عنوان: رافضون للتطبيع ومدافعون عنه في تونس توفيق المديني
حلقة الوصل : رافضون للتطبيع ومدافعون عنه في تونس توفيق المديني
رافضون للتطبيع ومدافعون عنه في تونس توفيق المديني
أصبح الفنان ميشال بوجناح(وهو كوميدي فرنسي من أصول يهودية- تونسية ،ولد في تونس عام 1952، وقضى طفولته بها، قبل أن يسافر مع والديه إلى فرنسا عام 1963 في ذروة الصراع العربي الإسرائيلي)، الذي سيشارك في عرض له بمهرجان قرطاج الدولي في إطار الدورة 53، يوم 19تموز/يوليو الجاري، في قلب الصراع السياسي والثقافي حول موضوع التطبيع مع الكيان الصهيوني، بل إنه أثار انقسامًاسياسيًا وثقافيًا كبيرًا داخل النخب الفكرية والسياسية وعلى صعيد المجتمع المدني التونسي، بين الرافضين للتطبيع ،والمبشرين والمدافعين عنه.علمًا أنه سبق أن ألغي عرض لبوجناح ضمن فعاليات مهرجان الضحك بتونس العام 2009، بسبب حملة مقاطعة شنت ضده عقب تصريح قال فيه إن إسرائيل «أقرب إليه من كل الشعوب»، كما حمل الفلسطينيين «مسؤولية تعريض أبنائهم» للرصاص الإسرائيلي.
لقد أصدر الرافضون للتطبيع مع الكيان الصهيوني،والمنضوون في إطار المجتمع المدني التونسي بمكوناته التعددية( من نقابات و أحزاب سياسية و جمعيات)،الذي يحتل مركز الطليعة في التصدي لمحاولات الاختراق للنسيج الثقافي التونسي بصورة متفاقمة ومفضوحة من خلال أنشطة و تظاهرات ثقافية رسمية مشبوهة تصبُّ كلّها في اتجاه التطبيع مع الكيان الصهيوني، عدة بيانات سياسية تطالب وزارة الثقافة التونسية بإلغاء عرض بوجناح، على خلفية مواقفه المؤيدة للكيان الصهيوني.وفي هذا السياق أصدر الاتحاد العام التونسي للشغل ، الذي يمثل العمود الفقري للمجتمع المدني التونسي، بيانًا، بخصوص مشاركة الفنان ميشال بوجناح في إحياء سهرات مهرجان قرطاج الدولي، ورد فيه ما يلي: «إنّ المكتب التنفيذي الوطني للاتحاد العام التونسي للشّغل ، كما وقف في وجه زيارة مجرم الحرب أريال شارون إلى تونس وندّد بالمجازر التي يرتكبها الصهاينة كلّ يوم ضدّ الفلسطينيين وعلى كل شبر من الأراضي العربية، وناصر الأسرى في السجون الصهيونية في إضراب الكرامة،فإنّه يدعو إلى إلغاء عرض الكوميدي ميشال بوجناح على مسرح قرطاج وفي كل المسارح، لا باعتبار ديانته اليهودية، فاليهودية مكوّن من المكوّنات الثقافية والتاريخية في تونس وفي غيرها من البلدان العربية ولنا من اليهود مناضلين وطنيين لا يشكّك احد في وطنيتهم مثل جورج عدة وغيره، إنّما لمواقفه الصهيونية ولمناصرته لكيان عنصري فاشي ووقوفه إلى جانب السفّاح شارون وقيادته مظاهرات داعمة له، فضلا عن تهافته الفنّي وخواء المضامين التي يقدّمها..».في حين دافع المبشرون عن التطبيع مع الكيان الصهيوني، عبر ناطقهم الرسمي ممثلا بمدير مهرجان قرطاج الدولي السيد مختار الرصاع، بالقول ،أن موعد عرض ميشال بوجناح بالمتحف الاثري بقرطاج يوم 19 جويلية قائم وأنّ كل التذاكر قد نفدت، مشيرًا إلى أنه أعلن خلال الندوة الصحفية الخاصة بهذه الدورة عن برمجة الدورة بما فيها عرض الكوميدي وأن الأمر محسوم ولا تراجع عن قراره.وبيّن الرصاع أن تونس تمر اليوم بأزمة في مختلف المجالات ومن الضرورة البحث عن كل الطرق والسبل للخروج من هذه الأزمة وبالتالي أي شخص مستعد لمساعدة بلادنا في هذه المرحلة خاصة من ناحية السياحة فهو مرحب به حسب تعبيره، كما أشار إلى أن ميشال بوجناح تونسي وأنّ مواقفه من إسرائيل تلزمه لوحده، مضيفا أن الكثيرين لهم مواقف مشابهة وسبق لهم أن دخلوا تونس أمام صمت الجميع.
وينبع موقف الرفضين للتطبيع من المجتمع المدني التونسي لحضور الفنان ميشال بوجناح ،من أنّ إفساح الفضاء الثقافي العمومي ممثَّلاً في مهرجان قرطاج لهذا الكوميدي ذو الأصول التونسية والمقيم في فرنسا، لا علاقة له بالفعل الثقافي ولا بحرية الإبداع، بل هو توفير مجاني لهذا الفضاء لصالح مدافع عن قتل الأطفال الفلسطينيين كي يمرّر فيه خطابه العنصري البغيض، وليبثّ دعايته السامّة ولتبرير وتمجيد الاحتلال والاستعباد..
