عنوان: ملاحظات سريعة حول اتفاق ليلة أمس بين معتصمي الكامور والحكومة بوساطة الطبّوبي بقلم غسان بن خليفة
حلقة الوصل : ملاحظات سريعة حول اتفاق ليلة أمس بين معتصمي الكامور والحكومة بوساطة الطبّوبي بقلم غسان بن خليفة
ملاحظات سريعة حول اتفاق ليلة أمس بين معتصمي الكامور والحكومة بوساطة الطبّوبي بقلم غسان بن خليفة
- اتفاق كهذا كان متوقّعًا منذ حوالي شهر ونصف. أي منذ ان وافقت تنسيقية الاعتصام على التخلّي عن مطلبيْ : 20 بالمائة من مداخيل البترول لصالح التنمية المحلية ونقل مقرات الشركات من العاصمة الى تطاوين، والاقتصار على المطالب المتعلّقة بالتشغيل.
وهو بالأساس تحسين لمسودّة الاتفاق الذي سبق أن وافقت عليه التنسيقية قبل حوالي شهر. وجاء التحسين نتيجة لرفض جزء من المعتصمين لتلك المسودّة واصرارهم على تحسين المكاسب وتصعيدهم عبر نقل اعتصامهم الى محطات الضخّ، وما تلا ذلك من قمع أمني واستشهاد أنور السكرافي.
- لا يمكن عدم ابداء الأسف لوقوع ما تخوّفنا منه في حملة ’إسناد’ أثناء زيارة وفدنا للمعتصمين في غرّة ماي المنقضي. إذ لمسنا وقتها بداية هذا التوجّه لدى التنسيقة، وهو ما كان يتعارض مع الخطاب السائد لدى عموم المعتصمين ومفاده أنّ الاعتصام يندرج في سياق "معركة التحرّر الوطني" و"استرداد السيطرة على الثروة" و"حقّ الجهات في التمييز الايجابي" والخ.
وقد نبّهنا في حينه قيادة الاعتصام لما قد يكون لهذا التوجّه من تداعيات سلبيّة : تحديدا ضرورة الاستفادة من دروس انتفاضة الحوض المنجمي، والخوف من أن يتحوّل الصراع الى داخل المعتصمين وأبناء المدينة حول من له أحقّية الشغل قبل غيره، وما قد يؤدي اليه ذلك من إذكاء للنزعة العروشية والمناطقية. وكذلك نوعيّة مواطن الشغل المقترحة (الجميع يعرف أنّ ما يسمّى بشركات البستنة والبيئة هي مجرّد حلول تسكينية مؤقتة لتبريد الاحتجاجات لا غير). كذلك، التركيز على مواصلة التعويل على الصناعة الاستخراجية الملوّثة للبيئة عوض التفكير في النهوض بالفلاحة (فالماء متوفّر بالمنطقة رغم مناخها الصحراوي) وتنويع النسيج الصناعي للمنطقة.
- ولاحظنا للأسف وجود نزعة "انعزاليّة" نسبيا لدى جزء مؤثر من قيادة الاعتصام، ونفورهم المفهوم - لكن المبالغ فيه بسبب ما فيه من تعميم مخلّ - من كلّ الأحزاب والمتسّيسين. وهو ما قد يكون ساهم في افتقاد الاعتصام للأفق السياسي الأوسع، الذي كان من شأنه أن يجعله في قلب معركة أكبر على المستوى الوطني حول "حقّ الجهات المهمّشة في التمييز الايجابي" وحول "كيفية التصرّف في الثروات الطبيعية".
إذ أنّ أهمّ مطالب الاعتصام بتقديري كان تجسيد مبدأ التمييز الايجابي للجهات المهمّشة عبر اقتطاع نسبة من مداخيل الثروة الطبيعية المستغلّة محليًّا. وكذلك طلب نشر عقود الاستغلال وإرساء آلية تحقق الشفافية في قطاع الطاقة.
