عنوان: اللقاء بين النقيضين: السلفي والإمبريالي لتدمير الثقافة العربية بقلم سيد شبل
حلقة الوصل : اللقاء بين النقيضين: السلفي والإمبريالي لتدمير الثقافة العربية بقلم سيد شبل
اللقاء بين النقيضين: السلفي والإمبريالي لتدمير الثقافة العربية بقلم سيد شبل
لا أشك لحظة أن على قائمة أسباب استهداف سورية لدى المُخطِط الخارجي، هو إنتاجها الفنّي، وكونها تضرب، رغم أي ملاحظات جادة، نموذج حضاري وعصري ما.. وانهيار مثل تلك العواصم العربية العصرية والمتطوّرة يعني تحوّل العرب فورًا إلى مستقبلين لإنتاج الغير(والغير سيعني أوتوماتيكيًا: هوليود)، لأن الصعود العربي لا يأتي إلا في إطار استقلالي (بالضد من الناهب الدولي لا بالتصالح معه)، والمستقل هو ذاته مُنتج الفن لأنه أمارة على المشروع الصاعد وطريق إليه، والمستقل هو وحده القادر على الانفتاح على إنتاج العالم (كعالم.. من شرقه إلى غربه.. من كوريا إلى بوليفيا../ يوم أن يملك العرب مشروعهم ستجد دور السينما تعرض أفلامًا من كوريا الشمالية وإيران وكوبا والصين وروسيا.. وإلخ)، أما الهابط فهو التابع متدثّر بطرح سلفي جامد، وهو الذي يتحرك باعتبار العالم (هو الولايات المتحدة الأمريكية، على المستوى الثقافي.. ويدمج معها غرب أوروبا واليابان على المستوى الاقتصادي..)، لذا ليس مصادفة أبدًا أن تكون القناة التي تتولّى بحماس منقطع النظير الترويج للإنتاج السينمائي الأمريكي هي ذاتها المملوكة لأفراد من عائلة وأقارب فهد آل سعود الملك السعودي الراحل: "إم بي سي 2"، بمعنى أن النظام السعودي الذي عطّل، بالتحالف مع الوهابية والمتعصبين الدينيين عامة، إمكانية أن يطوّر الشعب العربي في الجزيرة أدواته بغرض إنتاج فن عربي جزيري متأثر بمحيطه المصري أو السوري كأمر طبيعي، ويعبّر عنه وعن مشكلاته (وهو كان أمر ممكن جدًا)، هو ذاته النظام الذي كثّف من متابعة العرب للإنتاج الفنّي الأمريكي، وقدّمه على أنه وحده الأجنبي، وانتقى أفضله، لكي يتصور المتابع أن هوليود لا يخرج منها إلا هذا الفن المُحترف والماهر (دومًا ستجد هذا اللقاء بين النقيضين: السلفي والإمبريالي). لا أحد يمكن أن يجادل في احترافية الإنتاج الفني الأمريكي، ولكن المجادلة هي في موضوعاتهم، أولًا، وفي أن نبقي في طور المتلقي بسبب السلفية المُتحجّرة المتحالفة مع الغازي، أو المُخدّمة على مشروعه إذا ثبتنا قلّة الوعي.
في المقابل ثمّة ليبرالاوي حداثاوي غرباوي ستجده يسب العرب لأنهم متأخرون في المجال الفني، وهو ذاته من وضع يده، لست سنوات، في يد الجولاني والبغدادي والصلابي وبلحاج وبندر بن سلطان وحمد بن جاسم وهيلاري كلينتون وترَمب ونتنياهو.. كأن هؤلاء ليسوا سبب مركزي في تعطّل عجلة الإبداع والتطوّر، أو كأن حلفاؤه السلفيون (الذين كان يعيش عدد من مشايخهم في بريطانيا وألمانيا حتى وقت قريب) سيعزفون في الأوبرا بعد انتهاء الحرب!. وغالبًا هذا النوع ستجده غير متذوّق للفن، ومشروعه جنساني/غرائزي بالأساس، وسيكون من صنف المثقفين الذين قال عنهم هادي العلوي: "أنهم مأخوذون بالخساسات الثلاث: المال والجنس والجاه ويجعلونها من صميم العمل الثقافي"، لذا قلّما تحترمهم السلطة، وقلّما يتجاوب معهم الجمهور.
---
هامش:
* شخصيًا لا أحمل رفضًا لأي إنتاج فني طالما مُحترف ومبذول فيه جهد، إلا لو حمل طابعًا سياسيًا (كأن يكون صهيونيًا أو مروّجًا لهيمنة الأمريكي على العالم بأي درجة)، أو أتى محمولًا على جناح مشروع للاستلاب، أو رغبة في تسييد الآخر عليّ.. والأزمة في الفن التركي اليوم، هي هنا بالضبط: "أنه صدى لمشروع هيمنة وحامِل له"، واستفاد من الفراغ العربي الحاصل بسبب طفو آل سعود على سطح المشهد العربي برعاية وتخطيط غربي، وتخريبهم كل العواصم التي كانت من الممكن أن تصمد وتمثّل رافعة للمشروع. باستثناء ذلك فالإنتاج الفني التركي كالفارسي، مُعتبَر، كونه لبلد جار بالجغرافيا وشريك بالتاريخ.. وهذا يؤسس لاتصال بالحاضر مضبوط بعاملي: الشراكة والنديّة.
** أدلّ شيء على قرابة مصر وسورية (وعموم الشام)، وأن العروبة ليست شعارات، هو الذوبان السريع للسوريين اللاجئين في مصر (هل كان من الوارد أن يحدث ذلك بسهولة لولا وحدة اللغة والرابط الثقافي والقرابة الجغرافية والتاريخ المشترك والملامح القريبة؟)، وكذلك حجم الدعم المادي والمعنوي الذي قدمه المصريون الشعبيون -بلا مؤسسات- للسوريين، وأفضل أشكال هذا الدعم هو السماح لهم بالذوبان: يسكنون حيث نسكن، ويعملون حيث نعمل، والأبواب كلها أمامهم مفتوحة، وسريعًا ما حصلت حالات مصاهرة. لا مخيمات، ولا أحياء مخصوصة، ولا تحرّج من توظيفهم أو العمل لديهم أو التعامل معهم أو الزواج منهم، ولا ابتزاز للحصول على موقف سياسي أو ديني ما، كما حصل في بعض بلدان أوروبا.
وهكذا المادة اللقاء بين النقيضين: السلفي والإمبريالي لتدمير الثقافة العربية بقلم سيد شبل
هذا هو كل المقالات اللقاء بين النقيضين: السلفي والإمبريالي لتدمير الثقافة العربية بقلم سيد شبل هذه المرة، ونأمل أن توفر فوائد لكم جميعا. حسنا، أراك في وظيفة أخرى المقال.
كنت تقرأ الآن المقال اللقاء بين النقيضين: السلفي والإمبريالي لتدمير الثقافة العربية بقلم سيد شبل عنوان الرابط https://notscrets.blogspot.com/2018/01/blog-post_238.html
0 Response to "اللقاء بين النقيضين: السلفي والإمبريالي لتدمير الثقافة العربية بقلم سيد شبل"
إرسال تعليق