عنوان: قراءة في نتائج الباكالوريا: بقلم يوسف بن موسى
حلقة الوصل : قراءة في نتائج الباكالوريا: بقلم يوسف بن موسى
قراءة في نتائج الباكالوريا: بقلم يوسف بن موسى
(هذه المقولة الديكارتية يمكن نقدها من وجهة نظر جماعة الجينوم الثقافي أو من وجهة نظر مدرسة الاثنوغرافيا والأنثروبولوجيا الألمانيّة والاستشراقيّة عموما.)
" إن النبوغ الفردي لا يمكن أن يتخذ معيارا في تقييم نتائج التعليم، وإن المعيار الحقيّقي للتفوّق والرقيّ هو نسب النجاح المسجّلة في كلّ جهة والتي تعكس مدى استقرار العمليّة التربويّة ورسوخ التقاليد التعليميّة واستمراريّة النسق المؤسساتي المُحقّق للنتائج الجيّدة "
...
في الجدول الأوّل نجد عملية جرد لنوابغ الباكالوريا حسب جهاتهم في السنوات الخمس الماضية أين نجد تعادلا ب7 مرات بين ولايتي صفاقس وسوسة ثم ولاية تونس ب5 مرات فولايتي المنستير ونابل ب4 مرات ثم تأتي بنزرت ب3 مرات فالمهدية وباجة والقيروان وأريانة وبن عروس وسليانة بمرة واحدة لكلّ منها.
تفسير ذلك يعود إلى عدّة عوامل من بينها انتشار مؤسسات التعليم النموذجي في هذه الولايات.
وكذلك استقرار الفئة المرفهة من الشرائح الاجتماعيّة العليا التي تنفق بسخاء من أجل التعليم وتوفّر لأبنائها كل الظروف المشجعة على النجاح فكبار موظفي الدولة والقضاة والمحامون والأطباء والإطارات العليا ورجال الأعمال ومدراء الشركات والهيئات يستقرون في المدن الكبرى (صفاقس سوسة المنستير تونس أريانة)، وأمّا إطارات الجهات الداخليّة وموظفوها السامون وأطباؤها وقضاتها ورجال أعمالها فينزحون نحو الجهات الساحلية والمدن الكبرى بحثا عن ظروف أيسر للعيش ونظرا لأن أعمالهم ووظائفهم تحتّم عليهم ذلك فينتج عن ذلك انخرام في مستوى النتائج إذ تتدنى نتائج ولاياتهم الأصليّة والتي هي متدنيّة بطبعها، وترتفع نتائج الولايات التي ينزحون إليها والتي هي مرتفعة بطبعها.
إنّ اختلال المنوال التنموي برمّته منذ 19566 وقبله منذ قرطاج، ساهم في اختلال مؤشرات التنمية بين الولايات الداخليّة والشريط الساحلي سواء في نسب البطالة أو نسب الفقر ونسب الهجرة والحصيلة الديمغرافيّة ونسب التحضّر أو نسب التمدرس أو الأمّية أو نتائج الباكالوريا أو الوضع الصحي أو الطرقات والبنية التحتيّة أو النتائج الرياضيّة (الفرق الكبرى الأربع تعكس الكيفية التي يتوزع بها النفوذ المالي والسياسي في البلاد: فريقان من العاصمة وفريق من سوسة وفريق من صفاقس).
....
صفاقس متميّزة باستقرار نتائجها وريادتها المستمرة والراسخة على مستوى المراتب الأولى في النتائج الوطنيّة للباكالوريا، وأما تفوّق أبنائها الأربعة هذه السنة فليس مستغربا ولكنه ليس مؤشّرا دالا في سياق العملية التربويّة والدليل على ذلك أن صفاقس غابت سنتين متتاليتين عن التفوق والنبوغ (وليس ذلك عيبا).
وعليه يجب أن يكفّ الناس عن اتخاذ الأحكام المعيارية والانطباعيّة حول سكان البلاد التونسيّة انطلاقا من نتائج البكالوريا وتصنيفهم إلى أغبياء اصالة وأذكياء أصالة، فالذين يمدحون نبوغ أبناء صفاقس ويردّونه إلى جينة محليّة هم ذاتهم مدحوا نبوغ سوسة سنة 2015.
لاحظوا معي أن ولاية اريانة متفوّقة في مستوى النسب العامة للنجاح فغالبا ما تحرز المرتبة الثالثة أو الرابعة على أقصى تقدير ولكّنها طيلة خمس سنوات وعلى 35 حالة نبوغ (7 شعب ضارب 5 سنوات) لم تحرز إلاّ مرتبة أولى واحدة هذه السنة بالتناصف مع ولاية نابل والغريب أن أريانة هذه السنة تقهقرت عن رتبتها الثالثة التي حجزتها لنفسها طيلة سنوات.
إنّ الدول تبنى باستقرار المؤسسات وتفوّق الأنساق وليس بنبوغ الأفراد الذين عادة ما تختطفهم المؤسسات التعليمية العالمية ثم توظّفهم الشركات العابرة للقارات أو الهيئات الدوليّة ثم يعودون إلى البلد بعد عقدين من الزمن منتفخين بالمال والخبرة الإداريّة الكاذبة تكنوقراطا منقطع الجذور همهم تحقيق المكاسب
الفرديّة ولو بربط البلد بدوائر دوليّة نافذة.
- أما أكذوبة المعاهد النموذجيّة: فمن أصل 35 حالة تفوّق أحرز أبناء المعاهد النموذجيّة المراتب الأولى 13 مرّة أي بواقع خُمسيْن أو 39% في المئة فقط، حتى وإن حذفنا شعبتي الآداب والرياضة غير المتوفرتين بالنموذجي نجد أن أبناء المعاهد النموذجيّة أحرزوا 13 موقع ريادة من أصل 25 موقعا بينما ذهب 12 موقعا رياديا إلى أبناء المعاهد الثانوية العاديّة، ولذلك وجب طرح السؤال بشجاعة عن جدوى مؤسسات المتفوقين والتي تكرّس التفاوت الطبقي التعليمي وتخرق مبدأ تكافؤ الفرص.
- يجب تحليل معطيات التوزيع الجندري للمتفوقين وللناجحين من الجنسين وتفسير التفاوت بين الشعب واحتكار الشعب العلمية للمتفوقين من التلاميذ منذ التوجيه الأوليّ في السنة الأولى ثانوي.
...
مبروك لجميع الناجحين والعاقبة لبقيّة التلاميذ والجهات.
الوضع التعليمي يحتاج مجلّدات لتحليله فقط هذه نوافذ فتحناها للتفسير
(الله غالب باش نوسع بالي نكتب بخلت والسحور يداهمنا وسخانة وما عينيش...)
وهكذا المادة قراءة في نتائج الباكالوريا: بقلم يوسف بن موسى
هذا هو كل المقالات قراءة في نتائج الباكالوريا: بقلم يوسف بن موسى هذه المرة، ونأمل أن توفر فوائد لكم جميعا. حسنا، أراك في وظيفة أخرى المقال.
كنت تقرأ الآن المقال قراءة في نتائج الباكالوريا: بقلم يوسف بن موسى عنوان الرابط https://notscrets.blogspot.com/2017/06/blog-post_7289.html
0 Response to "قراءة في نتائج الباكالوريا: بقلم يوسف بن موسى"
إرسال تعليق