ومن الواضح أن المجتمع المدني التونسي، في ردّه على مواقف المبشرين و المدافعين التونسيين عن التطبيع ، والمؤيدة لقدوم بوجناح، يقيم تمييزًا وضحًا بين الاعتقاد الديني الخاصّ وبين الالتزام السياسي العامّ، و بالتالي بين اليهودية كدين وبين الصهيونية كأيدولوجيا وكمشروع سياسي استعماري استيطاني توسّعي في فلسطين. وهو التمييز الصارم الذي يفصل لدى مكونات المجتمع المدني التونسي بين المُنضوي في المشروع الصهيوني وبين المناهض له ضمن اليهود، بين بوجناح و ماسياس وغيرهما من جهة، و بين جورج عدّة وابراهام سرفاتي وغيرهما من جهة ثانية.فالجنسية التونسية لا تُشرّعُ لحاملها مهما كان معتقده الديني، أن يكون خائنًا أو قاتلاً أو مدافعًا عن القتلة وأن يُجازى على جرائمه عملة صعبة من المال العام . كما أنّها لا تُبرّرُ له أن يُمارس او يُدافع عن إرهاب جماعة أو إرهاب دولة، وأن يُمارس او يُدافع عن سياسات عنصرية، وأن يُناصر أو يُدافع عن احتلال واضطهاد شعب و اقتلاعه من أرضه.
إن التطبيع كما يستدل من السياق الذي نشأ منه اللفظ – المصطلح، أو الرمز،هو تطبيع سياسي وعسكري واقتصادي وثقافي وحقوقي، بين الأنظمة العربية والكيان الصهيوني ،وعلاقة حسن جوار، وتعايش مع العدو القومي الذي هو في طريقه إلى أن يصبح شريكاً وحليفاً وصديقاً، إن لم يكن قد أصبح كذلك في نظر بعض الحكام العرب في ضوء الأزمة الخليجية الراهنة، من دون أن يتخلى عن تهويد القدس وكل فلسطين، واستمرار تفوقه العسكري الاستراتيجي والنوعي على جميع الدول العربية منفردة، وعلى أي تحالف عربي محتمل، دون أن يتخلى عن امتيازاته أو يغير في وظيفته وبنيته .
وتنبع الفكرة الإيديولوجية الأعمق للمبشرين و المدافعين عن التطبيع مع الكيان الصهيوني من النخب الفكرية و الثقافية و السياسية التونسية و العربية ، من محاولة هؤلاء طمس الهوية العربية - الإسلامية للمنطقة العربية، معتبرين إياها أنها مساحة جغرافية تعاني من محنة الهوية، وبلا هوية حضارية، ولذلك يندفعون بقوة انطلاقاً من استغلالهم أزمة الهوية أوعقدة الهوية في العالم العربي التي يعانيها العرب الآن لتسويغ وجود الكيان الصهيوني على أرض العرب، وقبول التطبيع معه،باعتباره دولة موجودة في الإقليم الشرق أوسطي نفسه.
فالمدقق في هذا المفهوم « الشرق أوسطي » الذي يروج له المبشرون والمدافعون عن التطبيع ،من الذين لهم مصالح تجارية واقتصادية،ونفع ذاتي،ومصالح ضيقة،وقصر نظر سياسي، ومن المتذمرين من فساد أحوال مجتمعاتهم، ومن المنظرين » للتغريب « الثقافي ولمفهوم » الكونية « يرى فيه سياسة تستهدف تحقيق السلام بين الكيان الصهيوني والدول العربية، بما يعني ذلك إنهاء حالة الحرب والعداء، والاعتراف بشرعية الاحتلال الاستيطاني لفلسطين، وإقامة علاقات سياسية واقتصادية وتجارية طبيعية معه، وإنهاء حالة المقاطعة الاقتصادية العربية له.
وتعلق النخب الفكرية و الثقافية التونسية المدافعة عن الأيديولوجيا النيوليبرالية الأميركية، وبالتالي عن التطبيع مع الكيان الصهيوني، ومعها الطبقة الرأسمالية الطفيلية المندمجة في نظام العولمة الليبرالية، والتي تجد في حزبي الإئتلاف الحاكم (النداء و النهضة)خير ممثل سياسي لها،آمالاً كبيرة على الوفود السياحية الصهيونية لزيارة المناطق السياحية التونسية،و على جلب الصهاينة الأثرياء من أصل تونسي أموالهم الوفيرة و استثمارها في بلدهم الأم و الاستفادة من خبرتهم والتجارية ، وكذلك توفير إمكانات لتدفق الاستثمارات الأوروبية و« الإسرائيلية » إلى تونس ،لاسيما بعدأن أصبح الاتحاد الأوروبي أقسى بكثير خلال السنوات الأخيرة على صعيد الشروط التي يضعها للتعاون الاقتصادي ، مشددا ً الربط بين شروطه ، وهي التطبيع مع الكيان الصهيوني،وشروط صندوق النقد الدولي ، فضلاً عن الضغوطات التي مارسها النواب الأمريكيون على رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد الذي قام بزيارة لواشنطن مؤخرا، حين دعوا إلى رفض تونس جميع القرارات التي تدين إسرائيل بالمنظمات الدولية.
وهكذا المادة رافضون للتطبيع ومدافعون عنه في تونس توفيق المديني
هذا هو كل المقالات رافضون للتطبيع ومدافعون عنه في تونس توفيق المديني هذه المرة، ونأمل أن توفر فوائد لكم جميعا. حسنا، أراك في وظيفة أخرى المقال.
كنت تقرأ الآن المقال رافضون للتطبيع ومدافعون عنه في تونس توفيق المديني عنوان الرابط https://notscrets.blogspot.com/2017/07/blog-post_508.html
0 Response to "رافضون للتطبيع ومدافعون عنه في تونس توفيق المديني"
إرسال تعليق