عنوان: مصر بين «المشير» والحاكم بأمر الله؟! محمد عبد الحكم دياب
حلقة الوصل : مصر بين «المشير» والحاكم بأمر الله؟! محمد عبد الحكم دياب
مصر بين «المشير» والحاكم بأمر الله؟! محمد عبد الحكم دياب
الصورة الأولى عبارة عن حراك واسع ولقاءات بين شخصيات عامة وأحزاب؛ من الوسط واليسار؛ تتطلع إلى حكم «وطني مدني»؛ ينأى بنفسه عن شبهات الطائفية والمذهبية والانعزالية، وبعيدا عن جماعات «الإسلام السياسي»، وعن «الليبراليين الجدد» وعن النظام القديم؛ الذي امتد حكمه من أنور السادات، واستمر مع حكم مبارك وابنه، وعاد مع حكم «المشير السيسي».
ومن يذهب إلى مصر هذه الأيام يلمس ذلك مباشرة، من خلال نقاشات وحوارات ومشاركات في جلسات لأحزاب وشخصيات مستقلة ومتنوعة؛ تضم أجيالا مخضرمة وشابة؛ تدعو إلى حكم رشيد؛ يُخرج مصر من مأزقها الراهن، ويفتح أمامها طريق الديمقراطية والتقدم والمساواة والعدل. ويرد الاعتبار لثورتي يناير ويونيو، ويُقرب بين الأجيال؛ حراك ذو آفق واسع ومرونة كبيرة في التعامل والاستيعاب؛ ويسعى لإخراج «وثيقة» مؤكدة على الثوابت الوطنية والقواسم المشتركة التي ارتضاها المُؤسِّسون، وتكون دليلا للعمل في فترة ما قبل انتخابات الرئاسة القادمة، ومن المتوقع أن ترى هذه «الوثيقة» النور خلال أيام، بعد أن أخذت حقها من المناقشة والتعديل والتنقيح والحذف والإضافة.
إنها صورة جامعة؛ تستهدف التفاعل والانفتاح على المجتمع فور إعلان «الوثيقة»، في مؤتمر صحافي يعقد خلال أيام. ولم يَخْلُ الأمر من اختلاف؛ أدى إلى إعلان «وثيقة» أخرى تَعرض رؤية وتوجهات عدد من الأحزاب، وفي نفس الوقت فهذا الحراك غطى على انطباع ساد باليأس من التغيير، والعجز عن الفعل، وتحول إلى حافز لتجاوز اليأس والعجز، ومن الدلالات اللافتة للنظر عودة شخصيات عامة معروفة باستقامتها وذات وزن إلى المشهد الوطني، ومن الممكن الإعلان عن أسمائها عقب انتهاء فترة الحظر الموضوعة من قِبَل المؤسسين، وإتاحة الوقت الكافي للتوقيع. وهذا كسر حاجز الصمت الذي خيم على البلاد في السنوات الثلاث الماضية، وما صاحبه من «شيطنة» النشاط العام ومصادرة الحريات. ورؤية «الوثيقة» المنتظرة استراتيجية بعيدة المدى، ومرشحة للاستمرار بعد انتخابات الرئاسة أيا كانت نتيجتها.
الصورة الثانية من السهل التعرف عليها من خلال التحريض المتصاعد والمستمر ضد ثورة يناير، و«شيطنة» العمل الوطني وكل النشاط المعارض، ورغم الصوت العالي والترويع الشديد للمحرضين، وهذا جعل الصورة باهتة، ومليئة بندوب «التأديب والانتقام والتضييق»، وبوصول قطار «الخصخصة» إلى مؤسسات الدولة وسلطاتها التشريعية.. والتنفيذية.. والقضائية؛ بجانب تأثير الأوامر المباشرة برفع الأسعار مع كل لحظة.
ويتداول رواد مواقع «التواصل الألكتروني» مقطعا لحوار مثير مع «المشير» قبيل انتخابات الرئاسة في 2014 قال فيه: «أنا لو حَكِّمُوني حخلي اللي بيتكلم في التليفون يدفع واللي بيسمعه يدفع» أي سيجعل من يتحدث في الهاتف يدفع، وهذا طبيعي، إلا أن الغريب هو أن من يرد على الهاتف سوف يدفع أيضا، وكأنه يعود بالناس إلى عصر «الحاكم بأمر الله»، الذي أسرف في اصدار مراسيم غريبة في التحريم والإباحة؛ حظر تبرج النساء، وحرَّم بعض الأطعمة وأباح بعضها الآخر، ومنع التضييق على اليهود والمسيحيين، وأمر بقتل الكلاب، وإعدام وزراء وكتاب ورؤساء عشائر وذوي نفوذ، وشجع الإلحاد، ثم عاد واهتم بالزهد وبالفلك ورَصْد النجوم ليلاً، واضطربت البلاد وجاع العباد؛ حسب ما ورد في أكثر من مصدر. واشتهر «الحاكم بأمر الله» بحظر أكل الملوخية والجرجير والقرع وأم الخلول والترمس، وأوقف صناعة أحذية النساء ومنع خروجهن ليلا!!.
