عنوان: البرلمان التونسي : لائحة إعادة العلاقات مع سوريا بقلم سالم الحد
حلقة الوصل : البرلمان التونسي : لائحة إعادة العلاقات مع سوريا بقلم سالم الحد
البرلمان التونسي : لائحة إعادة العلاقات مع سوريا بقلم سالم الحد
تساؤلات
من أهم المبادرات التي ظهرت في البرلمان وأثبتت فيها السلطة التشريعية وجودها هي لائحة إعادة العلاقات مع سوريا لإصلاح خطإ تاريخي ارتكبه الثلاثي الحاكم الذي استجاب لرغبة إمبريالية صهيونية رجعية لعزل سوريا وتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الكبير بقطع النظر عن نوعية النظام الذي كان يحكمها والذي لم يكن محل استهداف القوى المعادية للأمة. فماهي الكتل المقدمة للائحة؟ ما هي خلفيتها السياسية؟ لماذا فشلت؟
Iـــ الكتل المُقدّمة للائحة
على إثر هذه الزيارة التي أداها وفد برماني لسوريا تقدمت أربع كتل برلمانية من (10)هي :كتلة الحرة وكتلة الجبهة الشعبية وكتلة آفاق تونس وكتلة الاتحاد الوطني الحر ونواب النداء بفرنسا، طالبوا فيها بعودة العلاقات التي قطعت منذ فيفري سنة 2012 والتقوا بالسيد الباجي يوم 4 إفريل 2017 ووعدهم بإنجاز وعده يوم أن تستقر الأوضاع بسوريا. ومما ورد في اللائحة<< "بناء على ما تضمنته توطئة الدستور من تأكيد على حرص تونس على دعم الوحدة المغاربية باعتبارها خطوة نحو تحقيق الوحدة العربية ولأهمية التعاون بين مؤسسات البلدين في الحرب ضد الإرهاب والوقاية من مخاطره ، وبناء على أن تونس عضو بجامعة الدول العربية وعلى ما أعلنه رئيس الجمهورية أثناء الحملة الانتخابية الرئاسية من التزام بإعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا إصلاحًا لخطأ اقترفه الرئيس السابق محمد المنصف المرزوقي".>>
IIــــ التصويت : صفقة بين تحالف الضرورة
طرحت هذه القضية منذ أشهر ثم استيقظت في شهر جويلية 2017 وعرضت اللائحة على التصويت فلم تحز النصاب القانوني وهو 109 فنالت فقط ثقة 68 نائبا وصوت ضدها 6 واحتفظ 26 بأصواتهم ولم تصوّت على اللائحة لا النهضة ولا النداء. وفي نفس الوقت صادقت لجنة التشريع العام بالبرلمان على مشروع قانون المصالحة الاقتصادية الذي قدمه رئيس الجمهورية بعد أن عُدّل وصار مقتصرا على الإداريين دون رجال الأعمال.
هذه النتيجة أعطت انطباعا بأن هناك صفقة سياسية تمت بين طرفي الحكم فالنهضة المرتبطة بالخط الخليجي عموما لا يمكن أن تسمح بتخفيف الضغط على النظام السوري أما النداء فهو في حاجة لتمرير قانون المصالحة الذي رفضه الشعب والمنظمات والأحزاب بل حتى البرلمان .وقد لاحظت جريدة الشروق خطورة هذه الصفقة فكتبت << بدأنا نلمس هذه الخطورة على المستوى الواقعي فقانون المصالحة يثير جدلا ولم يكن قط محل اجماع شعبي ولا حزبي ولا برلماني بل إن مجلس شورى النهضة عارضه علنا بغض النظر عن قيمة التعديل الذي خضع إليه، ومع هذا مررته لجنة التشريع العام.بالمقابل لم تكن إعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا مطلب الجهات البرلمانية التي قدمت اللائحة فحسب بل كانت غاية الأغلبية الساحقة من التونسيين شعبا وأحزابا ولم تعارضه غير الأحزاب المتفرعة عن حزب المؤتمر بما أن زعيمه السابق منصف المرزوقي كان صاحب قرار قطع العلاقات ولا يزال يدافع عنه إلى اليوم>>
III ــــ مزايدات على التحالف الحاكم
