقع الأثرية في سلقطة.
وتبعا لمراسلتنا البلدية بتاريخ 28 أفريل 2017 أكد لنا الكاتب العام للنيابة الخصوصية بالجهة، نبيل معاوي، أن أغلب البناءات الموجودة داخل سور سلقطة تعود إلى عشرات السنين، وتدخل ضمن مثال التهيئة الترابية، نافيا وجود بنايات جديدة.
ورجح معاوي إمكانية "تعمد البعض القيام بأعمال صيانة وتعهد لمنازلهم وربط الجدران الخارجية بالسور الأثري" مشددا على أن الشرطة البلدية "لم ترفع أي محضر معاينة لتجاوزات في المنطقة المذكورة لعدم وجود مثل هذه التجاوزات خاصة وأن أصحاب هذه المنازل يمتلكون رخصا للبناء".
وأقر بأن البناء بمحاذاة السور يعد مخالفا للقانون "خاصة وأن المكان مصنف منطقة حمراء يمنع بها البناء"، مؤكدا في الآن ذاته على أنه "لا يمكن اتخاذ أي إجراء ضدهم لأن منازلهم قد شيدت منذ سنوات وكان على البلدية، في ذلك الزمن، عدم إسناد رخص بناء لأصحابها".
95 بالمائة من رخص البناء المسندة مخالفة للقانون
وخلال احتجاجات نفذها المهندسون المعماريون في ولاية المهدية بتاريخ 14 فيفري 2017، شدد المهندس، نبيل عمر، على أن "الجهة تشهد حالة فوضى عمرانية، ناهيك أن 80 بالمائة من مشاريع البناء المشيدة بالمهدية لم يقم بها مهندسون.
وأكد المتحدث أن 95 بالمائة من رخص البناء المسندة بولاية المهدية "مخالفة للقوانين والتراتيب الجاري بها العمل لذلك انتشرت البناءات العشوائية والمخالفة"، مطالبا بإصلاح منظومة إسناد رخص البناء.
الوثائق المطلوبة لإسناد رخص البناء
تتمثل الوثائق المطلوبة للحصول على رخصة بناء منزل أو مصنع أوغيرها في مطلب على ورق عادي باسم رئيس البلدية مع شهادة ملكية لا يتعدى أجل استخراجها الثلاثة أشهر أو حكم استحقاقي أو وثيقة أخرى تثبت تملك صاحب المطلب للعقار موضوع الترخيص.
وينضاف إلى تلك الوثائق وصل إيداع التصريح بالضريبة على الدخل أو الضريبة على الشركات وشهادة إبراء في خلاص المعاليم البلدية الموظفة على العقار موضوع الطلب ومثال رفع مساري يحدد مناسيب الأرض ومقطع ارتفاقي في حال البناء بأرض منحدرة معد من طرف مهندس مساح معترف به، وغيرها من الوثائق العادية (انظر في الموقع الآتي: http://ift.tt/2gOtGmd )
ويتطلب مطلب ترخيص البناء وجوبا موافقة الوزير المكلّف بالتراث (المعهد الوطني للتراث) إذا كان العقار مرتبا أو مصانا أو في حدود مائتي (200) متر حول المواقع الطبيعية أو المواقع الثقافية والمواقع الأثرية أو المناطق المصانة أو المعالم التاريخية، والموافقة المبدئية من الوزير المكلف بالتجهيز والإسكان إذا كان العقار المعني بالطّلب يشغله سكان على وجه الكراء يتمتّعون بحق البقاء.
العقوبات المسلطة على منتهكي الآثار
وأبرز رياض بالحاج سعيد، مهندس بتفقدية التراث بالمهدية، من جهته أن الفترة التي تلت الثورة التونسية شهدت "انفلاتات عديدة طالت الآثار الوطنية" مشيرا إلى أن البناءات المخالفة يتوجب هدمها وفق القانون عدد 35 لسنة 1986 مؤرخ في 9 ماي 1986 والمتعلق بحماية الآثار والمعالم التاريخية والمواقع الطبيعية و العمرانية.
وأشار إلى أن المعهد الوطني للتر اث "لا يمكنه التحرك إلا بعد تقدم البلدية المشرفة على المنطقة بإشعار يفيد بوجود مخالفات وطلبها اتخاذ الإجراءات اللازمة".
وتابع بالحاج سعيد قوله "المتجاوز، وفي حال تسبب بضرر لمعلم أثري، فإنه من الضروري رفع قضية في شأنه، وقد تسلط عليه عقوبات مالية، وحتى عقاب بالسجن إذا ما ثبتت سرقة وبيع الآثار".
ولاحظ المتحدث أن كل بلدية (نيابة خصوصية) لديها مثال للتهيئة الترابية يصنف كل المواقع من الملك العمومي إلى الخاص وكذلك المواقع الأثرية و"لها أن تعاقب كل مخالف ثبت تجاوزه للقانون في هذا الشأن".
ثغرات قانونية تقف وراء التجاوزات
يعتبر أستاذ الآثار رياض مرابط أن "ما يجري في سلقطة جريمة بكل المقاييس وذلك من الناحيتين العلمية والأخلاقية" ولكن من الناحية القانونية والترتيبية "يعد الأمر غير مخالف للقانون" خاصة وأن إسناد رخص البناء في تلك المواقع الأثرية "لا يتم إلا بعد أخذ موافقة المعهد الوطني للتراث".
ويذهب مرابط إلى اعتبار أصحاب المنازل المشيدة بتلك المواقع غير مخالفين لأنهم حصلوا على تراخيص لكن "الإشكال الأكبر يكمن في القوانين التي تحمي هذه الأماكن وتصونها".
