عنوان: عن ضعف الرئاسة وعقدة الثورة و«جنرالات البرلمان»! محمد عبد الحكم دياب
حلقة الوصل : عن ضعف الرئاسة وعقدة الثورة و«جنرالات البرلمان»! محمد عبد الحكم دياب
عن ضعف الرئاسة وعقدة الثورة و«جنرالات البرلمان»! محمد عبد الحكم دياب
واللافت للنظر في أغلب المواجهات أنها تستهدف الطبقة الوسطى والقوى الحية والنشطة غير الخاملة، وتميزها بوعيها وبقدر كاف من المعرفة بشؤون الحياة، وهو ما يؤهلها للمشاركة وإيجاد حلول للأزمات التي تتعقد يوما بعد يوم، وما يحدث هو العكس تماما وتستورد الرئاسة خبرات وعقول كما تستورد السيارات المصفحة لتأمين رجال الدولة، وهذا يكشف مستوى التخلف المهيمن على صناع القرار.
وتلك المواجهات تخطت مرحلة «التأديب»، وتطرقنا إليها سابقا، وانتقلت الرئاسة إلى التنكيل والانتقام من جمهور الثورة العريض، وهو الذي ملأ شوارع مصر بالملايين في يناير 2011 ويونيو2013. والضعف الشديد للرئاسة يثير الرثاء، والسبب هو «الانفصام» الذي تدار به الدولة؛ لها وجه ناعم، تتعامل به مع عناصر منتقاة من جنرالات الشرطة والجيش السابقين والحاليين، وكلهم لا يزيدون عن عشرة آلاف شخص؛ وهم موزعون على مجلس النواب وكبار المسؤولين وشباب البرنامج الرئاسي؛ وأباطرة المال وكبار «مافيا الأراضي»، وحملة مفاتيح «الصناديق الخاصة»، وتحوي «كنوزا»؛ لحساب الإقطاع الحكومي ومؤسسة الرئاسة؛ القادرة دوما على تلبية مطالب لعناصر بعينها من بين الفقراء والمعدمين.. وهي عناصر تعامل بنعومة بالغة.
والخشونة المفرطة من نصيب الشباب الذي حمل راية الثورة ومن نصيب من استجاب لندائها وانضم إلى صفوفها، أغلبهم حُوكم واختفى، ومنهم من هرب، ومن بقي أودع المحابس والسجون؛ تسديدا لفاتورة الخروج إلى الشوارع وإسقاط حكم مبارك بكل ما كان فيه من فساد وعفن وانحراف، وبدلا من نيل التقدير؛ كان عليهم تسديد ما عليهم لحساب الثورة المضادة. والتجربة التاريخية تؤكد أن الرئاسة الضعيفة تتخلى عن استقلال بلدها بسهولة، ولا تستطيع حماية نفسها أو الدفاع عن أرضها وشعبها.
وهذا يحدث في زمن حاكم أمريكي وضع قائمة أسعار لشراء الحماية؛ مثله مثل أي قاطع طريق أو بلطجي، أو مندوب شركة للأمن في أحسن الأحوال، ووجدتها الرئاسة المصرية الضعيفة فرصة للعودة إلى الحضن الأمريكي البارد عن ذلك الطريق؛ وبادرت السعودية، بما تملك من سيولة وفوائض ودفعت الثمن مقدما، وهذا غير متاح أمام الرئاسة في القاهرة؛ فماذا عساها أن تفعل؟
وكما تنازلت الرئاسة لمافيا الاستيلاء على أراضي الدولة، وشرعنت لها ما سرقته مقابل المال، فما المانع من بيع مصر بالقطعة وفقا لقائمة أسعار ترامب!!.
والرئاسة الضعيفة جاءت والوضع الفلسطيني حرج للغاية؛ إدارة أمريكية رافضة لحل الدولتين، الذي توافق عليه «المجتمع الدولي»، والفلسطينيون يتعرضون للابتزاز والترهيب مع بدء تنفيذ الحلف الاقليمي الجديد (الناتو المصغر)، الذي تقوده السعودية، ويضم مصر والأردن والدولة الصهيونية؛ إضافة إلى دول عربية وإسلامية أخرى؛ يُعطي أولوية للحرب ضد إيران على أسبقية الحل العادل للقضية الفلسطينية؛ «المهمة المؤجلة» من وجهة نظر الحلف الجديد، وتعويضا عن تراجع واشنطن عن حل الدولتين فقد تُسْتَقْطع أراضي من سيناء لإقامة «دولة مؤقتة» في غزة مع أجزاء من سيناء، وكانت تيران وصنافير اختبارا لمبدأ «تبادل الأراضي»؛ المنصوص عليه في المشروعات الصهيونية لتصفية القضية الفلسطينية.
وضعف الرئاسة واكب تراجع القدرة الفلسطينية على المقاومة بالصورة التي كانت عليها حتى غزو بيروت في 1982، وهو ما مكن تل أبيب من التوسع في الاستيطان وبناء إمبراطوريتها المزمعة من المحيط إلى الخليج، بعد أن كانت من الفرات إلى النيل!!.