وإذا كانت هناك صفقة بين النداء والنهضة وراء الأكمة فماذا وراء المطالبة بإعادة العلاقة مع سوريا؟ فهل كان هدفها دعم النظام السوري في مواجهة الإمبريالية الأمريكية والرجعية العربية ؟ أم هي فقط للمزايدة على النهضة بالدرجة الأولى والنداء بالدرجة الثانية ؟
1ـــ خلفية العرض
لا أحد من المتابعين مقتنع بأن الموقعين على اللائحة ــ باستثناء الجبهة الشعبية ــ يحمل هموم الأمة العربية فأهدافهم لا تتجاوز الدولة القُطرية بالإضافة إلى ذلك فإن حزب مشروع تونس شديد الارتباط بالقطب السعودي الإماراتي العدو الألد للقطب القطري التركي الراعي للنهضة ـــ وإلى حد ما لنداء تونس ـــ وكل منهما متورط في الارهاب ضد سوريا . وينسحب هذا القول على الحزب الوطني الحر وآفاق تونس فلا نجد أي أثر للمسألة القومية في أدبيات أي منهما ولا أعتقد أنهما قادران على مجابهة القوى الاستعمارية ولا وُكلائها في المنطقة ،لذا فاللائحة ليست إلا مزايدة على النهضة وعلى السيد الباجي المرتهن بدوره لهذه القوى فقد سبق له أن وقع على انتماء تونس للحلف الأطلسي كشريك متميز كما انخرط في التحالف السعودي. فخلفية هذه التشكيلات تكمن في أمرين أساسيين:
ــــ إحراج النهضة الملتزمة بالمنظومة الخليجية التابعة للإمبريالية العالمية
ـــ إحراج السيد الباجي الذي لا يستطيع بدوره الخروج عن الدائرة التي ترسمها هذه المنظومة الإقليمية والعالمية
2 ــ خلفية الرفض
سبق للنداء والنهضة ان شكلا لجنة تنسيقية عليا للنظر في المسائل الحافة، كان ذلك تحت ضغط محاربة الفساد التي مارسها يوسف الشاهد دون استشارة الحزبين المشكلين للحكومة. وكان التصويت على اللائحة فرصة أخرى لتوحيد موقفهما من هذه المسألة الشائكة وكانت النتيجة هي إسقاط اللائحة حيث رمت النهضة بالكرة خارج ملعبها، فادعت بأن العلاقات الخارجية هي من صلاحيات الرئيس، والهدف من اللائحة هو الضغط عليه ، وبهذا التبرير الشكلي تجاهلت ارتباطاتها المبدئية والمصلحية بدول الخليج كما تغيب نواب النداء رغم ما تعهد به بعضهم بدعم اللائحة.
ولم يرفض هذه اللائحة نواب النهضة والنداء فحسب بل كل مشتقات حزب المؤتمر الذي كان متحالفا مع النهضة وأعني بذلك حزب حراك تونس الإرادة ( المرزوقي) والتيار الديمقراطي ( محمد عبو) فقد اعتبر عماد الدايمي << “إسقاط لائحة التطبيع مع نظام بشار الدموي انتصارا لدماء شهداء سوريا الأبرار ولعذابات عشرات آلاف المسجونين وملايين المهجّرين الى مخيمات اللاجئين داخل سوريا وخارجها. وهو قبل ذلك انتصار لمبادئ الثورة التونسية >>
وكانت الحجة التي تسوق لها النهضة ومشتقات المؤتمر لتبرير عدم الاعتراف بالنظام السوري هي<< أنه لا يمكن الاعتراف بنظام بشار الأسد الذي يقتل شعبه >>. هذه الجملة تجترها كل القوى السياسية التي تلهث وراء الحلف الأطلسي ودول الخليج ولم يسائلوا أنفسهم : هل تمثل الكتائب المسلحة ــ التي تسللت من تركيا لأعماق سوريا بما في ذلك آلاف التونسيين ــ الشعب السوري ، هل فوّضها لتحريره من النظام ؟ هل هي جزء من نسجيه السياسي والاجتماعي ؟ من الذي مولها؟ من الذي سلحها؟ من الذي خطط لها لتدمير سوريا وإثارة النعرات الدينية والمذهبية والعرقية ؟ أليست بصدد التهاوي بفقدان الدعم المالي والعسكري الذي كانت تضخّه دول الخليج؟ لماذا كانت تهادن الحركة الصهيونية ؟ أليس ذلك مسايرة لدول الخليج التي طبعت معها سرأ وعلانية ؟ نعم إن النظام السوري مدان سياسيا وأخلاقيا شأنه في ذلك شأن النظام العراقي والنظام التونسي والنظام المصري والليبي وغيرهم لأنه لم يوفر الأرضية لبناء دولة مدنية ديمقراطية ، دولة المؤسسات التي تحتكم للقوانين ويتحول معها الشعب من الرعية إلى المواطنة.