ويفسر المتحدث أن المسؤولين عن التراث والآثار يعتمدون مبدأ "يجيز التضحية بأحد المعالم، إذا وجد من نوعه عدد كبير، وذلك خدمة للمصلحة العامة" خاصة وأن الموقع غير مرتب في السجل الوطني للتراث لذلك، ولا تنطبق عليه بالتالي أحكام مجلة التراث.
وينطبق الأمر، وفق أستاذ الآثار، على مشروع توسعة كرنيش سلقطة الذي يعارضه الأهالي خاصة بعدما تسبب تنفيذ هذا المشروع في تدمير أحد المقابر الرومانية، وقد كان غياب نصوص قانونية ذات العلاقة المبرر لاستعادة نشاط الشركة المكلفة بالمشروع مجددا.
وبحسب رأي مرابط، فإن المعالم الأثرية التونسية المصنفة لا يتخطى 1 بالمائة من جملة المعالم وهو ما يعطي "للمتجاوزين فرصة لانتهاكها وهدمها والتنقيب فيها وغيرها من الأفعال المضرة بتاريخنا وحضارتنا".
ويحصر المتحدث المسوغ الذي يقف وراء عدم إقدام وزارة الثقافة، سابقا وراهنا، على تسجيل المئات من المواقع الأثرية في السجل الوطني "في تفادي الانفاق عليها لنقص الموارد المالية" فهذا التسجيل سيضع على عاتق الوزارة الزامية انفاق الأموال لحماية وتهيئة وصيانة المواقع الأثرية.
ويعود مرابط ليؤكد على الثغرات القانونية الهائلة التي شجعت العديد من العصابات على محو آثار لا يمكن تقييمها بأموال، إضافة إلى نهب الكنوز وطمس الآثار التي تعد ثروة وطنية لا يمكن تعويضها بأي حال من الأحوال.
كنوز سلقطة
صنفت المناطق الأثرية في سلقطة منذ يوم 13 مارس 1912، وهي مدينة رومانية "سلكتوم" تعود في الأصل إلى سلسلة الموانئ التي أعدها الفينيقيون لترويج تجارتهم، وازدهرت في العهد الروماني إبان الحروب البونيقية لأنها لم تبد تأييدا لا لروما ولا لقرطاج فكانت مستقلة بذاتها مما زاد في تطورها.
تشتمل المدينة على عدد من المعالم الأثرية أهمها حمامات سلقطة ومصنع القاروم (مصنع السمك) وهما معلمان متشابهان يفصل بينهما جدار. ومن المؤكد أن الحمامات أكبر مما تبدو عليه اليوم إذ كشفت أشغال توسعة الطريق الشاطئية (المتواصلة إلى حد اليوم) أحواضا جديدة.
وتضم سلقطة، أيضا، مقبرتان، الأولى بونية زالت زينة قبورها وطالها النبش طمعا في العثور على الكنوز، أما المقبرة الثانية فهي مسيحية ويطلق عليها "غار الضبع" حيث كان المسيحيون يدفنون موتاهم في دواميس.وقد نسجت حول هذا الغار روايات، ومنها أنه يربط سلقطة بالجم "تسدريس".
واعتبارا لأهمية هذه الكنوز، التي يجب أن تصان، أطلق ناشطو المجتمع المدني بسلقطة من معتمدية قصور الساف، بداية شهر ديسمبر 2016، صيحة فزع واستنكار لإقدام شركة خاصة، أوكلت لها الوكالة الوطنية لحماية الشريط الساحلي مشروع تهيئة كرنيش سلقطة بطول 400 متر وعرض 20 مترا، على التعدي على آثار موجودة بالمنطقة.
ووجهوا للشركة تهمة "التعدي على آثار المنطقة تحت غطاء حكومي، إذ تستر وزير الشؤون الثقافية والمدير العام للمعهد الوطني للتراث، والسلط المحلية بالمهدية على هذا التخريب"، وفق تعبيرهم.
كما اعتبروا أن الشركة اعتدت، في عملية توسعة الطريق الشاطئي، على الموقع الأثري المقابل للحمامات الرومانية بسلقطة وسببت الاشغال التي قامت بها تحطيم الٱثار المتمثلة في بقايا أبنية تاريخية كائنة على شاطئ البحر ومغمورة في جزء منها بالمياه، وهو ما يعد "كارثة وطنية".
ورغم هذا الغضب الذي عم متساكني سلقطة وناشطي المجتمع المدني بها وتوجيههم عريضة للسلط الجهوية، إلا أنه تم الاكتفاء بإيقاف العمل على المشروع لفترة وجيزة لتعود الآليات للحفر والعمال للبناء تحت عنوان المصلحة العامة.
وهكذا المادة سلقطة المهدية..كنوز تاريخية مهدورة... آثار تطمس ومعالم تنتهك في غياب الرقابة والردع
هذا هو كل المقالات سلقطة المهدية..كنوز تاريخية مهدورة... آثار تطمس ومعالم تنتهك في غياب الرقابة والردع هذه المرة، ونأمل أن توفر فوائد لكم جميعا. حسنا، أراك في وظيفة أخرى المقال.
كنت تقرأ الآن المقال سلقطة المهدية..كنوز تاريخية مهدورة... آثار تطمس ومعالم تنتهك في غياب الرقابة والردع عنوان الرابط https://notscrets.blogspot.com/2017/10/blog-post_8373.html
0 Response to "سلقطة المهدية..كنوز تاريخية مهدورة... آثار تطمس ومعالم تنتهك في غياب الرقابة والردع"
إرسال تعليق