واستمرار «المشير» في الجباية والحصول على كل قرش في جيب المواطن هو نوع من الشبق المذموم، ولو اطلع الناخبون على ما جاء في ذلك المقطع قبل انتخابات الرئاسة الماضية ما كان «المشير» قد فاز فيها. وكثير منا يذكر دعوته لـ«صندوق تحيا مصر»، وطلبه مئة مليار جنيه لحساب الصندوق؛ يتصرف فيهم بمفرده؛ يومها وجه حديثه للمتباطئين في الدفع «حتدفعوا.. يعني حتدفعوا»!!.. أي بالرضا أو بالقوة.. ومن يقبل هذه اللغة وممارسة هذه الأساليب، فلا يلوم أباطرة المال والتجار، الذين توحشوا وتجبروا.. ووصل بهم الأمر ترك السلع والمنتجات حتى تذبل وتفسد، وحين يسأل سائل لماذا تُترك هكذا ثم تلقونها في القمامة؟ أليس من الأسلم خفض السعر وتصريف هذه السلع والمنتجات؟، يأتي الرد بأن «التاجر الكبير» لا يسمح بذلك، وهل «التاجر الكبير» هو ذلك «اللهو الخفي»، الذي روع الثوار إبان ثورة يناير؟! وهناك إمكانية لخفض الأسعار بسبب الركود وإحجام الناس عن الشراء؛ إما لعدم القدرة أو تلبية لنداء المقاطعة.
وتوحش هذه الفئات ليس جديدا، وقد أوحى به «نديم» أنور السادات؛ المقاول عثمان أحمد عثمان.. مؤسس شركة «المقاولون العرب»، وكثيرا ما كرر على مسامعه مقولة «الدولة تاجر فاشل».. وكانت بداية إطلاق اليد لتصفية القطاع العام ونهبه، والاستيلاء على أراضي الدولة ومرافقها ومصانعها، وتحويلها إلى منتجعات وأبراج سكنية و«مستوطنات» لطبقة تخصصت في القضاء على الحرث والنسل، وفتحت بذلك باب الغواية أمام السادات لزيارة القدس المحتلة عام 1977، وما زالت تداعياتها مستمرة منذ أربعين عاما، وتدفع مصر والعرب ثمنها الباهظ حتى الآن.. وسبقها إعلان تبعية السياسة المصرية للولايات المتحدة وانتهى حالها بشراكة مع الدولة الصهيونية.. ورفعت الدولة يدها عن التنمية الشاملة، وتخلت عن التصنيع وإصلاح الأراضي والإنتاج، وأوقفت برنامج مضاعفة الدخل الوطني كل عشر سنوات.
و«المشير»؛ القابض والمهيمن على سلطات الدولة الثلاث، ومؤسساتها وأجهزتها الصحافية والإعلامية؛ خاصة وحكومية؛ وضع يده أخيرا على «جهاز الرقابة الإدارية»؛ بعد أن رهن اقتصاد مصر لـ«صندوق النقد الدولي»، وتمادى في استخدام «العصا» ضد الطبقة الوسطى ومحدودي الدخل والفقراء، ويقدم «الجزرة» لعناصر من اختياره؛ يُعَدون على الأصابع؛ كمظهر زائف للشفقة على مواطنين «فقرا قوي».. وغطاء خادع للجباية، وتبرير مصطنع لاستمرار «التأديب والانتقام والتضييق»، ومن يسير على هذا النهج لا يمكن الاعتماد عليه.. وهذه قناعة سائدة بين الغالبية العظمى من المواطنين، ويُستثنى منها شركاء الثروة والحكم، وقد حددهم الاقتصادي الراحل صلاح جودة باثنتين وعشرين أسرة؛ تتحكم وتتداول ثروة البلاد فيما بينها؛ وصرح بذلك قبيل وفاته بوقت قصير.. وقال في آخر تدويناته على الفيسبوك: «العاقل إذا أخطأ تأَسَّف، والأحمق إذا أخطأ تفلسف»!!..
وهكذا المادة مصر بين «المشير» والحاكم بأمر الله؟! محمد عبد الحكم دياب
هذا هو كل المقالات مصر بين «المشير» والحاكم بأمر الله؟! محمد عبد الحكم دياب هذه المرة، ونأمل أن توفر فوائد لكم جميعا. حسنا، أراك في وظيفة أخرى المقال.
كنت تقرأ الآن المقال مصر بين «المشير» والحاكم بأمر الله؟! محمد عبد الحكم دياب عنوان الرابط https://notscrets.blogspot.com/2017/10/blog-post_143.html
0 Response to "مصر بين «المشير» والحاكم بأمر الله؟! محمد عبد الحكم دياب"
إرسال تعليق