عنوان: الاسلاميون، العقبة والرقبة.بقلم د منصر الهذيلي
حلقة الوصل : الاسلاميون، العقبة والرقبة.بقلم د منصر الهذيلي
الاسلاميون، العقبة والرقبة.بقلم د منصر الهذيلي
كلّ النماذج الإجتماعية التي تلقاها بمقهى أو ملعب أو بمنشط يجتمع بسببه النّاس، كلّ هذه النماذج صرت اليوم وبعد السنوات الأخيرة تراها بين الإسلاميين. في الماضي كان هذا العنوان ملتفّا متبرقعا بالسرّية وكانت قياداته تبدو عالية الرمزية لندرة ظهورها وعسر التواصل معها. الواقع الآن واقع اكتشاف وانكشاف في آن. واقع يسقط الإسلاميين من أعلى القمم.
ماذا أقصد بالإسلاميين؟ أقصد هذا التيار المنبثق عن الإخوان المسلمين والذي طبع جانبا مهما من واقع العرب السياسي وحضر إلى أزماته الخانقة وانخرط في ملفات إقليمية وازنة. وعندما نشير إلى هذا التيّار فما القصد؟ هنا مشكل فتربية الجماعة والشحن منذ الطفولة يجعلان الإسلامي يدافع بغريزة وتشنّج عن تيّار يراه واهما إمتدادا لعقيدة وشرط إيمان. وليست مبالغة قول الواحد في جمهور واسع من الإسلاميين أنّه قطيع يحرّكه هشّ بالعصا. هناك هاشون وهناك "مهشوشون". طبعا هذا جارح ولكنه واقع ومعاين لا ينفع معه تمويه ولا تنفع تورية. جارح ومؤلم فهناك من مشى في هذا الطريق أربعين سنة وأكثر ونظّم قراراته وعلاقاته على أساسه. إذا قلت له أنّ طريقك خطأ زلزلته ودمّرته! مشكلة هذا التيار في رؤيته الضعيفة والتي تستمدّ كلّ قوتها من دعاية تحرص دوما على وصل إجتهادات وسياسات التنظيميين بالعقيدة وبمجد مسلمين مضوا. لا قوّة من فكر ولا من تحيين وعي ولا من جرأة مراجعة ولا من توسعة زاوية نظر. حتى عندما يعرف هذا التيار أزمات ضخمة ومربكة لا تتوفّر مقومات تجديد بناء وتغيير قيادة وابداع أساليب. نفس الوجوه التي حضرت منذ خمسين سنة تواصل الحضور والتأثير. هذا من النوم فكيف يكون وعد بصحوة وتبشير بنهضة؟
بين السنوات السبعين والتسعين حشد الإسلاميون بشكل ضخم مستغلين بعض المفترقات التاريخية. كان ذلك بعد نكسة 67 وبعد الثورة الإيرانية وخلال الحرب في افغانستان وأخيرا بمنعطف الربيع العربي. كانت حساباتهم في كلّ مرّة غير دقيقة. لم تنجح مشاريعهم في الثورة ولا في انجاز الانقلابات ولا حتى في المشاركة في السلطة. لذلك ضمروا سياسيا وإن اتّسع وزاد جمهورهم. بقي لهم التحرّك وظيفيا وتسويق الدّور. في تونس، حشدوا بداية بلعن بورقيبة وهم الآن يقدّمون الخدمة لمن هم دونه بكثير. سوّقوا سنتين للتحوّل المبارك وبعدها اصطدموا برجل التغيير. وزعوا خلال الثمانينات أدبيات الإيرانيين والشيعة الجاذبة للمحتجّين وتحولوا بقدرة قادر إلى مؤلبين على الإيرانيين. هل نقول أنّ هذا من حيوية السياسة ومن فنّ الممكن؟ لا. أنا أقول أن هذا من عبث مراهقين ومن غياب الرؤية.
وأوسع من ذلك وفي مستوى الأمّة نفس النزوع إلى عرض الخدمة وبيع الدور: قطر تحتاج خدمة؟ يقدمها الإسلاميون. عثمانية تعود؟ يهرع لها الإسلاميون. تغير أمريكا تكتيكاتها؟ يعرض الإسلاميون الخدمات طمعا أحمقا. يقدرون مصلحتهم في التقرب من إيران؟ يتقربون. يقدرون أنّ المصلحة في الإصطدام بالإيرانيين؟ يصطدمون. وفي كلّ مرة يصورون للسذج أنّها الفهلوة والعبقرية والحكمة ويجدون إمّعة يصدّقون. هناك من عوّل على الإسلاميين وهو من خارج دائرتهم. أمّا الآن فهناك من لا يعوّل وهو الذي حُسب زمنا طويلا من الإسلاميين وهذا تطوّر دالّ.
الواقع الذي قفز عليه الإسلاميون على الدوام وانكروه مرتبط بسياقنا الثقافي. ما لم ننجح في إصلاح ديني جذري فلا أمل في العنوان الإسلامي. لا أمل فيه حزبا ولا أمل فيه فكرا ولا أمل فيه مشروعا للمحتمع ورؤية صانعة وعي. انظروا إخوان مصر: لمدة عشرين سنة على الاقلّ تحرّكوا للاقتراب من يسار وليبراليين. ساعة الإمتحان والاحساس بقرب التمكين حالفوا إخوتهم السلفيين. ولم يدمّر إخوان مصر أحد كما فعل السلفيون. ما هذا؟ هذا عبث فاتح على عدم مشهود. لقد كانت الأولوية منذ خروج الإستعمار للمسألة الثقافية التي هي رافعة كلّ مشروع. وعندما يتعلّق الأمر بمجتمعات مسلمة فالأولوية للاصلاح الديني. هم إختزلوا المسالة الثقافية في دعوة للاسلام بمنهج وهابي ورفعوا شعارا أجوفا: اسلمة الثقافة. عندم يكون مبلغ العلم هكذا فلا أمل. الجماعة وقفت عند عقبة معاوية تترضى عنه ولا تتعب فكيف لها أن تفكّ الرقبة وتعتق الخلق. في سوريا عجز الإسلاميون عن كل العقبات مجتمعة وقطعوا كلّ رقبة.
مع احترامي لكثير من الأصدقاء الإسلاميين فإن الأمانة في مصارحتهم: ما حلمتم به مشروعا انتهى ولا تغرنكم دعاية من قبل بتحويل المشروع أصلا تجاريا بين خاص وعائلي. الأصل التجاري يباع ويشترى. لا علاقة له بإسلام أو نهوض أمّة أو حرية إنسان. وما أدراك ما العقبة!
وهكذا المادة الاسلاميون، العقبة والرقبة.بقلم د منصر الهذيلي
هذا هو كل المقالات الاسلاميون، العقبة والرقبة.بقلم د منصر الهذيلي هذه المرة، ونأمل أن توفر فوائد لكم جميعا. حسنا، أراك في وظيفة أخرى المقال.
كنت تقرأ الآن المقال الاسلاميون، العقبة والرقبة.بقلم د منصر الهذيلي عنوان الرابط https://notscrets.blogspot.com/2017/10/blog-post_8105.html
0 Response to "الاسلاميون، العقبة والرقبة.بقلم د منصر الهذيلي"
إرسال تعليق