وضعف الرئاسة قد يفسر ظاهرة الانفصام في التصرفات الرئاسية، وكأن هناك شخصين؛ كل واحد يتصرف بمعزل عن الآخر، وفهم ذلك ليس في علوم السياسة، بل من خلال علوم النفس والسلوك وأخصائي الأعصاب، وقد يكون كل ذلك غير صحيح لأنه رصد عن بعد، ومن الممكن أن يكون وراء الأكمة ما وراءها!!
و«فتنة الجزيرتين»، ترجمة لذلك السلوك؛ وجدت من أيقظها وروج لها، ويتحمل المشير السيسي المسؤولية الكاملة عنها، وكان ذلك واضحا من اعتماده على «جنرالات» الجيش والشرطة السابقين؛ أعضاء مجلس النواب، الذين يصرون على حمل رتبهم العسكرية والشُّرطية داخل المجلس، وفي حياتهم الوظيفية والمدنية. والتمسك بهذه الرتب بعد ترك الخدمة؛ سلوك معيب وغير دستوري، ويستوجب استصدار قانون يجرم ذلك بما فيه من إفساد للمؤسسات وترويع العاملين المدنيين.
ولو لم يصدر المشير السيسي أوامره «الشفهية» للتعامل مع هذه الفتنة بالصورة التي يرتضيها ما قام «الجنرالات» بمهمة «شيطنة» من خالف الرئاسة، وقد اقرت أنها استعانت برأي المخابرات العامة والمخابرات العسكرية وقيادة الجيش، وقصرت الرأي على جهة تنفيذية واحدة دون باقي مؤسسات الدولة، وهو ما ايقظ الفتنة، وما صاحبها من ترويع؛ تولاه «جنرالات» النواب والأحزاب والصحافيين والإعلاميين «الأمْنَجِيٌة».
وتطرق الكاتب الصحافي عبد الناصر سلامة في عموده بصحيفة «المصري اليوم»، إلى «حزب اللواءات»، وقال: إنه يضم في عضويته عدداً كبيراً من اللواءات وأسرهم، ثم بعض المدنيين ذراً للرماد في العيون، وهم لواءات متقاعدون، تركوا الخدمة وارتدوا البدلة المَلَكي، إلا إنهم لن يقبلوا النداء عليهم… كبقية خلق الله أو بقية أعضاء الحزب، لابد أن تناديه بسيادة اللواء أو على أقل تقدير، إذا كان قادماً من المنظومة الشُرطية يبقى سعادة الباشا. أما من هم على الجانب الآخر فلن يقبلوا حتى بسعادة الباشا.
ويضيف سلامة؛ مع بداية طرح قضية تيران وصنافير قبل عام توقع أنه سوف يتم إغلاقها بالضبة والمفتاح، بمجرد وصولها البرلمان. لن يكون مطلوباً أي جهد إعلامي أو شعبي في هذا الصدد، ذلك أن هناك من اللواءات الكثيرين الذين سوف يتصدون لأي محاولات من شأنها التنازل عن الأرض، لقد نشأوا على ذلك وترعرعوا تحت هذا الشعار، بل قضوا حياتهم كاملة من أجل تحقيق ذلك الهدف، وهو حماية تراب الوطن، عدم التفريط، عدم التنازل، عدم الانسحاب، التمسك بالأرض أياً كانت الذرائع، إلا أنها كانت الفاجعة. ويواصل؛ كل المؤشرات والإحصائيات والاستطلاعات أكدت أنهم كانوا الأكثر تنازلاً وتسليماً داخل البرلمان، أو حتى خلال المناقشات التلفزيونية، ومع الجماهير.
بصراحة توقفتُ أمام هذه الظاهرة طويلاً أياماً وليالي إلى أن كانت الإجابة أو التوضيح ممن هو أكثر خبرة قال لي: هم أمام تعليمات أو أوامر أشبه بالتي كانوا يحصلون عليها خلال سنوات الخدمة، لا يمكنهم تكسير الأوامر أو رفضها، لأي سبب؛ ذلك أنها تربية جبهة القتال، التي لا يجوز فيها المناقشة أو إبداء الرأي..
وهكذا أيقظ المشير السيسي فتنة الجزيرتين وأشعل فتيلها جنرالات البرلمان!!.
--
وهكذا المادة عن ضعف الرئاسة وعقدة الثورة و«جنرالات البرلمان»! محمد عبد الحكم دياب
هذا هو كل المقالات عن ضعف الرئاسة وعقدة الثورة و«جنرالات البرلمان»! محمد عبد الحكم دياب هذه المرة، ونأمل أن توفر فوائد لكم جميعا. حسنا، أراك في وظيفة أخرى المقال.
كنت تقرأ الآن المقال عن ضعف الرئاسة وعقدة الثورة و«جنرالات البرلمان»! محمد عبد الحكم دياب عنوان الرابط https://notscrets.blogspot.com/2017/06/blog-post_1697.html
0 Response to "عن ضعف الرئاسة وعقدة الثورة و«جنرالات البرلمان»! محمد عبد الحكم دياب"
إرسال تعليق