- الاّ أنّه لا يمكن بالمقابل التعامل مع ما وقع تحقيقه من مطالب بالسلبية المطلقة. فالمعتصمون حصلوا على ما يعتبرونه أولويتهم الأولى وهو الحصول على شغل. وهذا مكسب بلا شكّ، بغضّ النظر عن التفاصيل. إذ أنّ هزيمتهم وقبولهم برفع الاعتصام اثر هجمة قوّات القمع، كان سيؤدّي الى نتائج كارثية معنويا وسياسيا. وقدرتهم على الاستمرار والصمود طيلة ثلاث شهور هو درس بليغ وانتصار ملهم لبقية الحركات الاجتماعية بالبلاد.
- كذلك لا يجب اغفال أهميّة تحقيق مطلب صندوق التنمية المحلّية والترفيع في قيمة رأس ماله الى 80 مليون دينار. ولا شكّ أنّ المهمّ في هذا الموضوع هو مبدأ احداث الصندوق في حدّ ذاته وليس المبلغ، الذي يبقى هزيلا بالنظر الى ماتحقّقه شركات الطاقة من أرباح طائلة. لكن يبقى السؤال المحوري حول كيف ستكون إدارة هذا الصندوق وآليات اختيار وتنفيذ المشاريع التنموية.
- تواصل دور "المطافئ" الذي تقوم به القيادة البيروقراطية المتحكمة في اتحاد الشغل. فبعد أن ظلّت المنظمة تنأى بنفسها عن اعتصام الكامور، بل وبعد أن اعترض الطبّوبي نفسه سابقا على "أسلوب تعطيل الانتاج" (وكأنّه أمين عامّ منظمة الأعراف لا الشغّالين)، تقدمّ لايجاد حلّ للمأزق الذي وقت فيه الحكومة ومن ورائها الشركات من جهة، وكذلك لتنسيقية الكامور، التي حصرت نفسها في أفق مطلبي ضيّق (لا يتناسب برأيي مع التضحيات البطولية للمعتصمين) ومحتاجة لتحقيق انتصار تنهي به الاعتصام الذي استنزف ولم يعد ممكنا استمراره لفترة أطول.
أخيرًا، رغم كلّ التحفظات الممكنة حول الاتفاق وحول آداء قيادة الاعتصام، لا يمكن سوى الوقوف اجلالا واكبارا لنضال وتضحيات معتصمي الكامور، ولما أحاط بهم من التفاف شعبي رائع في #تطاوين. وخاصّة عدم اهتمامهم بكلّ ما تعرّضوا اليه من تشويهات وافتراء من أبواق السلطة ورأس المال (وحتى من بعض من يحسبون أنفسهم "تقدميين").
ولا بدّ كذلك برأيي من أن نسجّل مجدّدا الاستنتاج التالي فيما يخصّ "الحراك الاجتماعي" بالبلاد: تعزّز التجربة الميدانية واستمرار التراكم الكمّي النضالي للحركات الاجتماعية. وخاصّة تأكّد بداية التحوّل النوعي النسبي المتمثل في استهداف المركز الحقيقي للسلطة: منظومة الانتاج الرأسمالي.
وهكذا المادة ملاحظات سريعة حول اتفاق ليلة أمس بين معتصمي الكامور والحكومة بوساطة الطبّوبي بقلم غسان بن خليفة
هذا هو كل المقالات ملاحظات سريعة حول اتفاق ليلة أمس بين معتصمي الكامور والحكومة بوساطة الطبّوبي بقلم غسان بن خليفة هذه المرة، ونأمل أن توفر فوائد لكم جميعا. حسنا، أراك في وظيفة أخرى المقال.
كنت تقرأ الآن المقال ملاحظات سريعة حول اتفاق ليلة أمس بين معتصمي الكامور والحكومة بوساطة الطبّوبي بقلم غسان بن خليفة عنوان الرابط https://notscrets.blogspot.com/2017/06/blog-post_1072.html
0 Response to "ملاحظات سريعة حول اتفاق ليلة أمس بين معتصمي الكامور والحكومة بوساطة الطبّوبي بقلم غسان بن خليفة"
إرسال تعليق