لكن هل يمكن أن نبرر بهذا القصور أو التقصير ، اجتياح هذه الكتائب للشعب السوري خدمة لمشروع الشرق الأوسط الكبير وتفتيت الدولة الوطنية.ثم لوتصورنا أن هذه العشرات من الكتائب ـــ المختلفة من حيث الولاءات والتوجهات ـــ انتصرت هل تستطيع أن تقيم دولة ولو دينية ؟ إنها متباينة حتى في أساليب مقاومة النظام، فكيف ستبني دولة وهي ترفض الاحتكام إلى صندوق الاقتراع؟ بأية طريقة ستحسم تناقضاتها ؟ ألم يكن خيارها الوحيد هو السلاح وهل يقيم السلاح وحده أركان دولة؟
خامسا ــ الاتحاد العام التونسي للشغل يمتّن الجسور
بعد فشل تمرير لائحة إعادة العلاقات مع سوريا ، مدّ الاتحاد العام التونسي للشغل جسور التواصل التي لم تنقطع منذ أجيال بين الشعبين وبين منظمات المجتمع المدني من الشغالين والطلبة ورجال الفكر والمسرح والسينما وهي القواعد الشعبية الصلبة التي تتواصل حتى ولو تعطلت بسبب الانحرافت السياسية. فكانت زيارة الوفد النقابي برئاسة الأخ بوعلي 31جويلية 2017 الفرصة الذهبية التي أكدت فيها المنظمة الشغيلة مجموعة من المسلمات :
1ـــ أن العلاقة بين الشعبين هي علاقة مصيرية لا تخضع للصفقات السياسية ولا للمزايدات أو المناقصات بين الأحزاب والزعامات لا مع الدول الاستعمارية النافذة ولا مع وكلائها في المنطقة وفي تونس
2ــ إن الدفاع عن الأمة العربية وقضاياها العادلة هو خيار الاتحاد التاريخي منذ التأسيس وليس موقفا عرضيا أملته ضغوطات سياسية محلية أو إقليمية أوعالمية فبوصلته تحددها مبادئ أساسية هي حرية الوطن والمواطن ـ العدالة بكل أبعادها الاجتماعية والسياسية،وانتماء تونسماضيا وحاضرا ومصيرا للأمة العربية بقطع النظر عن شكالات الظروف الحافة، حلوها ومرّها .
3ـــ إن المنظمة الشغيلة ـــ وهي القلب النابض للشعب التونسي ـــ تؤكد دعمها للشعب السوري ـــ الذي يواجه أشرس هجمة إمبريالية صهيونية رجعية ـــ ولقواه الفاعلة لمقاومة جحافل الإرهاب التي اجتاحت سوريا لتدميرها وتمزيق نسيجها الاجتماعي استنادا إلى أديانها ومذاهبها وأعراقها ــ مصدر ثرائها ـــ بتخطيط وتسليح من القوى الاستعمارية وتحشيد وتمويل من وكلائها في المنطقة لتحقيق مشروع الشرق الأوسط ووأد حلم الأمة العرية في الوحدة.
4ـــ إن الشعب السوري الذي وقف مع نضالات الأمة في كل مواقعها سيثمّن إيجابيا دور الشعب التونسي وقواها المناضلة بقطع النظر عن الحسابات الانتهازية لبعض الأحزاب التي مازالت مرتبطة باستراتيجيات استعمارية هدفها تحويل الوطن العربي إلى سوق استهلاكية ومصدرا لابتزاز ثرواته.
ذاك هو الوجه الحقيقي للشعب التونسي ولفاعلياته الاجتماعية والسياسية والفكرية دون مساحيق.
ادزرمدين / المنستير 2 أوت 2017
وهكذا المادة البرلمان التونسي : لائحة إعادة العلاقات مع سوريا بقلم سالم الحد
هذا هو كل المقالات البرلمان التونسي : لائحة إعادة العلاقات مع سوريا بقلم سالم الحد هذه المرة، ونأمل أن توفر فوائد لكم جميعا. حسنا، أراك في وظيفة أخرى المقال.
كنت تقرأ الآن المقال البرلمان التونسي : لائحة إعادة العلاقات مع سوريا بقلم سالم الحد عنوان الرابط https://notscrets.blogspot.com/2017/08/blog-post_280.html
0 Response to "البرلمان التونسي : لائحة إعادة العلاقات مع سوريا بقلم سالم الحد"
إرسال تعليق